الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : نحو مجتمع ينبذ الهزل السياسى والإخفاق الحزبى والتردى المجتمعى .
يقينا .. كشفت الإنتخابات البرلمانيه عن حقائق كثيره يتعين أن نتوقف أمامها كثيرا وطويلا بالدراسه والتحليل وإستلهام الدروس والنتائج إنطلاقا من صراحه ووضوح وشفافيه بغية التصويب لتحقيق نتائج أفضل تصب فى صالح الوطن الغالى ، لعل أهمها إدراك أن واقعنا السياسى بعافيه ، والحزبى بات فى غرفة الإنعاش ، مرجع ذلك عدم التعاطى السريع مع الإخفاقات ، والنتائج السلبيه التى يعكسها نهج الأداء والذى بات جليا فى تجربة الإعتماد على رجال الأعمال الذين ينتمون لطبقة الأسياد إنطلاقا من ملايين يمتلكونها ، لرسم معالم واقعنا السياسى والحزبى ، والأخطر البرلمان ، ليست ذلك إنطلاقا من خبره مرجعها تجارب الحياه وتحدياتها ، إنما إنطلاقا من ملايين يمتلكونها ، والشباب الذين هم الحاضر وكل المستقبل ، وذلك أيضا فى تصدر المشهد السياسى والحزبى والبرلمانى بلا خبره ، دون ضبط إيقاع سريع وتصويب عاجل ، الأخطر أن تم الدفع بهم فى معترك العمل السياسى بلا حاضنه تتمثل فى أصحاب الخبره ، والتاريخ ، فكان مردود ذلك لاشك كاد أن يكون كارثيا ، والذى تمثل فى هذا الإخفاق الذى طالهم جميعا وكان من نتيجته تلك الحاله من الإلتباس اللامفهوم ، وهذا الترهل السياسى الحادث نتيجة لإنعدام المنافسه بين الأحزاب ، وقبول كل الأحزاب بمبدأ التواجد حتى ولو عبر لافته على المقر ، المهم يكونوا فى الصوره ، وتقزيم دور الأحزاب التاريخيه بما لديها من تجارب وخبرات ، والخضوع الكامل لتصدر أحزاب بعينها المشهد دون منافسه ، فإتسم الأداء جميعه بالضعف الشديد إلى درجة الهزال ، لذا كان من الأهميه تصويب المسلك ، وضبط الٱداء ، والدفع بالخبرات لتصدر هذا المشهد .
عظم من الأزمه أن ظل هذا الوضع مقبولا لمده طويله بلا إمتعاض ، لكن شاءت إرادة الله أن تم التنبه إلى أهمية تصويبه بالكليه ، تأثرا بمايحدث فى وطننا العربى من أحداث جسام هى لاشك جرس إنذار ينبهنا لما يحاك لنا من مؤامرات ، وطمس معالم الحقيقه ، وترسيخ المزايدات ، ولعل مايحدث الآن بالإنتخابات إلا خير شاهد ، يتعاظم ذلك بما يحاصر وطننا الغالى من مؤامرات أطاحت بطموح الشعوب ، وقضت على آمالهم فى التقدم ، أدركنا ذلك فى السودان ، وليبيا ، وفلسطين ، والصهاينه الملاعين ، جعلتنا مهددين فى وجودنا الأمر الذى معه كان من الأهميه أن نعظم الإصطفاف ، ونرسخ التلاحم ، ونتمسك بأن تكون مصر فوق الجميع ، وهذا لن يتحقق إلا بالإخلاص والجهد والعطاء .
إنطلاقا من ذلك كان إدراك أن الممارسه الحزبيه كاشفه للكثير من المنعطفات التى يتعين تصويب المتردى منها ، وإعادة النظر فى بعضها طبقا لنتائجها ، والتوقف أمام نهج الإعتماد على رجال الأعمال لمجرد كونهم يمتلكون المال ، ونهج الدفع بكيانات شبابيه لتصدر المشهد السياسى بلاخبره ، وضرورة أن يتقدم الصفوف قامات رفيعه من أصحاب الخبره ، والعطاء التاريخى ، لذا كان الترحيب المجتمعى بكل عطاء يحقق نتائج تصب فى صالح واقعنا السياسى والحزيى ، كما يتعين أن ننتبه إلى كل مدعى سياسه إخترق الأحزاب ، أو تحايل على ثوابتها ، بالخداع أو بالمال لحجز مقعد سياسى أو برلمانى ، وذلك إنطلاقا من رؤيه وطنيه حقيقيه ، وتعظيم وجود قامات رفيعه تلعب دورا محوريا فىكل الكيانات الحزبيه .
يبقى من الأهمية التأكيد على ضرورة الإنطلاق نحو مجتمع يرسخ للثوابت السياسيه ، والقيم الأخلاقيه ، ويفرض الإحترام وجودا ، وينبذ الهزل السياسى والحزبى والمجتمعى لننطلق بالوطن نحو آفاق التقدم والرقى ، وأهمية الرأى والرأى الآخر فى إطار من الموضوعيه والإحترام ، والحجه والبيان ، وأن نعظم دائما وأبدا الإراده الوطنيه ، هذا مالدى ككاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والأحزاب ، صاحب قلم عصيا على النفاق ، رافضا المذله السياسيه ، لاأدعى أننى أحتكر الحقيقه المطلقه وحدى لكنها رؤيتى التى أطرحها حسبة لله تعالى والوطن ، إنطلاقا من قول الإمام الشافعى «رأيي صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ ، ورأيُ غَيري خَطأ يَحتَمِلُ الصَّوابَ »، وذلك سيرا على درب الفقهاء الذين إتخذوا من هذا القول قاعدة أصولية ينطلقون منها نهجا فى حياتهم . حفظ الله مصرنا الحبيبه .. حفظ الله وطننا الغالى من كل مكروه وسوء .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .
























