الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : مصر الشعب والدوله والرئيس تستطيع إجراء إنتخابات نزيهة ولكن .
لله الأمر من قبل ومن بعد .. الوطن فى أزمه ، والشعب فى تيه ، تعاظم ذلك حين أدرك المواطن أنه لاقيمة لإرادته فى إختيار نواب قادرين على الرقابه والتشريع ، والتعايش مع همومهم ، وتبنى قضاياهم ، لأنهم نوابا رغم أنوفهم ، واليقين أننا لأول مره فى تاريخ الحياه النيابيه نكون أمام برلمان مشكوك في شرعيته ، وطاله العوار ، وبات فاقدا للثقه والإعتبار قبل أن يحلف الفائزين بعضويته عبر قائمة إنتخابيه كارثيه اليمين الدستورى ، ولأول مره فى تاريخ الحياه النيابيه أيضا نجد إجماعا غير مسبوق على فساد الإنتخابات البرلمانيه ، إتسم هذا الإجماع بالمصداقيه عندما أكد الرئيس فى موقف نابع من ضمير وطنى إستخدام الفيتو بحق هذه الإنتخابات ، لما أصابها من عوار ، ويصدر بيانا عبر فيه عن نبض الشعب لذا كان بمثابة إنذار شديد اللهجه لعلى الغفلى يستيقظون ، أكد هذا العوار الهيئة الوطنيه للإنتخابات التى أبطلت الإنتخابات فى 19 دائره ، والمحكمة الإداريه العليا التى ألغته فى 30 دائره ، ليصبح إجمالي الدوائر الملغاة 49 دائرة من أصل 70 دائرة تمثلان دوائــر قائمتى شمال ووسط وجنوب الصعيد وغرب الدلتا التى شملتها المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب ، يبقى من الأهمية التوضيح أن هذا الرقم غير المسبوق يكشف حجم الخلل الذى أصاب العملية الإنتخابية ، ويفتح الباب أمام أسئلة جوهرية حول مدى صحة النتائج المعلنة ، ومدى توافقها مع الدستور والقانون ، وهذا أمر جلل يتعين التعاطى معه بكل قوه إنطلاقا من مسئوليه وطنيه .
كشفت تلك الأزمه أن لدينا مشكله كبيره تتعلق بإنحدار شديد طال الشخصيه المصريه خاصة المنتمين لطبقة المثقفين ، والساسه ، ومتصدرى المشهد بالأحزاب ، الذين جميعهم أكدوا على نزاهة الإنتخابات ، وتجاوزوا بحق من كشف العوار الذى طالها ، بل إننى طالنى تفاهات صدرت من البعض من هؤلاء ردا على ماطرحته من رؤيه كاشفه بحق تلك الإنتخابات ، وذلك كمحلل سياسى ، وكاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانية والأحزاب ، لكن إذا بهم جميعا وبقدرة قادر يقولون بما قلت به من نقد ، بل ويؤكدون على ماطرحته من تحفظات ،وذلك عقب البيان التاريخى للرئيس الذى كشف فيه عن وجود خلل طال العمليه الإنتخابيه ، بل وقالوا أكثر مما قلت وغيرى ، وذلك بكل بجاحه ووقاحه ، تمتد المشكله للهيئات القضائيه التى أشرفت على اللجان بتلك الإنتخابات مع شديد إحترامى لشخوصهم الكريمه ، لأنه كيف لهذا العوار أن يحدث وهم يشرفون على العمليه الإنتخابيه ، إذن هناك علامة إستفهام كبيره فيما يتعلق بأمر ماقيل بوجود إشراف قضائى كامل باللجان ، ثم هل يكفى إعلان الهيئة الوطنيه إستبعاد أعضاء الهيئة القضائيه باللجان الذى ثبت بها عوار وتم إلغائها ، من الإشراف على الإنتخابات فى المرحله الثانيه ، وهل يكفى هذا عقابا ، بحق الله نحن أمام مصيبه كبرى لأن ماحدث زلزل الكيان بحق منتمين للهيئات القضائيه وزعزع الثقه فى نهجهم وآدائهم .
نعـــم .. عمق ذلك تنامى الإحباط ، وعدم الثقه فى أى أحد ، وتلك مصيبه كبرى ستحتاج وقتا طويلا لتجاوز تبعاتها فى النفوس ، وجعل أمر إلغاء تلك الإنتخابات بالكليه أمرا حتميا لامناص منه ، ولاتراجع عنه ، ومعه نظام القائمه المطلقه التى عمقت الفساد ، ورسخت للإفساد ، وفتحت الباب على مصراعيه للمال السياسى الفاسد ، ونهج دفع الملايين ثمنا لعضوية البرلمان ، وإعادة النظر فى نظام الإنتخابات حتى نجد برلمان يعبر من فيه عن جموع الشعب المصرى بحق ، ويمثلون الشعب حق التمثيل ، وللوصول إلى تلك الغايات النبيله يتعين وفورا إقرار نظام إنتخابى جديد يقوم على القائمة النسبية غير المشروطة ، لأنه النظام الوحيد القادر على ولادة نواب من رحم الشعب ، وإجراء تغيير كامل وعميق فى الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للإنتخابات بعد أن أثبتت التجربة الأخيرة عجزه عن إدارة الاستحقاقات ، وإسناد اللجان الإنتخابيه لقضاة ، وأعضاء النيابه العامه ، بعد هذا التردى الذى أكده واقع الحال فى اللجان رغم وجود أعضاء تابعين لهيئات قضائيه ، ووضع إجراءات انتخابية جديدة تضمن عدالة المنافسة ، وصحة العملية من بدايتها إلى نهايتها ، ولاأجد صعوبه أو إستحاله فى تحقيق ذلك لأن الدستور أكد أنه فى غياب مجلس النواب تنتقل سلطة التشريع كاملة إلى الرئيس ، على أن تُعرض القوانين التى يصدرها فى هذه الفترة على المجلس الجديد خلال الخمسة عشر يومًا الأولى من انعقاده .
خلاصة القول .. دائما وأبدا يكون الحمد لله الذى وفقنى فى الزهد فى الممارسه السياسيه ، والمشاركه الحزبيه ، والتمسك بقرارى بعدم الترشح فى هذه الإنتخابات المعيبه ، ووفقنى أن يكون منطلق هذا القرار رؤيه صائبه ، ودراسة متأنيه ، لأنه سبحانه بذلك عافانى من طمس معالم تاريخى السياسى والبرلمانى ، تعاظم الشكر اليقين بوجود علامة إستفهام على هذه الإنتخابات أكد عليها بوضوح وصراحه المرشح الرئاسى السابق عمرو موسى فى مداخله مع الإعلامى عمرو أديب ، تجسيدا لهذا المشهد العبثى ، والذى طمأن النفس أنه مازال بالوطن أصحاب رؤيه حريصين على هذا الوطن ، تعاظمت رؤيته عند تأكيده أن منطلقها تلك الرؤيه التى أكد عليها الرئيس ، مشيرا إلى أن مصر دوله قديمه فى الديمقراطيه ، وعظيمه الشأن ، وعريقه القدر ، لذا مصر تستطيع ، والدوله تستطيع ، والشعب يستطيع إصلاح هذا الخلل ، وإجراء إنتخابات حره نزيهة ، مطالبا بإعادة الإنتخابات مهما كانت التكاليف وتجرى بالطريقه السليمه ، مشيرا إلى أن لدينا فرصة عظيمه لأن ندعو الجميع الدوله والشعب وهيئة الإنتخابات ليعيدوا النظر فى الإنتخابات لضمان المستقبل ، خاصة وأن القوائم بهذه الصوره تصبح بعيده وفوق المنافسه ، وأننا مقبلون على سنوات صعبه جدا ليس فى مصر وحدها إنما فى المنطقه والعالم ، مؤكدا على أن إنعدام الثقه فى نتائج الإنتخابات شكلت إنتقادا خطيرا لهيئة الإنتخابات . يبقى السؤال هل تستطيع مصر الشعب والدوله والرئيس إجراء إنتخابات نزيهة ؟ ، بكل تأكيد نعــــم طالما توافرت الإراده .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .
























