الدكتورة دينا الصهبي تكتب : عن أي نصر أنتم تتحدثون!؟

منذ سنوات، استخدمت إيران فلسطين كورقة دبلوماسية وإعلامية، ورفعت الشعارات الكبرى: “فيلق القدس”، “جيش تحرير الأقصى”، “كتيبة فلسطين”… لكن ما إن جاء وقت الفعل، حتى سقطت الورقة، وظهرت الحقيقة.
فحين سنحت لها الفرصة، وبدأت في التفاوض مع أمريكا والكيان، لم تشترط شيئًا لغزة، لا فتح معابر، ولا وقف عدوان، ولا حتى تحييد الأقصى عن التدنيس اليومي. لم تذكر الدماء التي سالت، ولا البيوت التي سويت بالأرض، ولا الأطفال الذين ماتوا جوعًا تحت الحصار.
ثم تراهم بعد ذلك يحتفلون بالنصر، ويملأون الإعلام صراخًا، فأي نصر هذا، وأنتم لم تطالبوا حتى بوقف عمليات القتل اليومي في القطاع؟! أي تحرير تتحدثون عنه وأنتم لم تجرؤوا على وضع اسمها ضمن شروط وقف إطلاق النار؟ إنه نصر خادع، يُزين للعوام، ليخفي الخيبة الحقيقية. وأول مرة في التاريخ يرفع النظام شعاراً منذ سنوات، ثم حين ينتصر لا يذكره على الإطلاق!
لذا يجب أن نعلم بأن صواريخهم لم تنطلق لغزة، بل انطلقت عندما مُست هيبة المشروع الإيراني، صواريخ لا تطير إلا للثأر الشخصي، لا للنجدة، لا للدم، لا للمسجد الأقصى.
حين كانت غزة تُباد، والقدس تُدنس، صمتت القواعد الإيرانية، وسكنت ترسانتها. لكن حين اغتيل العلماء، وقُصف القادة، انطلقت كالمآذن… لا للهتاف، بل للبقاء السياسي. صواريخ تعرف طريق السلطة، لا طريق التحرير، تُرفع لطمًا حين يُحرَج النظام، لا حين يُقتَل الأبرياء في الخيام.
(العدو ليس فقط من يحتل الأرض، بل من يسرق وعيك، ويُسكت ضميرك، ويتاجر بدمك، ثم يُغنيك بشعارات “التحرير القادم”، بينما هو أول من باع الطريق إليه!)
فيا أبناء الأمة، لا تنخدعوا بالأسماء البراقة، ليس كل من قال “القدس”، أرادها. وليس كل من صرخ من أجل غزة، بكى لأجلها. البعض يصرخ ليرتفع، لا لينقذ.
(احفظوا وعيكم، وميّزوا بين العدو الصريح، والعدو المتخفي في عباءة “الصديق الثوري”. فالأقصى لا يحرّره من خان حلب، ولا من خان بغداد، ولا من تآمر على اليمن.)، بل يحرّره جيل يعرف عدوه من صديقه، ويسير على بصيرة، لا على عاطفة.
كاتبة المقال الدكتورة دينا الصهبي أخصائى إعلام - مكتب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي