الكاتب الصحفي سمير دسوقي يكتب:القضاء والقدر.. والأيادي الخفية

ما شهدته مصر مؤخرًا من حريق ضخم طال مبنى سنترال رمسيس، أحد رموز العاصمة وركيزة من ركائز البنية التحتية التكنولوجية والاتصالات، لم يكن مجرد حادث عابر. فالمبنى الذي تجاوز عمره قرابة القرن، ويُعد شريانًا حيويًا لشبكات الإنترنت والخطوط الهاتفية، أصاب الجميع بالدهشة والذهول.
لكن ما يدعو للأسى حقًا هو استغلال الأبواق الخارجية – التي لا تكف عن الصراخ والتشكيك – لهذا الحدث، كعادتها كلما وقعت أزمة أو كارثة داخلية، لتبث سمومها وتنال من استقرار الوطن.
نعم، الحريق وقع، ونعم هناك قصور وإهمال – وهذا أمر لا نخفيه، وقد أقرت به الدولة صراحة، وتجلى ذلك في الزيارات السريعة التي قام بها المسؤولون لموقع الحادث، بداية من محافظ القاهرة ووزير الاتصالات، وصولًا إلى رئيس الوزراء الذي تفقد موقع الحريق فور عودته من مؤتمر دولي كان يمثل فيه مصر.
وقد شدد رئيس الحكومة خلال الزيارة على ضرورة مراجعة المنظومة الأمنية في جميع منشآت الدولة، خصوصًا الحيوية منها، رغم إشادته بالدور البطولي لرجال الحماية المدنية الذين بذلوا جهدًا كبيرًا في احتواء النيران.
ولكن دعونا نضع الأمور في نصابها. فالحوادث والكوارث ليست حكرًا على مصر؛ جميع دول العالم تتعرض لحرائق، وفيضانات، وزلازل، بل وحوادث طرق كارثية، ورغم ذلك لا تُستغل هذه الأزمات سياسيًا كما يحدث عندنا، حيث نجد أصواتًا مغرضة، وأيادي خفية تسعى دومًا لتشويه الواقع والنَيل من الدولة.
إن العبث بمقدرات الوطن، ومحاولات زعزعة الثقة، جريمة لا تُغتفر. وهل يُعقل أن تتكرر الحوادث بهذا الشكل دون تدخل عناصر مريبة؟!
وهنا لا بد من همسة صادقة في أذن كل مواطن: حافظ على وطنك.. فهو ملاذك الوحيد في السراء والضراء. لا تسمح لأحد أن ينال منه أو يشكك في استقراره.
وهمسة أخرى في أذن الحكومة: كونوا على قدر المسؤولية، فطنين لما يُحاك في الخفاء، واجعلوا مصلحة المواطن أولوية قصوى، فهي الطريق الأقصر لمصلحة الوطن بأسره.
حفظ الله مصر، ورئيسها، وشعبها الواعي، ووفق مؤسساتها لما فيه الخير والصلاح.
ودائمًا وأبدًا.. تحيا مصر.