بوابة الدولة
الخميس 11 سبتمبر 2025 01:10 صـ 17 ربيع أول 1447 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى ممدوح عيد يكتب : حين تحترق المدرجات – وجوه العنف في ملاعب الكرة ” سلسلة التعصب الكروي (٢ - ٦ )

الكاتب الصحفى ممدوح عيد
الكاتب الصحفى ممدوح عيد

هذه المقالة هي الثانية ضمن سلسلة "التعصب الكروي"، التي نتناول فيها جذور الظاهرة، مظاهرها، ودروب الخروج منها نحو تشجيع ناضج مسئول .

في لحظة هدف، تنقلب الفرحة إلى فوضى. صافرة حكم تُطلق، فيعلو الصراخ وتُقذف الزجاجات، مشجعون يركضون داخل الملعب، مقاعد تُكسر، أعلام تُحرق، وشتائم تتطاير في الهواء كأنها رصاص. كيف تحوّلت المدرجات، التي كانت يومًا مسارح للحماس النبيل، إلى جبهات تُعلن فيها الحرب باسم الألوان؟

العنف في الملاعب ليس حادثًا معزولًا، ولا سلوكًا طائشًا من قلة قليلة، بل هو مظهر صارخ من مظاهر التعصب الكروي الذي تسلّل إلى قلب اللعبة، وغيّر طبيعة التشجيع من مشاركة وجدانية في انتصار وهزيمة، إلى حالة من التوتر الجماعي تُفجرها أقل شرارة.

المفارقة المؤلمة أن الملاعب كانت تُسمّى "ملاذ الشعوب"، المكان الذي يتساوى فيه الجميع: غني وفقير، موظف وعامل، طالب وأستاذ. الجميع يشجع ويغني ويرقص، يتقاسم المشاعر والذكريات. لكن في مشاهد كثيرة اليوم، يتبدّد هذا المعنى، ويحل محله وجه قبيح: جمهور يهدد، ولاعب يُضرب، وحكم يُلاحَق، ومذيع يُتهم بالخيانة لأنه أثنى على فريقٍ لا يُعجب جمهورًا معينًا.

ما الذي يدفع شخصًا إلى خوض معركة جسدية لأن فريقه خسر؟
ما الذي يجعل شابًا يشتبك مع جاره أو صديقه أو حتى أخيه لأن الحكم لم يحتسب ركلة جزاء؟
ولماذا تتحوّل "مباراة" إلى ساحة طوارئ يُنقل منها المصابون والقتلى أحيانًا؟

الإجابة ليست في المباراة، بل فيما هو أعمق منها.

إن التعصب حين يصل إلى درجة الغليان، لا يحتاج إلى مبرر ليشتعل. المباراة تصبح مجرد فرصة. والمستفز ليس الهدف ولا الحكم ولا الخصم، بل ذلك الغضب الكامن، الذي لم يجد له متنفسًا في الحياة اليومية. كثيرون يدخلون المدرجات وهم محمّلون بتراكمات القهر الاجتماعي والاقتصادي. وحين تهتز الشباك، يهتز معها التوازن الداخلي، ويخرج المكبوت دفعة واحدة، في صورة شتائم أو عنف أو شغب.

في حالات كثيرة، يكون العنف منظمًا. مجموعات من المشجعين تخرج إلى الملعب وقد جهّزت نفسها للمعركة: أقنعة، مفرقعات، شعارات نارية، ونيات عدوانية واضحة. هذه ليست عفوية، بل هي نتاج بيئة تغذي الكراهية، وتكرّس فكرة أن "الآخر عدو"، لمجرد أنه لا يشجع نفس الفريق.

وفي حالات أخرى، يكون العنف "مبرَّرًا" لدى البعض، لأنهم يرونه نوعًا من "الرد"، أو "الكرامة"، أو "استعادة الحقوق". فإذا خسر الفريق، أو ظُلم – بحسب رؤيتهم – يصبح التكسير والعنف والغضب سلوكًا مشروعًا، وربما "بطوليًا".

الأخطر من كل ذلك، أن هذا السلوك بدأ يخرج من الملاعب إلى الشوارع، ومن المراهقين إلى الكبار، ومن الحاضرين إلى المتابعين خلف الشاشات. أصبحت مشاجرات التشجيع تقع في المقاهي، وفي البيوت، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وصرنا نسمع عن أب يضرب ابنه لأنه شجع الفريق الآخر، وعن زميل طُرد من العمل لأنه عبّر عن رأيه في مباراة.

لقد فقدنا التوازن.

نحن لا نتحدث عن مجرد مشاجرة بين حفنة مشجعين متحمسين، بل عن ثقافة تتسلل، وأجيال تتربى على أن "الفريق هو الدين، والمدرج هو المعركة، والمشجع المختلف هو العدو".

الكرة، كما قلنا سابقًا، بريئة من كل هذا. لكنها تُستَخدَم كقناع تُخفي تحته المجتمعات قلقها واحتقانها وانقسامها. ومن المؤسف أن تجد من يبرر هذا العنف باسم الانتماء، أو يصفه بأنه "دفاع عن الشرف الكروي"، وكأن الشرف يُقاس بعدد الأهداف أو لون القميص.

يبقى السؤال:
إلى متى نظل نُصفق لفريقنا ونُحطّم مجتمعنا في الوقت نفسه؟
وهل يمكن أن تعود المدرجات مرة أخرى إلى مكانها الطبيعي؟ مكان للحب، لا للكراهية، وللفرحة، لا للفوضى؟

ربما... إذا بدأنا نرى في الخصم "شريكًا في اللعبة"، لا عدوًا في معركة.
كاتب المقال مدير تحرير جريدة الجمهورية

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى10 سبتمبر 2025

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.1029 48.2300
يورو 56.2949 56.4484
جنيه إسترلينى 65.1218 65.2986
فرنك سويسرى 60.2869 60.4841
100 ين يابانى 32.6210 32.7094
ريال سعودى 12.8213 12.8565
دينار كويتى 157.4358 157.9034
درهم اماراتى 13.0953 13.1335
اليوان الصينى 6.7543 6.7725

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 5600 جنيه 5577 جنيه $117.04
سعر ذهب 22 5133 جنيه 5112 جنيه $107.29
سعر ذهب 21 4900 جنيه 4880 جنيه $102.41
سعر ذهب 18 4200 جنيه 4183 جنيه $87.78
سعر ذهب 14 3267 جنيه 3253 جنيه $68.27
سعر ذهب 12 2800 جنيه 2789 جنيه $58.52
سعر الأونصة 174180 جنيه 173469 جنيه $3640.33
الجنيه الذهب 39200 جنيه 39040 جنيه $819.28
الأونصة بالدولار 3640.33 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى