الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب: الترزي والنقاش مش حيتان.. دول الملاك اللى أكلهم قانون ظالم

كفاية قلب للحقائق! اللي بيتكلم عن ظلم جديد للمستأجرين ناسي أو متناسي إن الملاك الحقيقيين مش حيتان ولا رجال أعمال ولا تجار جشعين.. دول "الترزي"، و"الكهربائي"، و"النقاش"، و"السباك"، وكل واحد فيهم تعب وكدّ وحوّش مليم على مليم عشان يبني بيت كام دور، فوق بعض.. مش عشان يتاجر فيهم، بل عشان يأمّن شيخوخته، ويوفر سكن لأولاده لما يكبروا ومش هيقدروا يدفعوا إيجار ولا يشتروا.
الناس دي كانت شايفة في العقار "معاشها البديل"، لأن مافيش تأمين ولا معاش بيكفي، فبنت بشق الأنفس، وفجأة نزل عليها قانون فاسد وظالم، سلبها حقها، وخلى واحد تاني يسكن مدى الحياة في الشقة، ويدفع خمس جنيهات، أقل من تمن علبة سجاير!
هناك من يطالب بالرحمة بالمستأجر، واحنا كمان بنطالب بالرحمة.. لكن الرحمة لازم تبقى للكل، مش لطرف على حساب التاني!
هل من العدالة إن النقاش اللي بقى عنده 70 سنة، يقعد مستني جنيهات من شقة مؤجرة من سنة 1970، وهو لا يقدر يشتغل، ولا يقدر يدخل شقته، ولا حتى يبيعها؟! هل من الرحمة إن الكهربائي اللي تعب عمره كله، يسكن أولاده في شقة إيجار جديد بـ3000 جنيه، في حين إن عنده شقة قديمة مأجرها بـ٤ جنيهات؟!
بلاش نزوّق الباطل، ونقلب الموازين. الدولة مشكورة بتحاول تعالج تشوّه تاريخي حصل ضد الملاك. القانون ده مش ظلم، ده استرداد لحق، تصحيح لمسار، عودة للمنطق بعد عقود من العبث.
ولو فيه مستأجر محتاج، فالدولة هي اللي تساعده، مش تسيب الكهربائي والسباك هم اللي يشيلوا عبء معيشته على حساب بيوتهم ومستقبل أولادهم.
كفاية بقى.. الملاك مش مجرمين، دول غلابة زيهم زي غيرهم.. ويمكن أكتر.
وبعدين انتم فين من حكم المحكمة الدستورية العليا أعلى هيئة قضائية فى مصر التى تدخلت لرفع الفساد التشريعى وكشفت عوراتة الدستورية تحت شعار أن حكمتم بين الناس فأحكموا بالعدل .. عيب عيب أننا نعلق على أحكام القضاء وكفى ظلما وعدواناعلى الملاك على مدار ستون عاماً.
قال لي والحسرة في عينيه: "أنا مش مالك.. أنا ضيف شرف! المستأجر هو اللي بيأمر وينهي، وأنا مجرد اسم في الشهر العقاري."
تخيلوا يا سادة، كيلو المشمش بـ٨٠ جنيه، واللحمة بـ٤٥٠، والليمون بـ١٢٠، بينما الرجل يحصل على أقل من نص كيلو عدس شهريًا كإيجار عقار وسط القاهرة! ده حتى رغيف العيش بقى بـ٣ جنيهات، والقرص الطعميّة بـ٦! يعني الإيجار الشهري لا يكفي فطار طفل عند باب المدرسة.
والأغرب من ذلك؟ أن حكم المحكمة الدستورية العليا – وهو أسمى سلطة قضائية في البلد – أعلنها صريحة: لا أبدية في الإيجار. وقال للبرلمان: "صححوا هذا العوار." لكن البرلمان قرر يسمّع ويطنش، لأن بعض نوابه المحترمين – بالصدفة البحتة طبعًا – عندهم شقق إيجار قديم، ولأن بعض المستأجرين عملوا حملة "المالك عدو الشعب وشيطان رجيم وكمان كافر".
يا سادة، ما يحدث يُدرّس في كتب السخرية السوداء، فالمستأجر اليوم لا يدفع إلا قروشًا، لكنه يطالب أن تكون له حقوق المالك، بل ويورّث الشقة وكأنها أرض وقف، ويؤجرها من الباطن، ويمتعض عندما يُطلب منه دفع ملاليم زيادة!
أين المنطق؟ كيف لبرلمان يحترم نفسه أن يتجا هل نوابة حكمًا دستوريًا ؟ كيفي يتعامل بعض اعضاء مجلس شيوخ مع المالك باعتباره "تاجر دم"؟ نحن أمام مأساة تشريعية عنوانها: "حماية المستأجر ولو مات المالك جوعًا."
المطلوب ببساطة: ليس طرد الناس من بيوتها، بل عدالة،عدالة تعني أن يدفع الساكن ما يتناسب مع السوق، أو أن تتدخل الدولة بدعم المستأجر الحقيقي المحتاج، لا المستأجر الذي يملك عمارة في أكتوبر ويسكن بالإيجار في الزمالك!
في ظل هذا العبث، أقترح أن تُصرف بطاقة تموينية للمالك من فئة "مالك مظلوم"، بها: كيلو مشمش على البطاقـة، وقرص طعميّة واحد يوم الجمعة، وقرض بدون فائدة اسمه "قرض حقك راح في الإيجار القديم".
وفي النهاية، تبقى الجملة الأكثر سخرية: "أنت المالك... بس على الورق." أما الحقيقة؟ فهي في يد المستأجر، ومعه نائب محترم بيقولك: "عيش وخلي الناس تعيش ب٩٠ جنيه شهريًا!"
كاتبة المقال الكاتبة الصحفية أمال ربيع مدير تحرير مؤسسة أخبار اليوم ومدير تحرير موقع بوابة الدولة الاخبارية