الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم يكتب: مصر فى صدارة صناعة التعهيد العالمية
تبدو مصر اليوم في لحظة فارقة من تاريخها الحديث، لحظة تُكتب فيها فصول جديدة من الريادة، لا في السياسة فقط، بل في الاقتصاد الرقمي الذي بات لغة العالم الجديد. فحين استضافت القاهرة القمة العالمية لصناعة التعهيد، لم تكن تحتضن حدثًا عابرًا، بل كانت تعلن على مسرح دولي واسع أن زمن التابع قد انتهى، وأن الجمهورية الجديدة التي أسسها الرئيس عبد الفتاح السيسي أصبحت لاعبًا رئيسيًا في خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي.
من داخل قاعات القمة التي امتلأت بممثلي أكثر من خمسين شركة دولية ومحلية، بدا المشهد أشبه بسباق عالمي نحو مصر. الكل يريد موطئ قدم في سوق واعدة تجمع بين البنية التكنولوجية الحديثة والعقل المصري المبدع. لم يكن الحضور مجرد مشاركين في مؤتمر، بل مستكشفين لأرض الفرص الجديدة.
سبعون ألف فرصة عمل هي الحصيلة الأولى لهذه القمة، لكنها ليست مجرد أرقام. إنها أبواب تفتح لمستقبل مختلف، لمجتمع يعرف أن العمل لم يعد حديدًا ومسامير، بل فكرة تبرق في عقل شاب يجلس أمام شاشة يصنع منها مشروعًا يربط القاهرة بلندن ونيودلهي وسان فرانسيسكو. تلك هي الجمهورية الرقمية التي حلم بها الرئيس السيسي منذ أن وضع لبنتها الأولى في مبادرة “مصر الرقمية” عام 2019، مؤمنًا أن الاستثمار في العقول هو الطريق الأضمن للعبور نحو المستقبل.
في خلفية هذا الإنجاز يقف رجل لا يرفع صوته كثيرًا، لكنه يعمل بصمت مؤثر ونتائج ناطقة: الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. استطاع أن يحول قطاعًا كان يُنظر إليه يومًا كخدمة مساعدة إلى قاطرة حقيقية للنمو، وإلى منصة تصدر الكفاءات المصرية للعالم. تحت قيادته أصبحت مصر واحدة من أكثر الدول تنافسية في مجال التعهيد والخدمات الرقمية، وارتفعت مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى أرقام تضاعفت خلال سنوات قليلة.
عمرو طلعت لا يكتفي بالكلام عن المستقبل، بل يصنعه. فقد أطلق أكبر برنامج لتأهيل الكفاءات الرقمية في تاريخ البلاد، ليتحول آلاف الشباب إلى مهندسين ومبرمجين وخبراء في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات. مشهد التدريب هذا هو جوهر “اقتصاد العقول” الذي راهنت عليه الدولة. فاليوم تتحدث مصر لغات العالم، ليس في الدبلوماسية فقط، بل في البرمجة وخدمة العملاء والتصميم الرقمي.
ووراء كل هذه التفاصيل، تظل البصمة الأوضح للرئيس السيسي الذي غيّر خريطة أولويات الدولة. جعل من التكنولوجيا ركيزة للبناء، ومن التحول الرقمي وسيلة لتمكين المواطن لا ترفًا إداريًا. تحت قيادته، لم تعد القرى النائية بعيدة عن العصر، فقد وصلت الألياف الضوئية إلى ملايين المواطنين في الريف المصري، ليصبح العمل عن بُعد والتعليم الإلكتروني والاتصال بالعالم متاحًا للجميع.
إن القمة العالمية لصناعة التعهيد لم تكن حدثًا اقتصاديًا بقدر ما كانت إعلان هوية جديدة لمصر. لم تعد فقط سوقًا جاذبة، بل أصبحت شريكًا استراتيجيًا، ومركزًا تنطلق منه الفعاليات الدولية الكبرى نحو إفريقيا والعالم العربي. القاهرة اليوم ليست مجرد عاصمة سياسية، بل منصة عالمية تُدار منها صناعة المستقبل.
هكذا، حين خرج الوزير عمرو طلعت ليقول إن “من مصر تنطلق الكفاءات التي تقدم للعالم خدمات تكنولوجية بمعايير عالمية”، لم يكن يطلق شعارًا دعائيًا، بل يصف واقعًا حيًا يلمسه العالم يومًا بعد يوم. فالقصة لم تعد عن شركات تبحث عن عمالة، بل عن وطن يصدر المعرفة ويصنع المستقبل.
من هنا، من ضفاف النيل، يبدأ زمن جديد عنوانه: مصر – مركز العالم الرقمي.





















