النائب احمد قورة يكتب: محمد أبو السعود، عقل مصرفي يقود الزراعة نحو المستقبل
في لحظة دقيقة من عمر الاقتصاد الوطني، يبرز اسم محمد أبو السعود، الرئيس التنفيذي للبنك الزراعي المصري، كأحد النماذج القيادية التي نجحت في إعادة تعريف دور المؤسسات المصرفية، ليس فقط كممول، بل كشريك تنموي حقيقي في معركة الأمن الغذائي وبناء الريف المصري الحديث،
أبو السعود لا يتعامل مع البنك الزراعي ككيان تقليدي يمنح القروض وينتظر السداد، بل كأداة دولة واعية، تتحرك وفق رؤية شاملة تضع الفلاح في قلب المعادلة، وتربط بين الزراعة، والتنمية، والاستدامة،
منذ توليه المسؤولية، شهد البنك الزراعي نقلة نوعية واضحة في فلسفة العمل، حيث انتقل من منطق “الإقراض الموسمي” إلى مفهوم “التمويل المنتج”، فبات التمويل مرتبطًا بالإنتاج الحقيقي، ودورات الزراعة، وسلاسل القيمة، وهو ما انعكس مباشرة على توسع قاعدة المستفيدين، وتحسن مؤشرات الأداء، وزيادة الثقة بين الفلاح والبنك،
أبو السعود قاد سياسة توسعية محسوبة، جعلت تمويلات الإنتاج النباتي تمثل نحو 40% من المحفظة الائتمانية، مع نمو سنوي في القروض الزراعية يقترب من 15%، وإجمالي قروض وصل إلى نحو 36 مليار جنيه، يستفيد منها ما يقرب من 300 ألف مزارع، وهي أرقام لا تعكس فقط قوة مالية، بل تعكس إرادة إدارة ترى في الفلاح استثمارًا وطنيًا طويل الأجل،
وفي ملف دعم صغار المزارعين، كانت بصمة أبو السعود واضحة، من خلال السلف الزراعية بفائدة مميزة 5% عبر بطاقة «ميزة الفلاح»، وربط قيمة التمويل بالفئة التسليفية لكل محصول بالتنسيق مع وزارة الزراعة، مع سداد مرن بعد الحصاد، وهو ما خفف أعباء التمويل، وكسر واحدة من أكبر أزمات الفلاح التاريخية،
كما أولى اهتمامًا خاصًا بالتحول إلى الزراعة الحديثة، فدعم تمويل نظم الري الحديث، والطاقة الشمسية، والميكنة الزراعية، إدراكًا منه أن معركة الزراعة القادمة ليست فقط في الأرض، بل في التكنولوجيا، وكفاءة استخدام المياه، وخفض التكلفة، ورفع جودة المنتج،
وفي ملف المحاصيل الاستراتيجية، أدار أبو السعود نموذجًا ذكيًا للتمويل التعاقدي، خاصة في محصول قصب السكر بمحافظات جنوب الصعيد، عبر عقود ثلاثية بين البنك، والمزارعين، ومصانع السكر، ليصل حجم التمويل إلى نحو 4 مليارات جنيه، منها 2 مليار جنيه خلال شهرين فقط، في تجربة تعكس فهمًا عميقًا لأهمية التكامل بين التمويل والإنتاج والتسويق،
ولم يغفل أبو السعود قطاع الثروة الحيوانية، حيث تمثل تمويلاته نحو 15% من المحفظة الائتمانية، دعمًا للمربين، وتحقيقًا للتوازن بين الإنتاج النباتي والحيواني، بما يخدم الأمن الغذائي ويعزز الاكتفاء الذاتي،
وعلى مستوى الإدارة، نجح في تسريع إجراءات المنح، والتوسع في التطبيقات الإلكترونية، وتفعيل الشمول المالي داخل القرى، مستفيدًا من شبكة فروع البنك المنتشرة، ليصبح البنك الزراعي الأقرب للفلاح، والأكثر حضورًا في تفاصيل حياته اليومية،
محمد أبو السعود يقدم نموذجًا لرئيس تنفيذي يفهم توجيهات الدولة، ويترجمها إلى سياسات واقعية، ويملك شجاعة التطوير، دون أن يفقد هوية البنك ودوره التاريخي،
هو ليس مجرد مصرفي ناجح، بل رجل إدارة يقود مؤسسة عريقة لتكون الذراع التمويلية الحقيقية للزراعة المصرية، وشريكًا أساسيًا في معركة التنمية،
وفي زمن تتشابك فيه التحديات، يبقى ما يقدمه أبو السعود دليلًا على أن القيادة الواعية قادرة على تحويل البنوك من خزائن أموال إلى محركات أمل، ومن مؤسسات تقليدية إلى أدوات بناء، تخدم الفلاح، وتحمي الوطن، وتؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا وإنتاجًا.
























