المستشار محمد سليم يكتب: ماسبيرو والصحافة القومية.. حراس الوعي والأمن القومي
لم يكن اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بملف الإعلام وليد لحظة أو رد فعل لأحداث عابرة، بل هو نابع من قناعة راسخة بأن الإعلام الوطني أحد أعمدة الدولة الحديثة، وسلاح رئيسي في معركة الوعي التي تخوضها مصر دفاعًا عن أمنها القومي وهويتها الوطنية، في زمن تتعدد فيه أدوات الهجوم وتتنوع أساليب الاستهداف والتشويه.
الرئيس السيسي ينظر إلى الإعلام باعتباره شريكًا في البناء، لا مجرد ناقل للخبر، ودورًا أصيلًا في حماية الدولة من حروب الشائعات والأكاذيب، ومن محاولات اختطاف العقول وتزييف الحقائق، ولذلك كان دعمه المستمر لتطوير المنظومة الإعلامية الوطنية بكل مكوناتها، من ماسبيرو، هذا الصرح التاريخي العريق، إلى المؤسسات الصحفية القومية التي حملت لواء الوطنية عبر عقود طويلة.
ماسبيرو لم يكن يومًا مجرد مبنى يطل على النيل، بل كان ولا يزال ذاكرة الوطن وصوته الرسمي، ومنصته التي خاطب بها الداخل والخارج في أحلك الظروف وأصعب التحديات، فمن شاشته انطلقت رسائل الطمأنينة في أوقات الخطر، وعبر أثيره تشكل الوعي الجمعي للمصريين، وظل حارسًا أمينًا للهوية المصرية، مدافعًا عن الدولة في مواجهة كل حملات التشكيك والاستهداف.
أما المؤسسات الصحفية القومية، فقد كانت دائمًا مدرسة الانتماء الوطني، وسجلًا حقيقيًا لتاريخ الدولة المصرية، ومنبرًا للعقل الرصين والتحليل المسؤول، ودرعًا واقيًا في مواجهة الأكاذيب المدفوعة والأقلام المأجورة، ولم تنفصل يومًا عن قضايا الوطن ولا عن هموم المواطن، وظلت منحازة للدولة في معاركها المصيرية.
من هذا المنطلق، جاء اجتماع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي لبحث إيجاد حلول جذرية للمشكلات المالية التي تواجه ماسبيرو والصحف القومية، ترجمة عملية لتوجيهات القيادة السياسية، التي تؤمن بأن إصلاح الإعلام هو جزء لا يتجزأ من إصلاح الدولة، وأن دعم هذه المؤسسات ليس ترفًا بل ضرورة وطنية.
حرص الحكومة على معالجة هذه المشكلات يعكس إدراكًا حقيقيًا لقيمة هذه المؤسسات ودورها الحيوي في نشر المعرفة والتنوير، والمساهمة في تشكيل الرأي العام، وتعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي، خاصة في ظل ما تتعرض له مصر من هجمات منظمة تستهدف تشويه صورتها والنيل من استقرارها.
الدولة وهي تطرح حلولًا جذرية للأزمات المالية للهيئتين الوطنيتين للإعلام والصحافة، تؤكد أن هذا الدعم مرتبط برؤية واضحة للتطوير، وإصلاح الأداء، وإعادة الهيكلة، وحوكمة الإدارة، وتنمية الموارد، واستثمار الأصول، حتى تكون هذه المؤسسات قادرة على استكمال دورها دون العودة إلى الاستدانة، وبما يضمن استدامة الأداء والاستقرار المالي.
ما عرضه كل من المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وأحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، من إجراءات لترشيد الإنفاق وتعظيم الموارد واستغلال الأصول، يعكس وعيًا بحجم التحدي، ورغبة حقيقية في إحداث تغيير فعلي يعيد لهذه المؤسسات قوتها وتأثيرها ودورها الوطني.
كما أن التعامل الجاد مع ملف الديون المتراكمة الخاصة بالتأمينات والمعاشات والضرائب، وطرح مقترحات عملية للسداد في إطار من الحوكمة والانضباط، يبعث برسالة طمأنة للعاملين بهذه المؤسسات، ويؤكد أن الدولة لا تتخلى عن مؤسساتها الوطنية، لكنها في الوقت ذاته تضع أسسًا جديدة للإدارة الرشيدة.
تأكيد الدكتور مصطفى مدبولي على إعداد دراسات دقيقة بالأرقام حول الأوضاع المالية، يعكس جدية الحكومة في إحداث إصلاح حقيقي، ويؤكد وجود مرونة واستعداد كامل لدعم ماسبيرو والصحف القومية لإقالتها من عثراتها، وضمان استقرارها الاقتصادي، بما ينعكس مباشرة على تطوير المحتوى الإعلامي والصحفي.
في النهاية، فإن ماسبيرو والمؤسسات الصحفية القومية ليسوا مجرد كيانات إعلامية، بل خطوط دفاع متقدمة عن الدولة المصرية، وصوتها العاقل في زمن الفوضى، وحراس الوعي والأمن القومي، ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي لهم هو دعم لمصر نفسها، ولقدرتها على الصمود والبناء والدفاع عن مستقبلها في معركة الوعي التي لا تقل خطورة عن أي معركة أخرى.
























