النائب أحمد قورة يكتب : مصر والسيسي… دولة القرآن تعود إلى مجدها
في زمنٍ تتزاحم فيه الضوضاء وتتنازع فيه الأصوات وتضيع فيه البوصلة الروحية بين صخب المادة ولهاث الحياة تخرج مصر أمّ الدنيا ودارة الإيمان لترفع المصحف عاليًا وتقول للعالم هنا تُتلى آيات الله كما نزلت وهنا يُكرَّم أهل القرآن كما يليق بكتابٍ جعله الله نورًا وهداية ورحمة فها نحن نتابع الدورة الثانية والثلاثين من المسابقة العالمية للقرآن الكريم التى تُقام على ارض مصر، وتحمل اسم القارئ الأسطورة الشيخ الشحات محمد أنور – رحمه الله – واحد من أعمدة دولة التلاوة المصرية الذين رسموا للمصريين طريق الجمال فى ترتيل القرآن فجعلوا من كل بيتٍ مصري مئذنة ومن كل قلبٍ محرابًا ،وليس صدفةً أن تحمل هذه الدورة اسم رجلٍ كان صوته يُذكّر بالسماء وروحه تشعّ خشوعًا فهذا التكريم ليس لفتة بروتوكولية بل رسالة تقول إن مصر لا تنسى أبناءها الذين خدموا كتاب الله وأن دولة التلاوة ما زالت هنا وما زالت مصرية خالصة أصيلة.
أكبر ما يبعث على التأمل والتقدير هو الدعم الكبير الذى يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا النوع من الفعاليات دعمٌ لا يقف عند حدود الرعاية بل يمتد إلى فلسفة الدولة فى إعادة الوعى الديني إلى مكانه الصحيح بعيدًا عن صخب التشدد وجفاف التطرف فالرئيس الذى قدّر قيمة الكلمة والوعى منذ توليه المسؤولية يعرف أن بناء الإنسان يبدأ من المصحف وأن مواجهة الفكر المنحرف لا تُدار بالسجالات بل بإحياء فنون التلاوة وتنقية المناهج وصناعة جيلٍ يعرف القرآن فهمًا وجمالًا وعمقًا ولذلك فإن هذه المسابقة ليست مجرد حدث بل هى جزء من مشروع دولة تُعيد بناء الشخصية المصرية الروحية والفكرية.
أما معالى الدكتور أسامة الأزهري فحديثه لا يُحصى فهو رجل جمع بين العلم اللدني والذوق الصوفي والصرامة الأكاديمية والعشق الخالص للقرآن وتوجيهه بإطلاق اسم الشيخ الشحات محمد أنور على هذه الدورة ليس قرارًا إداريًا بل رؤية عالم يعرف قيمة الرموز ويعرف أن الأمم تنهض حين تربط حاضرها بتراثها والمسابقة بهذا الشكل الرفيع تحمل بصمته فى كل تفصيلة ودقة التنظيم وعمق المنهج واحترام فنون التلاوة والدمج بين الحفظ والتفسير والإعراب ومقاصد القرآن كلها ملامح مدرسة أرادها الدكتور الأزهري أن تعيد للناس معنى التلاوة.
ولا يمكن تجاهل التعاون المثمر مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى ساهمت فى تحويل المسابقة لمنصة عالمية تعرض جمال القرآن للصغير والكبير وللمصري وغير المصرى وتجعل من دولة التلاوة المصرية نموذجًا حيًا يُحتذى به.
وتأتى الأرقام هذا العام غير مسبوقة فعدد المرشحين للتصفيات النهائية بلغ 158 متسابقًا من 72 دولة ثم تأهل للمرحلة النهائية 115 متسابقًا والمعنى أن العالم كله يعود إلى القاهرة ليقول نريد أن نتعلم التلاوة من أهلها من أرض عبد الباسط والمنشاوي ومصطفى إسماعيل والشحات أنور.
ولم يكن الدعم ماديًا فحسب بل كان رسالة واضحة حين بلغت قيمة الجوائز 13 مليون جنيه لتصبح الأعلى فى تاريخ مسابقات القرآن فى العالم وكأن مصر تعلن للعالم كله أن كرامة حافظ القرآن عندها ليست شعارًا بل فعلًا عمليًا وفروع المسابقة الثمانية تجمع بين الحفظ والتجويد والتفسير والإعراب ومقاصد القرآن لتصنع عقلًا قرآنيًا ناضجًا يفهم النص قبل أن يحفظه.
إن هذه المسابقة ليست مجرد منافسة بل هى مقام روحى كامل تتداخل فيه قوة التنظيم وعمق العلم ورونق الصوت وإشراق الروح واتساع المشاركة العالمية وجلال تكريم كتاب الله وما أجمل مصر حين تعود إلى هذا المقام مقام الريادة الإيمانية ومقام صناعة الذوق الديني الجميل.
وفى زمنٍ يُقتل فيه الجمال وتزدحم القلوب بالقلق تأتى مصر لتقول للعالم لا تخافوا فما زالت الأرض التى خرج منها صوت عبد الباسط وورّث الشحات أنور جمال التلاوة قادرة على أن تعيد للقرآن مكانته فى الوجدان وإن هذه المسابقة برعاية الرئيس السيسي وبفكر الدكتور أسامة الأزهري وبجهد رجال وزارة الأوقاف والمؤسسات الإعلامية نورٌ يتجدد ومجدٌ يُكتب ورسالةٌ تقول إن مصر ستبقى دار القرآن وموطن الجمال وعاصمة التلاوة فى الدنيا كلها.
























