بعد حريق سنترال رمسيسى
الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم يكتب : وزير الاتصالات يكسب ثقة النواب

في لحظة وطنية صادقة، مر بها قطاع الاتصالات بعد حريق سنترال رمسيس وقف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أمام لجنة الاتصالات بمجلس النواب، لا كمسؤول يؤدي واجبه فحسب، بل كعالم يدرك حجم الموقف، ومهندس يُتقن التفاصيل، وإداري بارع يُحسن القيادة، وسياسي حكيم يعرف كيف يواجه الرأي العام بلغة الصدق والوعي والشفافية، ليقدم كشف حساب شفافًا عن الأزمة، وكيف أُديرت باحتراف وهدوء.
هذا الموقف كشف عن معدن الوزير الحقيقي، عالم يعرف التفاصيل الدقيقة، مهندس يُدير المنظومة بثبات، إداري لا يهتز وقت الأزمات، وسياسي يُجيد مخاطبة الرأي العام بلغة المسئول لا لغة المراوغة.
المثير للإعجاب أن الدكتور عمرو طلعت لم يتحدث بلغة النخبة فقط، بل بلغة المواطن أيضًا، فجعل كل نائب في اللجنة، وكل متابع في الشارع، شريكًا في الصورة الكاملة، لم يُخفِ صعوبة الإجراءات، لكنه طمأن الجميع أن الدولة كانت مستعدة، وأن الوزارة تدير الملف بعقلية علمية وميدانية في آنٍ واحد.
لقد كان ظهوره في البرلمان عقب حادث حريق سنترال رمسيس مشرفًا بكل المقاييس، ليس فقط لأنه تحدث بلغة علمية دقيقة، ولا لأنه شرح بلغة مفهومة لكل المواطنين، بل لأنه حمل على كتفيه مسؤولية الموقف، دون أن يُلقي باللوم على أحد أو يتوارى خلف التقارير.
لقد تحدث الوزبر بـ لغة عالم في التقنية، تحدث عن الحريق كما لو كان يشرح لأبنائه طلاب الدكتوراه في قاعة محاضرات،تحدث عن مستشعرات الدخان، عن التوصيلات الداخلية، عن غرف الخوادم والأنظمة البديلة. لم يكن كلامًا إنشائيًا أو استعراضًا لفظيًا، بل حديثًا من يعرف تمامًا ماذا يعني أن تتعرض إحدى أهم منشآت الاتصالات لحريق مفاجئ.
لقد تحدث الوزبر بـ لغة مهندس في الأداء، شرح كيف تمت إعادة توجيه الخدمة إلى السنترالات البديلة، وكيف استمرت خدمات الإنترنت والمحمول دون انقطاع يُذكر، في وقت كان المواطنون يستخدمون الشبكة في ذروة الأزمة، وكأن الدولة قد وضعت سيناريو طوارئ مُسبقًا. ومن يعرف عمرو طلعت عن قرب، يدرك أنه لا يؤمن بالمصادفة في النجاح، بل بالتخطيط.
لقد تحدث الوزبر بـ لغة إداري من طرازرفيع، قاد فرق العمل في أصعب لحظة، ووجّه التنفيذ بخطة محكمة، فأدار الأزمة بهدوء وحكمة، دون تضخيم أو تهوين، تحدث أمام النوب بكل شجاعة، دون أن يُخفي معلومة أو يُبرر خطأ، بل عرض الوقائع بكل شفافية، وتحدث عن التحديات والخطوات القادمة بثقة المسؤول وضمير القائد.
لقد تحدث الوزبر بـ لغة سياسي حكيم، يعلم أن أخطر ما في الأزمات هو فقدان ثقة المواطن، فحرص على أن يكون صادقًا في كل كلمة، حازمًا في كل موقف، مطمئنًا في كل تفصيل. تحدث عن الحريق بلغة لا تترك مجالًا للتأويل، وأكد أن النيابة العامة تُجري تحقيقاتها، فيما تجري الوزارة دراسة فنية معمقة تمنع تكرار الحادث.
ومن اللافت أن الوزير لم يتحدث من برج عاجي، بل بلسان المواطن، فقال: "الخدمة لم تتوقف، الإنترنت ظل يعمل، والخدمات عادت تدريجيًا". وهي رسالة قوية تؤكد أن مصر تمتلك بنية تحتية رقمية مرنة، وقيادة تُجيد إدارتها وقت الشدة.
إن الدكتور عمرو طلعت لم يكن فقط صوت وزارة الاتصالات، بل كان صوت الدولة المصرية كلها وهي تواجه أزمة مفاجئة بثبات واتزان.
هذا الوزير الذي لا يهوى الظهور الإعلامي ولا يتحدث كثيرًا، كان في هذا الموقف أكثر من ناطق باسم الحقيقة. كان مثالًا يُحتذى في القيادة، وقدوة في تحمل المسؤولية، ونموذجًا في الإدارة العلمية الرصينة.
لقد أدار الأزمة كما تُدار المعارك الكبرى، بهدوء الجنرال، وعقلية العالم، ومهارة السياسي، وقلب المواطن.
ومن هنا، فإن ما جرى في لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب لم يكن مجرد اجتماع استماع لتفاصيل فنية، بل كان درسًا في فن القيادة بالأزمات، وبيانًا عمليًا على أن في مصر رجالًا إذا تصدوا للمواقف، أعادوا للناس الثقة، وللدولة الهيبة، وللعلم مكانته.
تحية لوزير يُجيد فن الصمت كما يُجيد فن البيان، ويعرف متى يتحدث، ومتى ينجز، ومتى يضع الأمور في نصابها، لا يخشى المواجهة، ولا يهاب السؤال، لأنه ببساطة، يملك الإجابة، ما فعله الدكتور عمرو طلعت أمام البرلمان يستحق أن يُدرس كنموذج للقيادة الرشيدة، القادرة على المواجهة والتطمين، وعلى الحديث بلغة العلم والصدق معًا، هو وزير من طراز خاص، يجمع بين الهدوء والثقة، وبين التخطيط والتنفيذ، وبين العلم والسياسة في شخص واحد.