النائب أحمد قورة يكتب : الرئيس السيسى رمز الرحمة .. في ساعة حزن ضحايا الاقليمى

لا تُقاس الدول فقط بحجم ما تُشيّده من طرق وكباري، ولا تُوزن القيادات بعدد المؤتمرات والخُطب واللقاءات، فكم من دولة عمّرت في البنيان لكنها انهارت عند أول محنة، وكم من قائدٍ أرهقنا بالكلمات، لكنه اختفى حين احتاجه الناس،حقاً إن مِعيار الدول الحقيقي يظهر حين تشتد الأزمات، وتُختبر معادن المسؤولين، وتُقاس نبضات القلوب في ساعة الألم.
وفي وقتٍ اختلط فيه الحزن بالذهول، وتحوّل الصمت إلى ضجيج داخلي يؤلم أكثر من الصراخ، لم يعد للكلام أي طعم، إلا إذا خرج من قلبٍ يعرف معنى الرحمة، أو اقترن بفعل كريم يُداوي ويُرمم ما كُسر.
حادث فتيات المنوفية ليس مجرد مأساة، بل جرح مفتوح في قلب الوطن. تسعة عشر زهرة من بنات مصر، خرجن من بيوتهن الفقيرة في قلب الدلتا، يحملن فوق أكتافهن النحيلة أحلامًا بسيطة، وأملًا في رزقٍ حلال يعين أسرهن على مواجهة صعوبات الحياة. خرجن بكفاحهن النقي، وعُدن في نعوش بيضاء، ليتركن خلفهن وجعًا لا يُحتمل، وأحلامًا لم تجد طريقها إلى الغد.
ولكن كما اعتدنا دومًا، في لحظات الشدة، يخرج من بين ثنايا الحزن صوت الدولة، ويعلو موقف القيادة، ويظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا ليلقي خطابًا، ولا ليتحدث عن الأرقام، بل ليتخذ موقفًا حقيقيًا، إنسانيًا، يحمل في طياته معاني العدل والرحمة معًا.
الرئيس السيسي لم يترك أسر الضحايا تُصارع الحزن وحدها، بل سارع – كعادته – ليحتضنهم بقراراته، ويربت على قلوبهم المتألمة بموقفه، رفع قيمة التعويضات إلى نصف مليون جنيه لأسر الضحايا، و70 ألف جنيه للمصابين، لم يكن قرارًا روتينيًا أو استجابة متأخرة، بل كان سبقًا إنسانيًا يعكس روح القيادة التي لا تنفصل عن نبض الناس، ولا تتأخر حين يحين وقت الفعل.
هذه اللفتة الكريمة لم تكن مالًا يُوزّع، بل كانت رسالة واضحة بأن كرامة الفقراء مُصانة، وأن الدولة ليست غائبة عن أبنائها، وأن في مصر قائدًا لا ينام على وجع شعبه، السيسي لم يُرسّخ فقط مفهوم الدولة العادلة، بل جسّد معنى الأب الراعي، الذي يشعر بأنين شعبه، ويتحرك قبل أن يطالبه أحد.
إن الرئيس السيسي قدّم درسًا بليغًا في القيادة الحقيقية؛ قيادة ترى في البسطاء أساس الوطن، وفي عرق الكادحين زادًا لبقاء الدولة، لقد أعاد إلينا الإحساس بأننا لسنا وحدنا، وأن في قمة هرم السلطة من يحمل الهمّ معنا، ويعرف أن الرحمة مسؤولية، وأن العدل لا يُجزّأ.
بنات المنوفية لم يكنّ هامشًا كما يظن البعض، بل كنّ العمود الفقري لاقتصاد الكفاح، ولأسرٍ لا تملك إلا الدعاء والعمل، لقد فقدنا فتيات عاملات، شريفات، لم يعرفن التواكل، وعرفن طريق الكرامة رغم الفقر، وفقدانهن ليس فقط ألمًا إنسانيًا، بل خسارة لمجتمعٍ يجب أن يُعيد النظر في آليات النقل الآمن، والرعاية الاجتماعية لمن يعملون في الظل.
إننا أمام لحظة صادقة تتطلب من الدولة والمجتمع وقفة حقيقية، نُطالب فيها بتطوير منظومة النقل الجماعي الآمن، وتوسيع مظلة التأمين والتأهيل والحماية لكل من يُضحي بصمته اليومي من أجل لقمة العيش.
لكن وسط هذا الحزن، تبقى عزاءنا الأكبر أن في مصر قائدًا بحجم عبد الفتاح السيسي، يُجسد معنى الأبوة في وقت الشدة، ويعيد للدولة هيبتها الأخلاقية قبل المؤسسية، ويُبرهن مرة بعد أخرى أن مصر لم تُخلق لتكون دولة صامتة أمام آلام شعبها، بل وطنًا يحتضن أبناءه، ويجبر كسرهم.
وفي ختام كلماتي، لا أملك إلا أن أرفع أكفّ الدعاء لأرواح بناتنا الطاهرات، وأن أتوجه بخالص العزاء لأهلهن وذويهن، وأن أقول بكل صدق، رحم الله فتيات لقمة العيش، وجعل مثواهن الجنة، وربط على قلوب ذويهن، وحفظ الله لنا الرئيس عبد الفتاح السيسي، قلب الوطن وضميره الحي، ورمز الرحمة في زمن قلّ فيه الحنان.
كاتب المقال النائب أحمد قورة عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب وعضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن