النائب أحمد قورة يكتب : توجيهات مدبولي.. استجابة واقعية لصوت البرلمان والمزارعين

مرة أخرى، يثبت الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة جادة في الاستماع لنبض الشارع والبرلمان معًا، من خلال ما جاء في اجتماعه الأخير بشأن تطوير منظومة الري لزراعة قصب السكر، بحضور وزراء الزراعة والري والتموين، وممثلين عن جهاز "مستقبل مصر للتنمية المستدامة"، وهو اللقاء الذي يعكس إدراكًا حكوميًا حقيقيًا لأهمية هذا المحصول الاستراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
لقد جاءت توجيهات رئيس الحكومة بشأن التحول لاستخدام نظم الري الحديثة في زراعة القصب، كتتويج طبيعي لما نادينا به تحت قبة البرلمان، سواء من خلال طلبات الإحاطة العديدة التي تقدمنا بها داخل لجنة الزراعة والري، أو عبر اللقاءات المباشرة التي عقدناها مع السيد وزير الزراعة، علاء الدين فاروق، الذي كان متجاوبًا وواعياً بالتحديات التي طرحناها حول معاناة مزارعي القصب، سواء في تكلفة الإنتاج أو نقص المياه، أو تدهور الإنتاجية في بعض المناطق بسبب أساليب الري التقليدية.
ولعل الأهم في هذا السياق، هو ما أعلنه وزير الزراعة من أن هذه النظم تسهم في تقليل استخدام الأسمدة والمبيدات، وتخفض تكاليف مقاومة الحشائش، وهي أعباء طالما اشتكى منها المزارعون في صعيد مصر، الذين يعتمدون على زراعة القصب كمصدر دخل رئيسي.
كما أن حديث الوزير علاء فاروق عن انتشار بعض الممارسات الزراعية المرشدة بين المزارعين بالفعل، يعكس ما لمسناه خلال جولاتنا في المحافظات واللقاءات مع الجمعيات الزراعية، التي أكدت رغبتها في التحول للتقنيات الحديثة إذا ما توفرت لها الإمكانات والدعم الفني والتمويلي.
إن ما شهدناه في هذا الاجتماع ليس مجرد قرارات على الورق، بل هو نتاج طبيعي لتكامل الأدوار بين الحكومة والبرلمان، وهو ما نأمل أن نراه في ملفات زراعية أخرى، لا تقل أهمية عن ملف قصب السكر.
ولقد سبق أن حذرنا، مرارًا، من السياسات غير المدروسة التي كانت تهدد بتدمير محصول قصب السكر، نتيجة الاعتماد المتزايد على بنجر السكر على حساب القصب، وعدم التزام شركات السكر بتوصيات وزارة الزراعة فيما يخص الخلف المسنة، وغياب الدعم الحقيقي للمزارعين في الحصول على الأسمدة في توقيتاتها وبأسعارها المدعمة، مما دفعهم إلى ترك الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية والمخصبات بسبب أسعارها الباهظة. وقد نبهنا إلى أن توقف مبادرة البنك المركزي المصري لتمويل التحول لنظم الري الحديث، وعدم السماح بالتوسع الأفقي في محافظات مثل قنا وسوهاج – رغم جاهزيتها – قد أسهم في تراجع إنتاجية القصب بشكل خطير.
كما انتقدنا بوضوح السياسات المائية التي سمحت بالتوسع في المناطق المطرية البعيدة، والتي تحتاج إلى محطات رفع واستهلاك طاقة هائل، بينما تم تجاهل أراضٍ قريبة من نهر النيل في محافظات القصب التي تنتج محاصيل استراتيجية تحتاجها الدولة بالفعل، وهو تناقض يضر بالمصلحة العامة.
وقد قدمنا مقترحات واضحة، منها: إعادة تطبيق الدورة الزراعية لتوحيد الأعمار الزراعية، والتوسع في استخدام الشتلات المعتمدة والميكنة الحديثة، وإصلاح خطوط الدييكوفيل، ودعم الطاقة الشمسية، والأهم من ذلك رفع سعر طن القصب تدريجيًا بما يتناسب مع التكاليف الفعلية للإنتاج، حتى نعيد الثقة لمزارعي القصب الذين صمدوا رغم كل العقبات.
الاجتماع الأخيرلمجلس الوزراء أمس الثلاثاء لم يكن بروتوكوليًا أو روتينيًا، بل يعكس بصدق إدراك القيادة السياسية لما يواجهه هذا القطاع الحيوي من تحديات، ويؤكد أن التنسيق بين الحكومة والبرلمان هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار زراعي واقتصادي حقيقي.
إننا نُثمن توجيهات الدكتور مصطفى مدبولي، ونطالب بالإسراع في تنفيذها على أرض الواقع، دعمًا لمزارعي القصب في صعيد مصر، الذين يستحقون كل التقدير، لأنهم ببساطة العمود الفقري في منظومة الأمن الغذائي المصري، وفي النهاية لا صوت يعلو فوق صوت المزارع المصري، الذي يستحق أن نمنحه كل دعم، لأنه ببساطة من يصنع لنا الأمن الغذائي على أرض الواقع.
كاتب المقال النائب أحمد قورة عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب وعضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن ونائب دائرة مركز ومدينة دار السلام بسوهاج