الكاتب الصحفي صبري حافظ يكتب: رسالة من مستأجر

اتصل صديقى الذى يعاود الاتصال بين فترة وأخرى خاصة عندما يعانى من أزمة أسعار متواصلة الارتفاع أو فاتورة كهرباء وغاز «أو نت مش طبيعية» وما أكثرها.
وسألني: يبدو أن حكومتنا الرشيدة مش حتجيبها لبر، وآخر ما طرحته قانون الإيجارات القديمة وتقديمه للبرلمان فى وقت المنطقة كلها فوق صفيح ساخن وكأن الحكومة تريد إشعال حريق بالبلد وتهديد السلم والأمن الوطنيين بهدف الوصول لتشريع يطرد المستأجر أو يفرض عليه إيجارًا شهريًا يضعه فى وضعية يُسلم فيها شقته صاغرًا للمالك الذى دفع فيها «مقدمًا وإيجار شهريًّا» استقطعه من راتبه الشهرى.
والأغرب أن المشروع يركز على الطرد أو رفع الإيجار إلى عشرة آلاف جنيه دون أن يحدد مكان العين فى مصر الجديدة أو فى إمبابة وكفر طهرمس مثلًا، وسنة التعاقد مع المالك هل فى أربعينيات القرن الماضى أو فى التسعينيات، وهما عوار ولغط كبيران.
قلت له: البرلمان يختلف عن الحكومة وسوف يدرس بتأنٍ للوصول لصيغة توافقية للعلاقة، رغم ما يؤخذ على البرلمان أنه أطلق يد الحكومة طوال السنوات الماضية، ولم نر استجوابًا ناريًا أو طلب إحاطة لرئيس الحكومة أو الوزير المختص يحد من إطلاق يد الحكومة مثل سنوات سابقة، وباتت تفعل ما تشاء فى المواطن الغلبان.
قال يا صديقى، فى منتصف التسعينيات بعت عدة قراريط كل ما أملكه فى بلدتى، واستأجرت شقة بمنطقة شعبية بمقدم 10 آلاف جنيه وإيجار شهرى قيمته 150 جنيهًا، ومرتبى من عملى وقتها كان حوالى 350 جنيهًا، أى أن المالك كان يحصل على نصف راتبى تقريبًا، وما زال يحصل على هذا الإيجار، بينما كانت شقة التمليك فى نفس المكان بـ13 ألف جنيه أو تزيد قليلًا.. أى لو كان معى وقتها 3 آلاف جنيه كنت اشتريت شقة تمليك، وحصل المالك على العشرة آلاف وزاد عليها 4 آلاف واشترى شقة «تمليك» وتأجيرها.. والمالك حصل منذ أن استأجرت الشقة على ثمنها- كتمليك وزيادة- وما زلت أدفع شهريًا منذ 30 عامًا.
فى وقت يشعرك البعض أن المستأجر حصل على الشقة دون مقابل!
وقال: المشروع المقدم من الحكومة يخل بمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة متسائلًا هل المقدم الذى دفعته والإيجار حتى اليوم من دم قلبى يذهب سدى لأجد نفسى فى الشارع، حتى لو كان عندى شقة أو خمس، متسائلًا فى دهشة ما علاقة شقتى بالإيجار بما أملكه أو يملكه غيرى، الشاهد فى المبلغ الكبير الذى دفعته وقتها وما زلت أدفع شهريًا إيجارًا حتى ولو كان بسيطًا حاليًا كان يساوى الكثير قبل 10 أعوام.
قلت له، هناك حلول عديدة تحقق التوازن فى العلاقة منها زيادة القيمة الإيجارية بنسبة 200% فى المناطق الشعبية وألف فى المئة فى مصر الجديدة والزمالك وخلافه- حسب (إيجاره الشهري والمكان والموقع)، والنظر فى زيادة كل 5 سنوات، أو إقامة مدينة سكنية لـ2 مليون مستأجر، وتسليم شقق بديلة لكل صاحب شقة سيطرد منها على أن يسدد «مقدمًا للحكومة وشهريًا» بما يوازى الإيجار الذى يدفعه للمالك حاليًا خاصة أن معظم المستأجرين فى مناطق شعبية وعلى المعاش ويعانون الأمرين من أسعار وقرارات حكومية تصيب المواطن بالصدمة والرعب!