بوابة الدولة
الأربعاء 8 مايو 2024 02:40 مـ 29 شوال 1445 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

د. محمد شبانة يكتب ... ” عين جالوت ” .. تفاصيل أكبر معجزة فى التاريخ العسكرى ( ٤ )

د. محمد شبانة
د. محمد شبانة

اقتران النصر بمصر المحروسة :عرفتم إذن لماذا قرن الله النصر بمصر وجنود مصر, عرفتم إذن أنه لو كانت تلك المعطيات قبل المعركة في دولة أخرى كانت ستنهزم حقاً لا محالة وليس الماضي الوسط أسيوي والإيراني والعراقي والشامي من ذلك ببعيد, عرفتم لماذا تدخلت العناية الإلهية التي أكرر أنها سر النصر الرمضاني المجيد, عرفتم إذن كيف صدرت مصر الحضارة للعالم في العصور القديمة وأنارت ظلام العالم القديم ثم عادت مصر لتنوب عن العالم بأكمله في غلق بوابات الجحيم وعالم الظلمات السفلي التي انفتحت على العالم بأسره وتكفلت مصر وحدها المكفولة بعناية وحماية الله بإعادة تلك الوحوش الخرافية الكاسرة إلى كهوف الجحيم, وحماية وإنقاذ الإسلام بل البشرية كلها من أن تحل عليها ظلمات الجحيم, والاحتفاظ بشعلة الحضارة منيرة في الكوكب الأرضي, وتكرر ذلك في عين جالوت الثانية "موقعة حمص الثانية" زمن قلاوون وعادت العناية الإلهية المتكفلة بحماية مصر مجدداً لدرء خطر المغول "وإن عدتم عدنا", إنها روح مصر وتضحيات شعب مصر وجنود دافعت عن مصر والإسلام والبشرية جمعاء, إنها عين جالوت الخالدة الموقعة الأهم في تاريخ الجنس البشري بأكمله, الموقعة التي أعيدت فيها مرة أخرى مباديء الهيولي الأول وقوى العماء والخواء البدئي الأسطورية, والوحوش الكاسرة والتي كأنها جبابرة الإغريق (التيتان) إلى عالمها الذي أتت منه عالم الشر والظلمات والذي كادت أن تحل ظلماته على العالم الدنيوي والكوكب الأرضي بأكمله لكن مصر ونورها ومنارتها أبت ذلك.

(د) مصر حرز الإسلام وحصنه وملاذه الأخير: كانت مصر وستظل حرز الإسلام فإذا شبهنا الإسلام مثلاً سنشبهه بمدينة حصينة وتلك المدينة لها أسوارها وتحصيناتها التي تحفظها من هجوم الأعداء, وبداخل المدينة نفسها توجد القلعة الحصينة بحيث لو سقطت المدينة واخترق الأعداء أسوارها وتحصيناتها يتم اللجوء للقلعة فوق ربوة حصينة من المدينة, وبداخل تلك القلعة فوق أكثر بقعها تحصيناً يوجد ما يُسمى الحرز keep or donjon وهو عبارة عن قليعة صغيرة أو برج ضخم أو مجموعة أبراج أو معقل يشكل الحصن أو الملاذ الأخير والذي فيه يمكن التحصن في حالة سقوط المدينة وقلعتها, وهذا الحصن أو الملاذ الأخير ليس فقط حرزاً للحماية بل من الممكن إعادة الحشد والتعبئة وشن هجوم مضاد منه لاستعادة القلعة والمدينة برمتها من الأعداء وهذا المبدأ التحصيني كان من سمات العمارة العسكرية الصليبية وقد استوحيته للتشبيه, فأسوار المدينة وتحصيناتها (أسوار الإسلام) كانت الدولة الخوارزمية التي انهارت, وقلعة المدينة الحصينة كانت العراق والشام ولما سقطتا لم يعد للإسلام سوى الحرز أو الملاذ والحصن الأخير لمدينة الإسلام والذي هو مصر التي حمت الإسلام كله من حصنها الذي لا يُرام ثم أنها شنت هجوماً مضاداً بمعية إلهية وحررت أجزاء مدينة الإسلام الجزء تلو الآخر.

تحية شخصية لأبطال عين جالوت: يؤسفني فعلاً أن هذه الموقعة في التاريخ البشري لا تُعامل كما ينبغي أن تُعامل بين أبناء الأمة الإسلامية جمعاء, ولعمري لو كان من انتصر على المغول هم الأوربيون لتغنوا بذلك قروناً وألفوا فيه إلياذة وأوديسة جديدة وملاحم, ناهيك عن الأفلام والمسلسلات, ولنحتت تماثيل لأبطال الموقعة توضع في أهم أماكن المدن الكبرى والحواضر العظمى, بل لجُعل هذا اليوم يوماً مقدساً في تاريخ أوربا ولصار عطلة رسمية عند جُل شعوب أوربا إن لم يكن كلها, لا أعلم سر هذا التدليس على حقائق الموقعة وعدم إعطائها حجمها الذي يليق بها هل أوربا تحسد العالم الإسلامي أنهم هم الذين حققوا النصر وليس الأوربيون؟ ولماذا تُعامل عين جالوت مثلها مثل أي موقعة في التاريخ؟, وكيف لا تُدرس كمعجزة عسكرية في الدراسات المختلفة والأوربيون هم أهل العلم والبحث والتمحيص ومستشرقوهم هم من وضعوا أسس الدراسات التاريخية والآثارية وغيرها ورسخوا للموضوعية والنزاهة في الدراسات والبعد عن الأهواء والميول لمصلحة من كل ذلك؟ علماً بأن أوربا نفسها استفادت من نتائج الموقعة وتم إنقاذها هى الأخرى من الضياع مع العالم الإسلامي, ثم أين الأقلام الناقدة المحللة من أبناء الأمة الإسلامية الباحثة في التاريخ والتراث الإسلامي بصفة عامة لتوقظ العقول من غفوتها وتنتقد ما جاء في المصادر التاريخية من أكاذيب وخزعبلات وأساطير والتباسات يأباها العقل والمنطق؟ أين هي من محاولة إعمال العقل والبحث والدرس والتنقيب والتمحيص والنظر والتحقيق؟ الحمد لله أن لم يتم تزييف كل تاريخ الموقعة وبقى لنا خيوط نستطيع بإعمال العقل الوصول لاستناجات بل حقائق منطقية دامغة بشأنها, تحية شخصية مني لكل أولئك الأبطال الذين شاركوا في تلك الحرب المقدسة والتي لا يعلم مقامهم ومقام موقعة عين جالوت إلا الله ثم أنا ونفر قليل من الناس, تحية لكم يا أبطالنا وشهداءنا تحية لأرواحكم الطاهرة كم أتمنى أن ألقاكم وأقبل كلاً منكم فرداً فرداً يا من أنقذتم الإنسانية كلها وحفظتم الإسلام بل والمسيحية من الضياع وصنتم أعراض النساء من الانتهاك, والمساجد والكنائس وبيوت العبادة من التدنيس, وأرواح العباد من الإزهاق, والبلاد من الفساد والخراب والدمار والحرق, والحضارة من الإندثار, تحية لكم يا فخر مصر وفخر الإسلام وفخر البشرية لترقدوا في سلام.

ونختم بإيراد رسالة هولاكو المزلزلة إلى الملك المظفر قطز سلطان مصر:

"من ملك الملوك شرقاً وغرباً الخاقان الأعظم، باسمك الله باسط الأرض ورافع السماء، يعلم الملك المظفر قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال أنَا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على من حل به غضبه، سلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرفق بمن شكى، قد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب وعلينا الطلب، فأي أرض تؤويكم وأي طريق تنجيكم وأي بلاد تحميكم، فما من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق وسهامنا خوارق وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال، فالحصون لدينا لا تمنع والعساكر لقتلنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع، فإنكم أكلتم الحرام، ولا تعفون عن الكلام، وخنتم العهود والأيمان وفشا فيكم العقوق والعصيان، فأبشروا بالمذلة والهوان (فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون)، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، فمن طلب حربنا ندم ومن قصد أماننا سلِم، فإن أنتم لشرطنا ولأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تُهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذر من أنذر وقد ثبت عندكم أنّا نحن الكفرة، وقد ثبت عندنا أنكم الفجرة، وقد سلطنا عليكم من له الأمور المقدرة والأحكام المدبرة، فكثيركم عندنا قليل، وعزيزكم عندنا ذليل، وبغير المذلة ما لملوككم علينا سبيل، فلا تطيلوا الخطاب وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منّا جاهاً ولا عزاً ولا كافياً ولا حرزاً، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم والسلام علينا وعليكم وعلى من أطاع الهدى وخشي عواقب الردى وأطاع الملك الأعلى".

فاللهم كما حققت المعجزة الكبرى ونصرت الإسلام بل البشرية بل قوى الخير كلها في عين جالوت المجيدة على قوى الشر الجبارة التي عصفت بالعالم انصره وانصر الخير على قوى الشر التي بُعثت من جديد.

كاتب المقال الدكتور محمد شبانة المتخصص فى الآثار الإسلامية

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى07 مايو 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 47.6623 47.7617
يورو 51.3037 51.4298
جنيه إسترلينى 59.7733 59.9171
فرنك سويسرى 52.5262 52.6648
100 ين يابانى 30.8514 30.9217
ريال سعودى 12.7079 12.7351
دينار كويتى 154.9288 155.4541
درهم اماراتى 12.9760 13.0042
اليوان الصينى 6.6030 6.6179

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,503 شراء 3,526
عيار 22 بيع 3,211 شراء 3,232
عيار 21 بيع 3,065 شراء 3,085
عيار 18 بيع 2,627 شراء 2,644
الاونصة بيع 108,939 شراء 109,650
الجنيه الذهب بيع 24,520 شراء 24,680
الكيلو بيع 3,502,857 شراء 3,525,714
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى