يسرى جبر يرد على فهم خاطئ للحديث: من كانت له أرض فليزرعها لا يعنى تحريم الإيجار
قال الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه»، الذي رواه الإمام البخاري عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، لا يعني النهي المطلق عن كراء الأرض، وإنما النهي عن صور معينة من التأجير التي كانت تؤدي إلى النزاع بين المالك والزارع.
وأوضح جبر، خلال حلقة برنامج "أعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن الصحابي جابر بن عبد الله كان من الأنصار الذين احترفوا الزراعة، ولهذا وردت عنهم أغلب الأحاديث المتعلقة بالأراضي والزراعة، كما أن المهاجرين أكثر من رووا أحاديث التجارة والربا لأنهم كانوا تجارًا بطبيعتهم، لافتًا إلى أن هذا الحديث الشريف نزل في سياق معالجة مشكلات واقعية وقعت بين الأنصار حول تأجير الأراضي الزراعية.
وبيّن أن النهي في الحديث جاء بسبب طريقة التأجير القديمة التي كانت تُحدّد للزارع جزءًا معينًا من الأرض يأخذ ما يخرج منه فقط، فيُفضّل خدمته ويُهمل باقي الأرض، مما أحدث شقاقًا بينه وبين المالك، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الصورة من المعاملة التي تزرع الخصومة بين المسلمين.
وأضاف أن صور التأجير الجائزة نوعان: الأولى أن يتفق الطرفان على نسبة مشاعة من الناتج مثل النصف أو الثلث، والثانية أن تُؤجر الأرض بمبلغ معلوم من النقود، مشيرًا إلى أن هاتين الصورتين معمول بهما الآن في القرى المصرية، ولا حرج فيهما شرعًا.
كما أوضح أن الحديث يحث على استثمار الأرض وعدم تركها بورًا، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فليزرعها أو ليمنحها أخاه»، أي ليمنحها أخاه المسلم لينتفع بها بلا مقابل حتى يحتاجها صاحبها، وهذا من باب الهبة المؤقتة للمنفعة لا للتمليك.
وأكد أن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم هو منع أسباب الخصومة بين الناس، وتشجيعهم على عمارة الأرض، فقال: "من كانت له أرض فليزرعها بنفسه أو لينفع بها أخاه، فإن خاف من النزاع أو المماطلة فله أن يمسكها، فالإسلام لا يحرّم التأجير، وإنما ينهى عما يثير الشقاق ويقطع المودة".





















