محمد خليفة يكتب: الرضا المهني وبيئات الإعلام المتوترة
يشكل الرضا المهني أحد أهم العوامل المؤثرة في جودة الأداء داخل المؤسسات الإعلامية، خاصة في ظل ما تشهده هذه المؤسسات من ضغوط مهنية واقتصادية وتنظيمية متزايدة، فالإعلامي اليوم لم يعد فقط ناقلًا للخبر، بل أصبح فاعلًا في بيئة شديدة التعقيد تتأرجح بين متطلبات السوق وضغوط الإدارة وغياب الاستقرار المؤسسي. ومع تصاعد حدة التوتر ,والتحديات، يبرز التساؤل: كيف يمكن تحقيق الرضا المهني وسط بيئة يغلب عليها القلق، والمنافسة، والتهديد بعدم الأمان الوظيفي؟
غياب التخطيط الاستراتيجي داخل المؤسسات الإعلامية يؤدي إلى حالة من الارتباك المهني، حيث يشعر العاملون بأن قراراتهم مرهونة بردود أفعال لا بخطط واضحة، وجود رؤية مؤسسية طويلة المدى، وتوزيع عادل للمهام، وتقدير الجهود بشكل منظم كلها عناصر تخلق بيئة مهنية أكثر استقرارًا وتقلل من التوتر الداخلي.
حيث تتعرض الكوادر الإعلامية لمجموعة من المخاطر، تبدأ من الإجهاد الذهني وضغط المواعيد، وصولًا إلى التهديد بفقدان الوظيفة أو التشكيك في الكفاءة المهنية، هذه المخاطر لا تؤثر فقط على الحالة النفسية للعاملين، بل تمتد لتنعكس على جودة المحتوى الإعلامي ومصداقية المؤسسة ذاتها.
ومن أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية اليوم هو غياب الحوكمة الداخلية، وعدم وضوح المسارات المهنية، وتداخل الصلاحيات، ومع غياب نظم تقييم عادلة ومبنية على الكفاءة، يتراجع الإحساس بالإنصاف، وهو ما يضعف الشعور بالرضا المهني ويزيد من حدة الصراعات الداخلية.
حيث تعاني المؤسسات الإعلامية كذلك من تهديدات ومخاطر خارجية مثل تقلص سوق الإعلانات، والتطور التكنولوجي السريع، والضغوط السياسية والاقتصادية. هذه العوامل تجعل المؤسسة في حالة توتر دائم، مما ينعكس بدوره على الأفراد ويخلق بيئة عمل يغلب عليها القلق وعدم الأمان.
إن تحقيق الرضا المهني داخل المؤسسات الإعلامية المتوترة لا يتحقق إلا من خلال إدارة واعية تدرك أهمية العنصر البشري وتعمل على تمكينه، لا استنزافه. فالإعلامي الراضي مهنيًا هو القادر على الإبداع والالتزام، وهو رأس المال الحقيقي لأي مؤسسة تسعى للاستمرارية في عالم سريع التغير.
كاتب المقال محمد خليفة مستشار التطوير المؤسسي وإدارة المخاطر





















