البابا تواضروس: كل شىء بدون المحبة لا قيمة له.. المحبة مفتاح قلب الإنسان وطريقه للسماء

ألقى قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته الأسبوعية فى اجتماع الأربعاء، من كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالمقر الإداري الجديد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
وبدأ قداسته سلسلة جديدة بعنوان "أصحاحات متخصصة"، وأشار إلى أن الكتاب المقدس ممتلئ بالدروس والمعرفة، وبه بعض الأصحاحات المتخصصة في موضوع واحد فقط، واختار هذه السلسلة كدرس كتاب وللتعمق في موضوع واحد من أكثر من زاوية.
وقرأ قداسة البابا اليوم الأصحاح الثالث عشر من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس، وموضوعه "المحبة"، وسيتناوله في الأسبوعين الأولين من السلسلة الجديدة.
وأوضح قداسته أن الكتاب المقدس لا يوجد فيه كنايات بل حقائق، والمحبة هي مفتاح قلب الإنسان، وهي طريق الإنسان للسماء، والقديس بولس تغزل في المحبة بنظام، فوضع أولًا مقدمة ليشرح مكانة المحبة في حياة الإنسان، ثم تناول مجموعة من الصفات، وبعدها استنتاج أخير "أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ" (١ كو ١٣: ١٣).
كما أوضح قداسة البابا أن كل شىء بدون المحبة، لا قيمة له، مثلما أوضح القديس بولس في مقدمة الأصحاح.
وتناول قداسته عظمة المحبة في ثلاثة مبادئ أساسية، هي:
١- الكلام بلا محبة هو ضوضاء: قد يتكلم الإنسان بفصاحة أو بلغات أجنبية، ولكن إذا غابت المحبة صار صوته كضوضاء بلا حياة، وهذا هو المعيار الذي يوزن به كلام الإنسان، مثال: الفريسي والعشار.
٢- الكلام بلا محبة هو فراغ: فالمعرفة والإيمان بدون محبة هو أحد أشكال الكبرياء، مثال: الشيطان.
٣- العطاء أو الخدمة بلا محبة هي باطلة: حتى التضحية القصوى التي تُقدم بلا محبة، فلا تنفع صاحبها، مثال: حنانيا وسفيرة.
وأوصى قداسة البابا أنه ونحن في بدء عام قبطي جديد، أن يراجع الإنسان شكل محبته، لأن الله يقيس المحبة الحقيقية داخل قلب الإنسان.
وقدّم قداسته صورة جوانب المحبة كما قدمها القديس بولس، وأشار إلى علامات نقص المحبة، كالتالي:
١- الحسد: نقص المحبة يُولِّد لدى الإنسان مشاعر الكراهية والبغضة تجاه الآخر.
٢- نقص المحبة تجاه الله: وتتمثل في إهمال الصلاة وقراءة الكتاب المقدس والأسرار والصوم.
٣- الاستهانة بالحضرة الإلهية في الكنيسة، وعدم محبة السماء.
٤- السقوط في محبة العالم.
وتناول قداسة البابا علاج نقص المحبة، كالتالي:
١- المحبة ضد الغيرة، والقديس يوحنا ذهبي الفم قال: "الحاسد عدو لنفسه قبل أن يكون عدو لغيره"، فالمحبة هي الدواء الناجع ضد الغيرة، كما تفرح المحبة لفرح الآخرين، "فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ" (رو ١٢: ١٥).
٢- المحبة لا تتفاخر، ولا تسعى للشهرة.
٣- المحبة لا تنتفخ، والمقصود هو كبرياء الإنسان، فالمحبة تبني ولكن الكبرياء يهدم العلاقات، "يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً" (يع ٤: ٦).
٤- المحبة ضد الأنانية وسوء التعامل، فالمحبة تحترم اللفظ بلياقة، وعبارات رقيقة، "«اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ»" (مت ٣: ١٥).
٥- المحبة لا تطلب ما لنفسها، بل تستر كثرة من الخطايا، "لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا" (١ بط ٤: ٨).
٦- المحبة ضد الانفعال الشرير والشماتة ولا تحتد، فالمحبة تتمثل في الهدوء والتعامل مع الآخر في الجانب الإيجابي، وقال القديس يعقوب السروجي: "المحبة تطفئ نار الغضب كما تطفئ المياه لهيب النار".
٧- المحبة لا تظن السوء، بل تفترض حسن النية وتلتمس العذر للآخر، وتحتاج المحبة كذلك حكمة التصرف، "وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ" (١ كو ١٣: ٦).