اللواء محمد بيومي يكتب: ناقوس التنمية الاقتصادية والتوجه الريادي

كتبت مقالًا منذ شهور؛ حاولت في غضون سطوره أن أدق أجراس الإنذار حول عديد الأشباح التي تواجه كيانات الاقتصاد المصري الذي يعاني خطر السقوط في هاوية التضخم؛ حيث ترتكز رءوس الأموال في خزائن كبرى الشركات القابضة، والتي يتبعها إداريًا شركات أخرى متوسطة وصغيرة، وبدلًا من ضخ الأموال وتدفقها بسهولة وسرعة في الخطوط الإنتاجية لهذه الشركات؛ كي يستفيد منها المواطن مباشرة.
فمازالت العديد من الشركات الإنتاجية والخدمية -تتجه عن عمد - نحو الاحتفاظ والتراكم السلبي للأموال الجاري استثمارها؛ وذلك في صورة أوعية إدخارية بالعديد من البنوك؛ كي تستفيد من فروق الأسعار؛ الناتج عن تباين سعر الصرف؛ لاسيما مع تنامي الشائعات المتكررة حول ارتفاع سعر العملة.
والآن أكرر وأرددها بكل صراحة وعلانية لمن يعتبر؛ لا يمكن الحديث عن التصدي لمشكلات التضخم والركود؛ دون الإشارة إلى ضرورة اعتماد وارتكاز رءوس الأموال النقدية والمادية علي السوق المحرر اقتصاديًا وسياسيًا وتنظيميًا، والذي يجب أن تحكمه وتهيمن عليه قواعد قانونية مرنة؛ تتبني مفاهيم الديمقراطية وتحرير الاقتصاد، وتكفل حرية وسرعة سريان المعلومات والحقائق ومشاركتها بين المستثمرين ورجال الأعمال، وسهولة الحصول عليها من مصادرها المتجددة، ومن ثم إمكانية إجراء عمليات البحث والتطوير في الخطط الاستثمارية، والاستراتيجيات التنموية؛ دون تعسف أو بيروقراطية أو فساد إداري.
لقد بدأت الدولة منذ اكثر من 10 سنوات في إعادة تشغيل المصانع المغلقة والمقدرة بنحو 12 الف مصنع؛ فضلًأ عن تشغيل 300 مصنع أي (2%) من هذه المصانع في عهد وزير الصناعة الحالي الفريق كامل الوزيري بالرغم من التحديات العالمية التي شهدها العالم من أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانيا، ثم الحرب الثلاثية بين أمريكا وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر، وما القته من ويلات على الشرق الأوسط ككل.
ورغم هذه الصدمات ثنائية الأثر العسكري والاقتصادي؛ إلا أن الاقتصاد المصري مازال صامدًا أمام هذه التحديات، الأمر الذي يفرض بشدة ضرورة التوجه نحو فتح العديد من الملفات، والتي يتصدرها قضية الضرائب، ودراسة سبل السداد الميسر لمديونيات الشركات لدي الحكومة؛ كي تستطيع الوفاء بالتزاماتها وتسديد حقوق العاملين فيها، ومن ثم مواصل السعي نحو تقديم الخدمات لصالح المواطنين .
تمتلك الدولة المصرية البنى التحتية اللازمة لتحقيق الإنجازات الاقتصادية، والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن، والأهم من ذلك هو امتلاك العقول والموارد البشرية القادرة على التغيير، الأمر الذي يتطلب إدارة إستراتيجية واعية تقود هذا الرصيد الإنساني نحو الاستدامة المجتمعية، والتوجه الريادي نحو القضايا والموضوعات الملحة والعاجلة؛ لخدمة الشعب و تحسين خدماته.
لا يمكن المناداة بشعارات التنمية المجتمعية المستدامة؛ دون التصدي للشائعات المغرضة حول أسعار العملة؛ كسبب رئيسي في نفور المستثمر الأجنبي، كي تسعى الدولة بدعم هيئاتها وجماعات مصالحها في تعزيز مبادرات الانفتاح الاقتصادي، وتبني المشروعات التنموية الرائدة في ربوع الدولة وأقاليمها؛ مرحبة بشراكات العمل، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية؛ وترسيخ علاقات الدولة ذات الأبعاد السياسية والإستراتيجية بالنظم والهيئات المحلية والدولية، وغيرها من الجهود والمبادرات الساعية نحو الارتقاء برفاهية المجتمع، وتعزيز نموه الاقتصادي.
فلنتكاتف معًا نحو تنمية مقومات رءوس الأموال المادية والبشرية؛ باعتبارها رصيدًا تأمينيًا وقائيًا أثناء الأزمات الاتصالية الناجمة عن الشائعات والبلبلة الاقتصادية عديمة الجدوى، ودون التصدي بكل حسم وحزم لهذه الشائعات فلا سبيل للسؤال حول ارتفاع قيمة الأسهم المالية للشركات المحلية ذات الروابط الاقتصادية القوية الساعية نحو نمو مبيعاتها، وزيادة حصتها الإنتاجية، وتعزيز عوائدها الاقتصادية..وللحديث بقية.