الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : مولد سيدى المرشحين والإستقطابات المحمومه هل من حل .

المجتمع في أزمه حقيقيه ، أدركناها في هذا العبث الخطير والإستقطاب المحموم الذى يطل برأسه ونحن على مشارف الإنتخابات البرلمانيه ، والذى أطلق عليها البعض " مولد سيدى المرشحين " تجسيدا لهذا الهزل ، والذى قد يدفع إلى تطاحن وتباغض وصراعات بين كل فئات المجتمع خاصة فى ريف مصر وصعيدها ، حيث يتم الدفع ببعض البسطاء من الناس للإعلان عن ترشحهم فى بعض المناطق ، والشوارع ، والبلدان مقابل مبلغ من المال وذلك بهدف حصار مرشحين منافسين لمن دفع بهم ، وكذلك الدفع بآخرين للنيل من هؤلاء المرشحين أيضا وذلك لصالح من دفع بهؤلاء المأجورين مقابل أموالا طائله ، وذلك بإطلاق الشائعات ، والحديث عنهم فى التجمعات بصوره سلبيه ، يواكب ذلك إستخدام هؤلاء صفحاتهم على الفيس بوك لتنفيذ هذا المخطط الإجرامى ، الخطوره أن إمتد ذلك ومن الآن للنيل من مرشحين إنطلاقا من قبليه ، بمعنى مهاجمة هؤلاء السفهاء أبناء بلدانهم لصالح من دفع لهم من المرشحين من بلدان آخرى بغرض إضعافهم والتقليل من شأنهم ، للإيهام أنهم بلا شعبيه ، والذى قد يترتب عليه مشاحنات لايحمد عقباها ، هذا النهج البغيض لاشك يضر ضررا بالغا بمرشحين أكفاء ، خاصة أهل الخبره ، والمنتمين لجيل الشباب الذين لديهم رؤيه ، ويحوزون بإحترام الجميع .
ضبطا للإيقاع بالمجتمع وحمايته ، وحفاظا على الكفاءات ، يجب أن تكون تلك القضيه المجتمعيه الخطيره محل بحث الأجهزه وتفاعل حقيقى وردع ، كما حدث بإقتدار فى سحق كل البلطجيه الذين تم رصدهم ، حتى شعر الناس بالأمان بعد رعب عايشوه فتره من الفترات تأثرا بهذا السلوك المشين ، واليقين بحتمية ترشيد سلوك كثر عديمى الخبره ، قليلى الفهم ، فاقدى الوعى ، ممن يستخدمون صفحاتهم على الفيس بوك أبشع إستخدام للنيل من الشخصيات العامه ، وحتى جيرانهم حين يقع بينهم خلاف ، دون إدراك منهم أن ذلك لايضعهم تحت طائلة القانون ، لذا لابد من ردع قبل أن نستيقظ جميعا على فاجعه بين كثر منطلقها هذا السلوك السيىء ، وكذلك يتعين على الأحزاب إختيار شخصيات تتمتع بشعبيه حقيقيه ، يحتضنها الشعب ، ولاتفرض عليهم ، ولنا فى ذلك واقعه فى بلدتى بسيون يتوارث حكايتها الأجيال ، حيث كنا أطفالا صغار قام بعض الشخصيات الذين لهم مكانه مجتمعيه ببلدتى بالإلتفاف حول مواطن بسيط يعانى من إعاقه ذهنيه ، وذلك كنوع من التمرد على ماأرادوا فرضه عليهم من المرشحين ، حيث تم وضعه على حمار بالعكس ، يعنى ظهره لوجه الحمار ، ووجهه لمؤخرة الحمار ، وطافو به أياما بشوارع بلدتنا من بعد العصر وحتى العشاء ، وسط ضجيج الطبله والمزمار ، فترسخ فى يقين الناس هزلية ماتقرر فرضه عليهم ، وبالتبعيه هزلية الإنتخابات ، فما كان من مأمور المركز فى ذلك الوقت إستشعارا بالمسئوليه إلا التواصل معهم حفاظا على التكاتف المجتمعى ، وإعادة الإحترام للعمليه الإنتخابيه ، وإستجابوا لأن الرساله وصلت ، الآن تغير الزمان لذا قد يأخذ الإحتجاج على التهاون فى إرادتهم أشكالا أخرى تعظم الهزل لذا يتعين على الأحزاب التدقيق فى طرح المرشحين .
نبهنا هذا السلوك الغريب على مجتمعنا والذى أدى إلى تعاظم هذا التردى الذى يلمسه الجميع تأثرا بغياب أصحاب الرؤيه والخبره ، إلى أننا فى حاجه للتمسك بكل القاده الحزبيين ، والشخصيات العامه ، وأصحاب الفكر فاعلين فى الحياه العامه للإستفاده بخبرتهم ، ورفض ماإتخذوه هم أنفسهم طواعية وعن طيب خاطر من نهج الإبتعاد عن وجع الدماغ ، حتى فيما يتعلق بالمشاركه فى الإنتخابات البرلمانيه ترشحا وحتى إدلاءا بالصوت ، وترك الجمل بما حمل لمن يريدون تصدر المشهد بلاخبره ، إنطلاقا من دعم ينقصه الإراده الشعبيه ، وكذلك أهمية إعلاء ثقافة الإختلاف ، واليقين بأن الرأى الآخر منطلقا صحيحا للبناء والتقدم والإزدهار لأنه يساهم فى تصويب الخلل ، وتأكيد الرؤيه الصادقه التى تنطلق من بيانات وإحصاءات ومعلومات صحيحه .
يتعين أن يعى جيدا كل الساسه على إختلاف إنتماءاتهم السياسيه ، وقناعاتهم الفكريه خاصة الذين ينعمون بكل الدعم أن من الخطيئه إعتقاد كل منهم أن مايقولون به من رأى هو الصواب ، ومايسلكونه من نهج سياسى هو الحق ، وما يعتقدونه من أفكار ليس لها بديل ، وأن مايمارسونه من سياسه لايأتيها الباطل على الإطلاق ، بل يجب اليقين الحتمى بأن مايقولون به ليس هو الحق المبين ، وما يطرحونه ليس هو الحقيقه المطلقه ، ومايكتبونه ليس فيه كلمة بعيده عن الصدق ، لأن منطلق كل ذلك معطيات حياتيه بالقطع تتغير بمرور الأيام ، وتغير الأفهام ، ولأضرب مثلا بنفسى كثيره هى القناعات السياسيه التى تراجعت عنها ، والأفكار التى راجعت فيها نفسى ، والمواقف التى تغيرت بعد إنكشاف المستور ، وظهور الغرض لدى من طرحوها ، بل كثيرا ماإعتذرت عماطرحت ككاتب صحفى متخصص عن تحليلات كانت مبنيه على معلومات لاتتسم بالعمق ، بل كثيرا ماقدمت الشكر لمن نبهنى عن خطأ وقعت فيه ، أو رؤيه كان له فيها حق جعلتنى أحدث مراجعة لما كان لدى .
أقول ذلك لله ثم للوطن لعل يوجد رجل رشيد صاحب كلمه ، ويملك قرار يتدبر ماطرحت ، فيصوب الخلل ، مؤكدا على أننى لاأبغى من هذا الطرح أى هدف لأننى أولا وبفضل الله وصلت سياسيا ومجتمعيا ووظيفيا إلى مالم يصل له إلا قله من أبناء جيلى ، ويكفى شرفا أننى كنت نائبا عن الأمه ، ثانيا أننى فى مرحله عمريه زهدت فيها فى كل شيىء وليس السياسه فقط ، أو حتى الترشح للبرلمان ، أو كتابة مايعجب أحدا أو يظن أحدا أننى أتملق بحروفى أحد ، لأن قلم الكاتب هو شرفه ، متمنيا أن أنال شرف التنبيه قبل أن يتعاظم الهزل كل الحياه . وتعظيما لهذا الوطن الغالى . يبقى السؤال الجوهرى الذى مؤداه مآسى ماقبل الإنتخابات البرلمانيه ومولد سيدى المرشحين والإستقطابات المحمومه هل من حل .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .