الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : أحمد الفضالي.. قامة وطنية حفرت اسمها في سجل الخالدين بحروف من نور وذهب

في زمن تتباين فيه المواقف وتتعدد فيه الولاءات،وفى سجل الشخصيات الوطنية التي حفرت أسماءها في ذاكرة الوطن بأحرف من نور وذهب يبرز اسم المستشار أحمد الفضالي كواحد من الرموز الوطنية المصرية التي لا يختلف عليها اثنان، رجل لا يساوم على حب الوطن، ولا يعرف إلا الانحياز للثوابت الوطنية، ولا يشغله إلا مصلحة مصر، التي سكن حبها أعماقه، فصار اسمه مرادفًا للوطنية الخالصة والنضال الشريف، لم يتأخر يومًا عن تلبية نداء الوطن، ولم تتوانَ لحظة عن الدفاع عن قضاياه في الداخل والمحافل الدولية، رافعًا راية الدولة المصرية، ومدافعًا صلبًا عن ثوابتها ومقدساتها.
هو رجل الدولة والفكر والقانون، الذي يقف دائمًا في الصفوف الأولى، لا يهاب المعارك حين يكون الوطن طرفًا فيها، ولا يكلّ ولا يملّ في الدفاع عن قضايا مصر داخليًا وخارجيًا، مستلهمًا من تاريخها المجيد عظمة تُترجم في مواقفه، وصوتًا صارخًا بالحق لا يخفت أمام أي ريح.
وما يميز أحمد الفضالي حقًا أنه لا يسعى إلى أضواء الإعلام، بل تصنعه المواقف، رجل يحمل رسالة لا وظيفة، ومبدأ لا مصلحة، يسير بين الناس كقائد بسيط لكنه عظيم في قيمه وأثره.
قائد لا يشغله سوى الوطن والمواطن
الفضالي لا يبحث عن منصب ولا يلهث خلف شهرة، بل يحمل هموم المواطنين على عاتقه، ويجعل من المصلحة الوطنية بوصلته في كل قرار وموقف،رجل يملك روح القائد وجرأة المحارب، لا يتردد في اقتحام الميادين رغم ما بها من عواصف من أجل مصر، ويؤمن أن خدمة الوطن شرف لا يناله إلا من بايع الأرض والناس والكرامة.
هو القائد الذي جمع بين القوة الهادئة والحضور الصارخ، بين الفكر والعقيدة، بين القانون والسياسة، وجعل من نفسه سفيرًا للسلام والمحبة، ومظلة وطنية تجمع أطياف الشعب المصري، إذ أسس رابطة جمعيات الشبان المسلمين والمسيحية دعمًا لنسيج مصر الواحد، وتعبيرًا عن قناعاته الراسخة بأن الوحدة الوطنية هي أساس استقرار هذا الوطن.
* صوت الدولة المصرية في المحافل الدولية
كان أول مصري وعربي تختاره منظمات الأمم المتحدة للسلام ليكون نائبًا لرئيس الاتحاد العالمي لسلام الشرق الأوسط، لم تكن هذه الصفة مجرد لقب بروتوكولي، بل مسؤولية حملها الفضالي على عاتقه، مشاركًا في المؤتمرات الدولية بقوة الموقف وبلاغة الحجة، ناقلًا للعالم صوت مصر ومطالبها ومبادئها.
* توحيد الصف.. وإرساء معاني الوحدة الوطنية
جسّد أحمد الفضالي معنى "نسيج الوطن الواحد" حين أسّس رابطة جمعيات الشبان المسلمين والمسيحيين بمصر، ليجعل من هذا الكيان رسالة قوية تؤكد أن لا فرق بين مسلم ومسيحي تحت راية الوطن. فكان مؤمنًا بأن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في وجه أي فتنة أو مخطط تفتيت.
* معارك القدس.. وبصمته في مواجهة التهويد
منذ العام 1997، أسّس منتدى القدس محور السلام في الشرق الأوسط، كخط دفاع متقدم ضد تهويد القدس. كان صوته مدويًا برفضه لضم المدينة المحتلة إلى إسرائيل، وبذل كل ما بوسعه لإبقاء القدس عربية في وجه محاولات التهويد والاستيطان.
* تشريعات من أجل العدالة والكرامة الإنسانية
صاحب مشروع قانون عدم ازدراء الأديان في الأمم المتحدة عام 2005، والذي قدّمه للأمين العام الأسبق كوفي عنان، وطرحه أمام مجلس الأمن الدولي. كان هذا المشروع رسالة واضحة ضد أي إساءة للمعتقدات والرموز الدينية، دفاعًا عن كرامة الإسلام والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودعوة لاحترام التنوع الديني في العالم.
* صاحب الرسالة الإنسانية في الدفاع عن القيم والحقوق
كان مستشارًا قانونيًا للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وأحد أعمدته القانونية. كما عُين مستشارًا رسميًا للاتحاد الفيدرالي للسلام بالأمم المتحدة، وعضوًا دائمًا باللجنة الإسلامية العالمية لحقوق الإنسان، وهو ما يعكس الثقة الدولية التي نالها نتيجة التزامه الدائم بقضايا الحقوق والحريات.
* من القاهرة إلى نيويورك وروما وفيينا.. سيرة أممية حافلة
شارك في مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، وقضايا القدس، وحقوق الإنسان. وكان دائمًا ممثلًا مشرفًا لمصر، حاضرًا في المشهد العالمي بصفته القانونية والحقوقية والإنسانية. كل خطوة دولية خطاها كانت لخدمة قضية عادلة أو فضح عدوان أو توعية ضمير عالمي.
مواقف من ذهب.. ومسيرة لا تعرف التراجع
قاد مسيرة السلام الشعبية إلى مدينة طابا للتنديد بالإرهاب، ونظّم المنتدى العالمي للسلام في شرم الشيخ، وواجه قادة إسرائيل في محكمة العدل الدولية بعد عدوان غزة. مواقف لا تُعد ولا تُحصى، كلها تنتمي لمعركة واحدة: معركة الوطن.
الفضالي.. رجل المبادئ والميادين
لم يكن يومًا باحثًا عن تصفيق، بل عن إنجاز. لم يرتدِ عباءة السياسة من باب المناورة، بل من بوابة الشرف، إنه المستشار أحمد الفضالي، اسم سيبقى محفورًا في ذاكرة مصر كأحد فرسانها الأوفياء، الذي اختار دائمًا الصفوف الأولى، وخاض كل المعارك حبًا في تراب الوطن.
إننا أمام شخصية وطنية استثنائية، اجتمعت فيها الخبرة والكرامة، الجرأة والمسؤولية، الرؤية والبصيرة، شخصية حفرت لنفسها مكانًا رفيعًا في ذاكرة الوطن، وجعلت من اسمها علامة مسجلة في قاموس الشرف الوطني.