علاج ادمان المخدرات: أهم العوامل، طرق وخطوات العلاج

تبدأ القصة بجرعة فضول. جرعة فضول أو هروب من ألم، ثم تتصاعد إلى دوامة يصعب الخروج منها.

هنا نروي لك كيف يتطور ادمان المخدرات، ولماذا يحدث، وكيف يمكن من خلال العلاج الطبي والنفسي المُمنهج استعادة الحياة الخالية من الحياة!

كيف أعرف أنني مُصاب بالإدمان

يستطيع الشخص أن يعرف أنه مدمن أم لا، إذا لاحظ تكرار خلل في في حياته اليومية من خلال عدة معايير (العمل، العلاقات، الصحة) بشكل مستمر وغير مُتحكّم فيه.

ولكن انتبه!

فالمرض يؤثر بشكل مباشر على دوائر المكافأة والتحكم الذاتي في الدماغ لدى الشخص المدمن، وقد يستمر آثارها لفترات طويلة حتى بعد التوقف عن التعاطي!

أسباب ادمان المخدرات

لا يخرج الإدمان عن 3 عوامل (بيولوجية ونفسية واجتماعية)، إليك نظرة عن هذه العوامل:

عوامل بيولوجية ووراثية

أولًا، تلعب العوامل الجينية الوراثية المحور الأساسي في تحديد قابلية الفرد للإصابة بالإدمان…

فتشير الدراسات إلى أن الجينات قد تُسهم بنسبة تصل إلى 40-60% من عوامل الإصابة بالإدمان.

حيث تؤثر المواد المخدرة بأنواعها بشكل مباشر على كيمياء الدماغ من زيارة إفراز هرمون الدوبامين. والذي بدوره يزيد من فعل السلوك القهري، ويضعف تدريجيًا قدرة الشخص على مقاومة الإدمان.

عوامل نفسية

من جهة أخرى، تجارب الطفولة السيئة أو المعاناة من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) تجعل الشخص يلجأ إلى المخدرات كآلية للهروب من الألم النفسي الذي يعيش أو عاش فيه.

كما أن الاضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، تزيد من احتمالية اللجوء إلى التعاطي كوسيلة للتخفيف المؤقت من الأعراض النفسية والهروب من الألم النفسي.

عوامل اجتماعية وبيئية

الرغبة في الانتماء للمجتمع أو للأصدقاء بالأخص في فترة المراهقة، مع ضغط الأقران، قد يدفع المراهقين إلى تجربة المخدرات ليشعروا ذويهم بالانتماء لهم.

كما أن سهولة الوصول إلى المخدرات وتوافرها في البيئة المحيطة للمدمن الجديد، يُسهل من الانتقال من التعاطي التجريبي إلى الاعتماد المنتظم.

وأيضًا، كلما كانت الظروف الاقتصادية الصعبة زادت مستويات التوتر والضغط النفسي بالنسبة للبعض، والمخدرات هنا تلعب كوسيلة للهروب المؤقت من معاناة الحياة.

علامات وأعراض ادمان المخدرات

تظهر أعراض أو علامات الإدمان عادةً في 4 أبعاد رئيسية، تعكس هذه الأربعة التأثير العميق لتعاطي المواد المخدرة على الجسم والنفس والسلوك:

الحاجة القهرية وزيادة التحمل

يشعر الشخص المدمن بشعور قهري لاستخدام المخدر بشكل متكرر على مدار اليوم مع صعوبة في مقاومة هذا الإلحاح.

وبمرور الوقت، تظهر الحاجة لزيادة الجرعة بشكل تدريجي لزيادة النشوة، للحصول على نفس التأثير، فيما يُعرف طبيًا بظاهرة "التحمل".

السلوكيات اليومية المرتبطة بالتعاطي

ينفق المدمن من وقته وماله كثيرًا، طمعًا في إيجاد المخدر، أو استخدامه، أو في التعافي من آثاره!

وغالبًا يكون ذلك على حساب الالتزامات بعائلته وعمله وصحته.

الاستمرار رغم العواقب

يتميز المدمن باستمراره على التعاطي رغم إدراكه للأضرار الصحية أو النفسية أو الاجتماعية التي تدمر حياته.

ويظهر ذلك في تدهور العلاقات الشخصية في حياته، وفقدان الوظيفة، وتدهور الحالة الصحية له، دون أن يؤدي ذلك إلى التوقف عن التعاطي.

أعراض الانسحاب والتغيرات السلوكية

وأخيرًا، عند محاولة التوقف عن التعاطي تظهر أعراض انسحابية شديدة، مثل: القلق، والأرق، وآلام العضلات.

مع تغيرات سلوكية ملحوظة: الانعزال، والإهمال الشخصي، وتقلبات المزاج.

طرق علاج ادمان المخدرات (خطوات العلاج)

تتطلب طرق علاج الإدمان على المخدرات خطة علاجية مُنظمة تشمل عدة مراحل متكاملة لضمان التعافي المستدام:

التقييم الطبي والتشخيص النفسي

لوضع خطة علاجية مُخصصة لكل حالة، يلجأ الأطباء لتقييم الحالة من خلال:

• نوع المادة المخدرة، وشدة الإدمان عليها.

• مدى تأثيرها على وظائف الجسم والدماغ.

• هل يوجد أي اضطرابات نفسية أو اجتماعية مصاحبة أم لا.

إزالة السموم (Detox)

تُجرى هذه المرحلة تحت إشراف طبي دقيق لتخفيف أعراض الانسحاب مثل القلق، الأرق، وآلام العضلات، سواء بالتوقف المفاجئ المحكوم أو عبر تخفيض الجرعات تدريجيًا.

وتتمثل الأدوية المستخدمة: دواء لوفكسيدين أو دواء كلونيدين، لتقليل شدة الأعراض الانسحابية، مع نظام صحي لدعم استقرار الحالة الصحية للمريض.

المعالجة الدوائية (Pharmacotherapy)

في بعض الحالات، يكون العلاج الدوائي عنصر أساسي لدعم التعافي، خصوصًا في حالات الإدمان على الأفيونات.

ويشمل هذا العلاج:

• الميثادون: لاستقرار كيمياء الدماغ، ومنع ظهور أعراض الانسحاب الحادة.

• البوبرنورفين: للتخفيف من الرغبة الشديدة للإدمان، وتقليل خطر السلوك الإدماني.

• النالتريكسون: لمنع تأثير المواد الأفيونية في حال العودة للتعاطي.

العلاج النفسي والسلوكي (Behavioral Therapies)

• العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتعديل الأفكار والسلوكيات السلبية اليومية.

• العلاج التحفيزي المعزز (MET) لتعزيز الدافعية.

• إدارة التعزيز (CM) التي تقدم مكافآت للامتناع عن التعاطي.

• العلاج الأسري والجماعي لتحسين وتعزيز شبكة الدعم المحيطة بالمريض.

إعادة التأهيل وإعادة الإدماج (Rehabilitation & Reintegration)

تنقسم هذه المرحلة إلى:

• برامج الإقامة الداخلية: يقيم المرضى لأسابيع أو لأشهر، ويخضعوا لبرامج علاجية مكثفة في مراكز متخصصة تشمل جلسات فردية وجماعية.

• البرامج الخارجية المكثفة (IOPs): حضور جلسات علاجية ومعرفية منتظمة دون الحاجة للإقامة بالمركز، وهي مناسبة للحالات المتوسطة من الإدمان.

المتابعة والوقاية من الانتكاس (Aftercare & Relapse Prevention)

للحفاظ على التعافي، هناك جلسات متابعة دورية، تُشجَّع المتعافون على المشاركة في مجموعات داعمة مثل "المدمنون المجهولون".

الفائدة: توفير دعم نفسي واجتماعي مستمر، لضبط المهارات الوقائية مع تقليل مخاطر الانتكاس.

علاج ادمان الهيروين

علاج ادمان الهيروين عملية معقدة نوعًا ما، إذ تتطلب تنسيق دقيق بين الإشراف الطبي المكثف والعلاج النفسي طويل الأمد.

إزالة السموم (Detox)

في البداية، تبدأ رحلة التعافي بمرحلة إزالة السموم …

وهي الفترة الأصعب، لما فيها من أعراض انسحاب شديدة ( التعرق الغزير، والقلق، وآلام العضلات، والغثيان، والقشعريرة ) ولهذا تُشدد فيها التوصيات الطبية والإشراف المكثف.

وقد هذه الفترة لمدة أسبوع أو أكثر، ولهذا السبب، عادةً ما يتم اللجوء إلى استخدام أدوية داعمة لتخفيف حدة الأعراض للانتقال للمراحل الأخرى من العلاج.

الأدوية المساعدة (MAT)

وتشمل هذه المرحلة استخدام أدوية مُتخصصة تساعد على تقليل الرغبة الملحّة للإدمان:

• الميثادون: يُعطى بجرعات ثابتة للحد من أعراض الانسحاب وتقليل الرغبة الشديدة.

• البوبرنورفين: كبديل آمن والأقل من حيث التأثير بدون شعور النشوة مقارنة بالهيروين.

• النالتريكسون: لتثبيط مستقبلات الأفيونيات في الدماغ، ومنع تأثير الهيروين الشديد للمحافظة على التعافي.

العلاج السلوكي المعرفي

يُسهم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج التحفيزي (MET)، في تعديل الأنماط السلوكية السلبية المرتبطة بالتعاطي.

كما يهدف إلى تعليم المرضى مهارات يومية فعّالة لمواجهة المحفزات الإدمانية وتقوية القدرة على التحكم الذاتي.

وذلك عن طريق جلسات علاجية فردية وجماعية.

علاج ادمان الشبو (الكبتاجون)

يُشكل علاج ادمان الشبو عقبة كبيرة، نظرًا لتأثيره العميق والمباشر على الجهاز العصبي المركزي داخل جسم الإنسان.

ولذلك، لكي يحقق التعافي المستدام فلا بد من مروره بعدة مراحل رئيسية:

إزالة السموم (Detox)

في البداية، بعد التوقف عن التعاطي، تظهر مرحلة إزالة السموم لتفيد في التعامل مع الأعراض النفسية والجسدية الحادة …

مثل الأرق، والعدوانية، والهلوسة، واضطرابات النوم.

العلاج الدوائي

بعد الانتهاء من مرحلة إزالة السموم، ينتقل المريض إلى مرحلة العلاج الدوائي لدعم استقراره النفسي والجسدي. ويشمل ذلك:

• الميرتازابين: وهو مضاد اكتئاب يُساهم في:

  • تقليل الشعور القهري للتعاطي.

  • تحسين جودة النوم.

  • التخفيف من القلق بعد مرحلة الانسحاب.

• البوبروبيون: لتخفيف الرغبة القوية في التعاطي من خلال تأثيره الإيجابي على مستويات الدوبامين والنور إيبينفرين في الدماغ.

• البنزوديازيبينات: تُوصف بحذر لتخفيف (القلق والأرق) مع الالتزام بمراقبة طبية صارمة لتجنب خطر الإدمان الثانوي عليها.

برامج العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

تهدف إلى تعديل أنماط التفكير لدى المريض، وتطوير استراتيجيات وأساليب مُعينة لمواجهة الضغوط والمحفزات المرتبطة بالتعاطي.

ولتقليل احتمالات الانتكاس تُعقد هذه الجلسات بشكل فردي وجماعي، بالتزامن مع تنفيذ تدريبات منزلية لتعزيز مهارات التحكم في النفس والتخطيط لمواجهة المواقف الصعبة.

برامج الدعم الجماعي

تُساهم برامج الدعم الجماعي في:

• توفير بيئة خالية من المحفزات الإدمانية.

• داعمة للاستقرار العاطفي والاجتماعي.

• تحفيز الالتزام ببرامج الامتناع لفترات أطول.

دور الدعم النفسي والاجتماعي في التعافي

توفر مشاركة الأسرة والأصدقاء البيئة النفسية التي تحتضن الشخص المدمن، وتعزيز دافعيته من خلال التعبير عن ضغوطه اليومية بحرية.

يأتي الاستشارات النفسية الفردية والجماعية دور لتفادي الشعور بالعزلة والتعامل مع الصدمات.