بوابة الدولة
الأربعاء 8 مايو 2024 11:19 مـ 29 شوال 1445 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

الدكتور محمد شبانة يكتب .. النسر ذى الرأسين فى ” الحشاشين ” .. ” سلجوقى ” إيرانى أم أناضولى ؟

الدكتور محمد شبانة
الدكتور محمد شبانة

مسلسل الحشاشين الذي يُعرض حالياً في رمضان عمل درامي أثار الكثير من الجدل والذي أعتقد أنه لا يضيره بقدر ما يصب في مصلحة العمل الدرامي, وبعيداً عن القضية التي سأطرحها ورغم أنني أقوم بالنقد التاريخي الآثاري لا الفني إلا أنه لفت نظري في العمل ضخامة الانتاج وإعتماده على عنصر الإبهار للمشاهد والمتلقي كما أن تصوير العمل وزوايا التصوير وعنصر المناظر الطبيعية والخلوية والمعارك والإخراج والجهد الخرافي المبذول في العمل بصفة عامة كان مثيراً للإعجاب بحق, وبعيداً عن أي جدل مثار أريد أن أسجل كمتلقى أن هذا العمل الدرامي التاريخي يعد نقلة نوعية في تاريخ المسلسلات التاريخية المصرية الإنتاج انتقل فيها العمل الدرامي المصرى من حيث الشكل لمستوى يضاهي المسلسلات التاريخية التركية والعالمية, مستوى يفخر به كل مصري في الحقيقة هذه نقطة, لكن على الجانب الآخر فقد امتلأ العمل بالكثير من الأخطاء التاريخية والآثارية التي لاحظتها بصفتي مؤرخ فنون وآثاري متخصص في مجال الآثار الإسلامية والقبطية, لكن ما استفزني علمياً حقيقة هو مشاهدتي لعنصر "النسر ذو الرأسين" الذي شوهد بكثرة في المسلسل يزين تفاصيل كثيرة خاصة بسلاجقة إيران لعل أهمها الأعلام والرايات السلجوقية وكذلك طالما كان يزين غطاء الرأس الذي كان يرتديه الوزير السلجوقي الشهير "نظام الملك" عنصر النسر ذي الرأسين الذهبي بحيث بدا وكأنه شارة أو رمز لدولة سلاجقة إيران استفزني ذلك لسببين أولهما أن رسالتي للماجستير كانت عن "الكائنات الخرافية والمركبة في التصوير الإسلامي في إيران" ورغم أنها كانت من العصر المغولي حتى نهاية العصر الصفوي وعلى التصوير لا الفنون التطبيقية, إلا أن هذا لم يمنع أنني بحثت في سبيل إعداد الرسالة بحثاً متعمقاً في التصوير والفنون التطبيقية السلجوقية في إيران, وثاني الأسباب أنني من المهتمين علمياً بمنطقة أسيا الوسطى وإيران من ناحية وبالدراسات التركية وأثر الأتراك على الحضارة والفنون الإسلامية بعد إسلامهم من ناحية أخرى بل وأزعم أن لنا إسهامات علمية هامة في هذه المجالات, إذن نحن نتكلم وخلفنا رصيد وخلفية علمية وثقافية عما نتكلم بشأنه راسخة الجذور, لماذا إذن استفزني ذلك؟ استفزني إنني رأيت خلافاً لذلك أن جوجل نفسه يعتقد أن أحد الأعلام "المحتملة" لدولة السلاجقة علم عليه رسم النسر ذي الرأسين, أو لنقل على نحو أدق الطائر الجارح ذا الرأسين لأن هوية الطائر نفسه تحتاج لمقارنات تفصيلية ليتم تحديد الهوية والنوع والفصيلة عقاباً أو نسراً أو صقراً أوغير ذلك (لكن لنقل نسراً تجاوزاً) إذن هذا الأمر أضحى لدى البعض قد يعبر عن حقيقة لديهم بوجود هذا العنصر لدى الأتراك السلاجقة في إيران كشارة أو رمز ما أدي لاستفزازي علمياً لأدلي بدلوي في هذه القضية العلمية والتي لا ترق في نظري لكونها إشكالية, أولاً لا بد أن نعرف أن الأتراك السلاجقة ينحدرون من قبيلة "قنيق" وهي إحدى قبائل الأتراك الأوغوز, والأتراك الأوغوز أحد أهم سلالات الأتراك وكانت العنصر الذي كان يشكل العمود الفقري لدولة الگوك ترك إحدى أهم الدول التركية العظمى في أسيا الوسطى قبل الإسلام, وبعد إسلام الأتراك الأوغوز عُرفوا بالترك الغُز أو التركمان في بعض المصادر والتي من بعض قبائلها تشكلت الكثير من الدول الإسلامية لعل أهمهم السلاجقة والعثمانيون, إذن متى يمكن أن نقول أن هذا الرمز سلجوقي إيراني نقول ذلك إذا كان رمزاً قديماً عند الأتراك الأوغوز قبل الإسلام حيث ساعتها سيكون قد احتمله الأتراك فيما احتملوا من رموزهم الوثنية السابقة على الإسلام وأدخلوها في فنونهم الإسلامية, ومسألة أن النسر ذا الرأسين كان رمزاً تركياً قديماً شاع على فنونهم ومنتوجاتهم الفنية القديمة ليس فقط محل شك لكنه مستبعد بالكلية وأتكلم عن النسر ذي الرأسين تحديداً وليس عنصر النسر والذي كان له وجود في الفنون وكذا المعتقدات والأساطير والكوزمولوجيات الترك- مغولية السابقة على الإسلام, لكن الإشارة الأدبية الوحيدة المؤكدة لنسر ذي رأسين أو طائر جارح ذي رأسين (وليس نسرا تقليدياً برأس واحدة) أوردها العلامة"مرسيا إلياد" في التراث التركي القديم قبل الإسلام عند الشعوب الأورالية الألطائية حيث يوجد هذا النسر المزدوج الرأس فوق الشجرة الكونية في المخيلة الأسطورية, لكن هذه الإشارة الأدبية ليس لها أي ظهير في الفنون التركية القديمة ولا حتى توجد نماذج صريحة فيما يُعرف بـ"الأسلوب أو الطراز الأوراسي الحيواني" الشائع في السهوب الأوراسية عند بدو سيبيريا والشعوب الترك- مغولية, إذن لا يوجد هذا العنصر في الفنون التركية السابقة على الإسلام, كما أن الإعتقاد في كونه كان رمزاً أو شارة للدولة السلجوقية في إيران يستلزم ذلك ظهوره بكثرة على التحف الفنية المنسوبة لسلاجقة إيران وفي مخطوطاتهم والأهم على نقودهم أو مسكوكاتهم التي تعد مرآة صادقة للتاريخ وتعكس الأوضاع السياسية لكن هذا لم يحدث وكل ما هنالك أن المرحومة الدكتورة منى بدر أوردت ما يشير لاحتمالية تمثيل بعض الحيوانات والطيور التي ترمز للقوة والعظمة كالأسد والنسر على الأعلام والرايات السلجوقية لكن النسر العادي وليس النسر ذا الرأسين, هذا فيما يتعلق بسلاجقة إيران, لكن الحقيقة أن سلاجقة إيران الذين يسمون بالسلاجقة العظام كانوا هم الدولة الأم التي تفرع منها فروع كثيرة لعل أهمها سلاجقة كرمان, سلاجقة الشام, وسلاجقة الأناضول, والفرع الأخير هو الفرع الذي ظهر على بعض عمائره وفنونه ونقوده عنصر النسر ذي الرأسين.

النسر ذو الرأسين ابتكار سلجوقي أناضولي وليس سلجوقي إيراني حيث أن سلاجقة الروم الذين يُعرفون بسلاجقة الأناضول هم من أحيوا هذا العنصر القديم عن طريق مصدرين لا ثالث لهما أولهما أنه إما كان نتاجاً مباشراً لتأثيرات محلية مستمدة من الفنون الحيثية (الحثية) القديمة حيث يلعب عنصر النسر ذي الرأسين دوراً في المعتقدات والأساطير الحيثية وكانت الآثار والمخلفات الفنية الحيثية كثيرة في الأناضول لعل أهمها صخرة في ألاجا هويوك أو ألاتشا هويوك (محافظة جوروم حالياً بتركيا) تعود للعصر الحيثي في الأناضول عليها نحت لنسر ذي رأسين تقبض براثن كل رجل من رجليه على قواع (أرنب بري) ويُعتقد أنه كان شارة أو شعاراً ملكياً, كما شاع النسر ذو الرأسين عند الحيثيين على المنحوتات الصخرية في الموقع الآثاري الحيثي القديم الأناضولي المعروف يازيليكايا (يازيليكايا كلمة تركية تعني الصخرة ذات النقوش) والقريب من خاتوشا العاصمة القديمة للحيثيين (حالياً قرية بوغازكوي في تركيا) وكذلك على الأختام الحيثية, وثانيهما أن هناك من يرى أن مصدره عند سلاجقة الروم بيزنطي حيث كان شائعاً في الدولة البيزنطية, وإن كانت أمثلته الأولى في الدولة البيزنطية مختلف عليها في مسألة التأريخ لكن الذي لا خلاف عليه في رأينا أنه كان عنصراً محلياً أناضولياً يرد إلى عصر الحيثيين وهو ما أثر أصلاً في البيزنطيين الذين كان شطراً كبيراً من دولتهم يقع في الأناضول.

وقد ظهر هذا العنصر عند سلاجقة الأناضول في عهد علاء الدين كيقباد الأول (1220-1237) حيث كان محفوراً على الصنجة المفتاحية لأحد العقود الموجودة في أسوار مدينة قونية, وأيضاً ظهر على بلاطة خزفية من قصر علاء الدين كيقباد الأول في قُباد أباد بالقرب من آق شهير, ووجد محفوراً حفراً بارزاً على مجمع ديوريجي في سيواس (1228-1229), لكن إذا كنا قد نفينا أن يكون عنصر النسر ذي الرأسين رمزاً أو شارة أو شعاراً لدولة سلاجقة إيران العظام بل نفينا أن يكون عنصراً فنياً أو رمزياً شائعاً لديهم أصلاً سواء على العمارة أو الفنون أو النقود ماذا عن سلاجقة الأناضول هل كان شارة أو رمزاً لدولة سلاجقة الاناضول؟ الحقيقة أنه ليس لدينا دليل علمي واحد يؤكد ذلك وكل ما هنالك أنه قد يكون رنكاً (الرنك في الإصطلاح السائد في العصور الإسلامية فارسي الأصل ويعني الشارة أو العلامة أو شعار النبالة نظير ماكان سائداً في أوربا العصور الوسطى) للسلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد الأول حيث شاع في عهده ولكن ذلك لا يعد حتى قرينة على أنه كان رمزاً أو شعاراً أو علماً لدولة سلاجقة الأناضول برمتها وذلك حتى نضع الأمور في نصابها الصحيح.

كاتب المقال الدكتور محمد شبانة المتخصص فى الآثار الإسلامية

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى08 مايو 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 47.5014 47.6014
يورو 51.0450 51.1715
جنيه إسترلينى 59.3388 59.4685
فرنك سويسرى 52.2510 52.3899
100 ين يابانى 30.5495 30.6158
ريال سعودى 12.6650 12.6924
دينار كويتى 154.4109 154.7863
درهم اماراتى 12.9322 12.9605
اليوان الصينى 6.5728 6.5872

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,509 شراء 3,531
عيار 22 بيع 3,216 شراء 3,237
عيار 21 بيع 3,070 شراء 3,090
عيار 18 بيع 2,631 شراء 2,649
الاونصة بيع 109,117 شراء 109,827
الجنيه الذهب بيع 24,560 شراء 24,720
الكيلو بيع 3,508,571 شراء 3,531,429
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى