الكاتب الصحفي سمير دسوقي يكتب: المحافظ مرزوق… عندما يصبح حديث الناس شهادة
ساقتني الأقدار إلى مدينة المنصورة، عروس محافظة الدقهلية وعاصمتها، لأداء واجب العزاء لأحد الأصدقاء، وفي مثل هذه اللحظات الإنسانية التي تختلط فيها المشاعر، تتحول سرادقات العزاء – في زمننا هذا – إلى ساحات مفتوحة للحديث وتبادل الآراء، حيث تختفي المجاملات ويعلو صوت الصراحة، وتصبح الكلمات أكثر صدقًا وعفوية، سواء اتجهت إلى القيل والقال أو إلى تقييم الواقع كما يراه الناس دون مواربة.
وسط هذا المشهد، لفت انتباهي حديث دار بين عدد من الحضور عن اللواء طارق مرزوق، محافظ الدقهلية، حديث لم يكن مُعدًا ولا مُرتبًا، بل خرج من أفواه المواطنين بعفوية كاملة. وبحكم الفضول الصحفي أولاً، وبحكم معرفتي المسبقة بالرجل ثانيًا، آثرت الصمت والإنصات، فالكلمات الصادقة تُقال حين لا يكون صاحبها منتظرًا تصفيقًا أو مكسبًا.
بدأ أحدهم الحديث قائلاً إن المحافظ كان في جولة ميدانية شملت عددًا كبيرًا من المحال والمخابز، ليرد آخر قائلاً: «وما الجديد؟ الرجل منذ أن تولى المسؤولية وهو لا يهدأ، يعمل كخلية نحل، موجود في الشارع أكثر مما هو في مكتبه». ثم تدخل ثالث مؤكدًا: «ده راجل مية مية، وكل واحد بياخد حقه، سواء مواطن أو مسؤول».
توالت الآراء، وتحول سرادق العزاء إلى ما يشبه حلقة نقاش سياسية واجتماعية، اتفق فيها الجميع – رغم اختلاف خلفياتهم – على حقيقة واحدة، وهي أن محافظ الدقهلية يعمل ويجتهد من أجل المواطن الدقهلاوي، وأن حضوره في الشارع ليس استعراضًا، بل ممارسة حقيقية لمسؤولياته.
والحق أن اللواء طارق مرزوق ينتمي إلى مدرسة أمنية خاصة، تعرف جيدًا معنى الانضباط والعدل، وتؤمن بأن الحق لا يُمنح إلا لأصحابه، ولا يُؤجل تحت أي ظرف. رجل يدرك أن المنصب مسؤولية ثقيلة، وأن خدمة الناس لا تتحقق بالشعارات، بل بالعمل الميداني والمتابعة الدقيقة والحسم دون ظلم.
وأنا أستمع إلى هذا الحوار، ازددت قناعة بأن اختيارات القيادة السياسية حين تضع مسؤولاً في موقعه، فإنها تفعل ذلك وفق رؤية دقيقة، تدرك من خلالها أن المرحلة تحتاج إلى رجال قادرين على المواجهة والعمل وتحمل النقد. فالتجربة أثبتت أن من يعمل بإخلاص لا بد أن يواجه أصواتًا معارضة، لكن القاعدة الراسخة تبقى دائمًا: الكلاب تعوي، والقافلة تسير بثبات نحو البناء والتقدم.
سعادتي الحقيقية لم تأتِ من معرفتي المسبقة بالمحافظ، بل من كون هذا التقييم جاء على ألسنة المواطنين أنفسهم، دون توجيه أو ترتيب. ولهذا رأيت أن أسطر هذه الشهادة، لا مجاملة، بل احترامًا لكلمة حق قيلت في مكان لا يعرف إلا الصدق.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أقول: تحيا مصر… بقيادتها السياسية الواعية، وتحيا برجالها الشرفاء في كل موقع، الذين يؤدون واجبهم بإخلاص من أجل هذا الوطن.
























