د ميادة محمود تكتب: مصرلاعب إقليمي صاعد في صناعة الهيدروجين الأخضر
في ظل سباق العالم لمواجهة تغيّر المناخ وتقليل الانبعاثات، ظهر “الهيدروجين الأخضر” كأحد أهم الحلول الواعدة لتحقيق التحول نحو اقتصاد نظيف ومستدام. فالدول الكبرى، من أوروبا والخليج إلى آسيا، تتجه اليوم بقوة نحو الاستثمار في هذا النوع من الوقود الخالي من الانبعاثات، لما يملكه من قدرة هائلة على تشغيل الصناعة والنقل والطاقة دون الإضرار بالبيئة.
الهيدروجين الأخضر…
هووقود المستقبل ومحرك التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون
فالهيدروجين الأخضر هو هيدروجين يتم إنتاجه عبر عملية التحليل الكهربائي للمياه باستخدام طاقة متجددة مثل الشمس أو الرياح،وهذا يعني أن إنتاجه لا ينتج عنه انبعاثات كربونية،حيث لا ينتج عنه سوى بخار الماء.
، فيجعل منه وقودًا “صديقًا للمناخ” مقارنة بالهيدروجين الرمادي أو الأزرق الذي يُنتج من الغاز الطبيعي، وهذا يتوافق مع أهداف اتفاق باريس وخطط الدول للوصول إلى “صفر انبعاثات”.
ويعد حل مثالي للقطاعات صعبة التخلص من كربونها مثل:صناعة الحديد والصلب ،صناعة الأسمنت،الشحن البحري ،الطيران، وهنا يأتي دور الهيدروجين الأخضر كبديل نظيف قادر على تشغيل هذه الصناعات بكفاءة عالية. وعلى عكس الكهرباء التي يصعب تخزينها بكميات كبيرة، يمكن تخزين الهيدروجين الأخضر واستخدامه لاحقًا، ما يجعله عنصرًا أساسيًا لأمن الطاقة في المستقبل.
طاقة متجددة تفتح الباب لمشروعات عملاقة
تتمتع مصر بواحدة من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي وسرعات الرياح في العالم، ما يجعل مناطق مثل:جنوب الصعيد ،السويس ، خليج الزعفرانة ،برج العرب من أفضل المواقع عالميًا لإنتاج الطاقة المتجددة اللازمة للتحليل الكهربائي للمياه.وقد مكن هذا التفوق الطبيعي مصر من توقيع أكثر من 20 اتفاقية إطارية مع شركات عالمية لإنشاء مصانع لإنتاج الهيدروجين الأخضر ، وذلك في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقد تم بالفعل إطلاق عدد من المشروعات التجريبية خلال مؤتمر COP27، مما يعكس جدية الدولة في الانتقال من مرحلة التفاوض إلى التنفيذ.
تحديات قائمة… لكنها ليست عائقًا
رغم إمكانياته الكبيرة، يواجه الهيدروجين الأخضر عدة تحديات، أبرزها:ارتفاع تكلفة الإنتاج حاليًا مقارنة بالهيدروجين التقليدي ،الحاجة لبنية تحتية واسعة للنقل والتخزين،ومع ذلك، تشير الاتجاهات الدولية إلى أن تكلفة الهيدروجين الأخضر ستنخفض بنسبة 50% إلى 60% خلال السنوات القادمة بفضل التطور التكنولوجي والتوسع في الطاقة المتجددة.
مصر بين أكبر الأسواق الجاذبة للاستثمار في الهيدروجين الأخضر
تقدّر الدراسات الدولية أن مصر قد تصبح أحد أرخص المنتجين للهيدروجين الأخضر عالميًا بحلول 2030 بفضل انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة.كما يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في:تصدير الأمونيا الخضراء إلى أوروبا ، تزويد السفن العابرة لقناة السويس بوقود نظيف ،دعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون.
رؤية مصر 2030… والهيدروجين كقطاع استراتيجي
تضع مصر الهيدروجين الأخضر ضمن محاورها الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال:تشجيع الاستثمارات الأجنبية، تطوير البنية التحتية للطاقة النظيفة ، توطين التكنولوجيا ونقل الخبرات ، تدريب الكوادر الشبابية على وظائف المستقبل وتعمل الحكومة على إعداد استراتيجية وطنية للهيدروجين منخفض الكربون تهدف إلى جذب الاستثمارات وتحقيق عوائد اقتصادية كبيرة خلال العقد القادم.
إن دخول مصر مجال الهيدروجين الأخضر ليس خطوة تكميلية، بل استراتيجية شاملة تعكس رؤية واضحة لجعل مصر مركزًا عالميًا للطاقة النظيفة.
فمنطقة قناة السويس، والطاقة المتجددة، والموقع الجغرافي، واتفاقيات الاستثمار… جميعها عناصر تجعل مصر محورًا رئيسيًا في مستقبل الهيدروجين الأخضر عالميًا.
الهيدروجين الأخضر ليس خيارًا…
إنه فرصة تاريخية نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.
===============================
الكاتبة باحثة فى مجال التنمية المستدامة مدرس الميكروبيولوجى استشارى التغذية العلاجية














