الدكتورة نادية هنرى تكتب: الاحتيال المنطقي بأسم الدولة
في كل مرة يعلو فيها صوت النقد أو الاعتراض، يتكرر السؤال المضلِّل:“هل أنت ضد الدولة؟” لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح هو:
ما مشكلة الدولة مع الشعب؟ ولماذا يتحدث أي مسؤول باسم “الدولة” لا باسم “السلطة التنفيذية” أو “الحكومة”؟
منذ متى أصبح رئيس الوزراء يُقدَّم بلقب “دولة رئيس الوزراء”؟ ومنذ متى أصبح رفض قراراته رفضًا للدولة نفسها؟ كيف تحوّل النقد إلى جريمة؟ ثم بأي نص قانوني يُعاقَب من “يعادي الدولة”؟ أين تعريف هذه الجريمة أصلًا؟
بهذا “السؤال الغلط”، يتحول النقاش إلى تكميم أفواه تحت لافتة “معاداة الدولة”، فتغدو الدولة كيانًا مقدسًا يُحرَّم انتقاده، في حين أن لا أحد ضد الدولة، بل الكل يسعى لحمايتها من سوء الإدارة أو الفساد أو التسلط.
الدولة شيء، والحكومة شيء آخر، الدولة كيان دائم، مؤسسات وقانون وشعب، أما الحكومة فهي سلطة مؤقتة، تخطئ وتصيب، ويجوز نقدها ومحاسبتها، لكن الخلط المتعمد بين الاثنين هو احتيال منطقي إجرامي يهدف إلى نزع الشرعية عن المعارضة وتحويلها إلى جريمة رأي.
بنفس المنطق الأعوج: رفض فتوى دينية يصبح رفضًا للدين، رفض قرار أب أو أم يصبح معاداة للأسرة، رفض الفقر يعني معاداة الفقراء، ورفض الحكومة يصبح “خيانة وطنية”! أي منطق هذا؟ إنه منطق من يحتكر الدولة لنفسه، ويختزل الوطن في الكرسي، والولاء في الصمت.





















