مريم صالح تكتب : لا حول ولا قوة إلا بالله - القوة الخفية في حياتنا
في عالم مليء بالضغوطات اليومية والتحديات المتلاحقة، يبحث الإنسان دائمًا عن قوة تدفعه للمواجهة وتفتح أمامه أبواب الحلول. من بين العبارات التي تحمل في طياتها معنى عميقًا وواقعًا ملموسًا، تبرز عبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله"، التي ليست مجرد كلمات تردد، بل هي إعلان صادق عن القوة الحقيقية التي لا تأتي من الذات وحدها، بل من القوة الإلهية المعطاة للإنسان.
هذه العبارة تحمل سرًّا بسيطًا لكنه عميق - الاعتراف بأن الإنسان، مهما بلغت قدراته، يظل محدودًا في صنع الخير أو دفع الشر من دون عون الله ، حين يردد الإنسان هذه الكلمات، فهو يعترف بضعفه أمام ما يعجز عنه ويفتح لنفسه آفاق القوة التي لا تُحصى ولا تُرى، لكنها تتجلى في الواقع بأشكال ملموسة.
من أبرز تجليات هذه القوة أن القلوب المغلقة يمكن أن تُفتح. كثيرًا ما نجد في حياتنا أشخاصًا متصلبين في آرائهم أو مشاعرهم، ويبدو التعامل معهم مستحيلًا، ولكن الإيمان بـ "لا حول ولا قوة إلا بالله" يمنحنا هدوءًا داخليًا وصبرًا ينعكس على تعاملنا معهم، لتبدأ القلوب تدريجيًا في الاستجابة والتفتح.
كما أن هذه القوة تضيء المستقبل المظلم، في أوقات اليأس أو الشعور بعدم الجدوى، تمنحنا هذه الكلمات القدرة على رؤية الطريق أمامنا بوضوح، فتحل الصعوبات التي بدت مستحيلة وتفتح الأبواب التي كانت مغلقة أمامنا، فالإنسان حين يعتمد على القوة الإلهية، يصبح مستعدًا لمواجهة التحديات بثقة وطمأنينة.
من الجانب النفسي والعملي، تعمل عبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله" على استعادة الطاقة الضائعة، حين يشعر الإنسان بأن ضغوطات الحياة استنزفته وأنه بلا قوة، فإن ترديد هذه العبارة يمنحه شعورًا بالعزم والثبات، وكأن طاقة عجيبة تتجدد داخله، وتجعله أكثر قدرة على اتخاذ القرارات ومواجهة المصاعب.
أخيرًا، تفتح هذه العبارة طرقًا كانت مغلقة، فقد تبدو أمام الإنسان عقبات لا يمكن تجاوزها، لكن الإيمان الحقيقي بالقوة الإلهية يجعل الأمور تتحرك، وتظهر حلول فجائية، ويبدأ ما كان مستحيلًا في أن يصبح ممكنًا.
باختصار، عبارة " لا حول ولا قوة إلا بالله " ليست مجرد دعاء أو ذكر، بل هي كنز من كنوز الدنيا والآخرة. في الدنيا تمنح الإنسان القوة النفسية، والصبر، والقدرة على مواجهة التحديات، وفي الآخرة هي سبب للثواب والرضا الإلهي، و من ذاق هذا المعنى عرف سرها، وفهم أن القوة الحقيقية ليست في الذات وحدها، بل في الاستعانة بالخالق، الذي يمنح الإنسان القدرة على تحويل الصعوبات إلى فرص، واليأس إلى أمل، والضعف إلى قوة حقيقية.
في النهاية، هذه الكلمات البسيطة تحمل رسالة عظيمة، كل قوة يمكن أن نصنعها لأنفسنا، تبدأ أولًا بالاعتراف بعجزنا أمام الله، ومن هناك تتجلى كل إمكانياتنا الحقيقية.
وفي ختام مقالى، تذكّروا أن القوة الحقيقية لا تكتمل إلا بالخير، وأن أجمل ما يتركه الإنسان بعد رحيله هو أثر طيب في حياة الآخرين. افعلوا الخير لمن حولكم، وكونوا سندًا للضعفاء، وبلسمًا للمكلومين، ويدًا تمتد بالعون لا تنتظر المقابل. ساعدوا من يحتاج إلى المساعدة، وكونوا سببًا في ابتسامة، أو طمأنينة، أو فرصة حياة جديدة لإنسان فقد الأمل.
افتحوا أبواب الرزق للآخرين كما تحبون أن تُفتح لكم، ولا تبخلوا بعلمكم ولا بخبرتكم، فرب كلمة أو نصيحة تُغيّر مسار حياة أحدهم. انشروا الخير كما تنشرون الفرح، واغرسوا في القلوب يقينًا أن الدنيا ما زالت بخير ما دام فيها من يعطي دون انتظار شكر أو جزاء.
واتقوا الله في أعمالكم وحياتكم، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، ومن زرع خيرًا حصد خيرًا مضاعفًا. تذكّروا أن البركة تسكن في العطاء، وأن الرزق يتسع بالنية الطيبة، وأن الرحمة حين تملأ القلوب تُفتح لها أبواب السماء، كونوا نورًا يُضيء الطريق للآخرين، فبذلك تصنعون لأنفسكم سعادة لا تزول، وأجرًا لا ينقطع.





















