عبدالرحمن سمير يكتب ..الرابح والخاسر فى حرب غزة

بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس والفصائل الفلسطينية لحظة انتظرها العالم كله من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه .فقد اتجهت أنظار الجميع للبيت الأبيض ورئيسه الأقوى على ظهر الأرض والوحيد القادر على وقف تلك الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل على أهالينا فى قطاع غزة.
وبعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بدأ البعض يشكك في استمرار هذا الإتفاق وأنه لا يعدو هدنة مؤقتة تستفيد منها إسرائيل باسترداد أسراها وقتلاها وتعيد الكرة مرة أخرى لكن الأكثرية متفائلة أنه قد يصمد وينفذ باقى مراحله خاصة
بعد تعهد الرئيس الأمريكي نفسه باستكمال باقى مراحل الإتفاق .مناقشات مستفيضة فى وسائل الإعلام المحلية والدولية حول من خسر ومن كسب بعد عامين من القتال والتدمير الممنهج الذي تعرضت له مدينة غزة. يرى البعض أن من خسر فى تلك الحرب دولة إسرائيل التى خسرت فى هذه الحرب ما لم تخسره منذ قيامها عام 1948م فقد خسرت سمعتها الدولية وسرديتها التى روجت لها طوال سبعين عاما أمام العالم كله، فقد ظهرت وحشيتها وإجرامها ولم تستطع الملايين التى أنفقتها لإخفاء حقيقة الإبادة الجماعية والقتل الممنهج ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وتحول الرأى العام العالمي المؤيد لها سابقا إلى معاد لها ولسرديتها
كما تأثر اقتصادها تأثرا كبيرا وخسرت مليارات الدولارات كما هاجر الآلاف من سكانها إلى أوروبا فى رحلة بلا عودة . خسرت أيضًا في تلك الحرب الولايات المتحدة الأمريكية سمعتها كدولة حامية للحريات وحقوق الإنسان فقد اتضح انحيازها للدولة الصهيونية على حساب القانون الدولي والإنساني وخسرت شعبيتها في العالم كله. خسرت إيران برنامجها النووي ونفوذها فى لبنان وسوريا والعراق.خسر حزب الله رئيسه وقيادات الصف الأول ونفوذه الطاغى فى لبنان .خسرت أيضا بعض الأنظمة العربية التى وقعت اتفاقات مع إسرائيل سواء فى العلن أو في الخفاء أمام شعوبها وأنها لم تستطع نصرة الشعب الفلسطيني. خسر القانون الدولي فى تلك الحرب فلم يستطع هذا القانون حماية الفلسطينيين أطفالا ونساء وشيوخا .خسرت أوروبا المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقد غضت الطرف عن انتهاكات إسرائيل في غزة والضفة ولولا صحوة شعوبها وتظاهراتها اليومية لما تحركت تلك الحكومات على استحياء لتدين تلك المذابح فى غزة. خسرت حماس والفصائل الفلسطينية في تلك الحرب الكثير من قادتها فقد استشهد معظم قادة الحركة من أول صالح العارورى مرورا بهنية والسنوار الكبير والصغير والضيف وغيرهم من قادة الحركة .وخسرت كثيرا من شعبيتها في غزة وخسرت بنيتها وسيطرتها على القطاع وأصبحت فى مهب الريح ولا تعلم كيف ستصمد أمام تلك الضغوط المطالبة بنزع سلاحها .الجميع خسر في تلك الحرب والخسارة الأكبر هى لأهل القطاع المدمر الذى لم يعد صالحا للحياة فقد دفع أهل غزة من دمائهم وأموالهم وبيوتهم ما لم يتحمله بشر فقد أبيدت أسر بأكملها ومحيت من السجل المدني وقتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ بلا ذنب سوى أنهم فلسطينيون .كسبت مصر باستعادة دورها كقوة إقليمية فاعلة في المنطقة ورقم صعب في المعادلة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط. المكسب الثاني من هذه الحرب هو عودة القضية الفلسطينية إلى الاهتمام العالمى فقد أصبحت هى القضية الأهم في العالم حاليا خاصة بعد اعتراف الكثير من الدول بها فقد يحي هذا مسار حل الدولتين.