الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : 24 ساعه وعلاقتها بمصير واقعنا البرلماني والسياسى والحزبى .

بحق الله أكاد أصرخ وغيرى من أبناء الوطن مناشدا ياقوم أليس فيكم رجل رشيد ، يصوب الخلل ، ويدرك الهزل ، ويردع هذا التنطع الذى طال واقعنا الإنتخابى وحياتنا الحزبيه والسياسيه ، مرجع ذلك أننى وغيرى لم نجد في صفحات التاريخ البرلماني منذ الملكيه ، هذا الهزل في طرح الأحزاب للمرشحين إنطلاقا من المال السياسى الفاسد بكل وقاحه وبجاحه ، فأدركنا أن مايحدث هو ظاهره جديده ومريبه لم يشهدها الوطن عبر تاريخه العريق ، يبقى أن الـ 24 ساعه القادمه المقرر فيها إعلان مرشحى الأحزاب في الإنتخابات البرلمانيه في القلب منهم أحزاب التحالف الوطنى ، أهم 24 ساعه في حياة الوطن لأنه إما يرسخون فيها لواقع نيابى محترم ، بالتمسك بترشيح أصحاب الشعبيه الحقيقيه وليس من يمتلكون الملايين ، وإفساح المجال للإراده الشعبيه للإتيان بالنواب ، تأكيدا على قوة الدوله وعراقتها ، وترسيخا لتاريخها العظيم ، أو يتم فرض النواب ترسيخا للمال السياسى الفاسد الذى وصم به البعض حياتنا السياسيه في سابقه لم تحدث في التاريخ ، ونطلق رصاصة الرحمه على واقعنا السياسى والبرلمانى والحزبى ، ونصبح مضرب الأمثال بين الأمم وعبر التاريخ في الهزل ، تلك الفرصه منوط بها من يرسمون معالم المشهد الإنتخابى وهى فرصه ذهبيه لتصويب هذا الهزل الذى بات على وشك تدمير الحياه السياسيه ووصمها بالعار .
بلا مزايدات .. مصرنا الحبيبه في ضمير ووجدان كل المصريين ، وهذا الوطن الغالى نفتديه بأرواحنا ، تلك حقائق يقينيه إستقرت في اليقين ، لذا أكتب بضمير وطنى حقيقى ككاتب متخصص أبتغى أن يكون وطننا الغالى أعظم الأوطان ، أستنفر مابقى بالنفوس من محبه وإخلاص ، رافضا تجريف الوطن من القاده ، والساسه ، وأصحاب الرأي والفكر ، والنابهين القادرين على دعم الدوله ، وبناء الوطن ، رافضا هذا الهزل الذى طال واقعنا الإنتخابى ، وجعل المال السياسى الفاسد يلعب دورا محوريا في البرلمان ، تلك ثوابت أتعايشها بصدق لايزايد على شخصى أحدا بشأنها .
يقينا .. كشفت الأجواء الإنتخابيه العطب الذى طال الأفهام ، وبات الجميع يبحث عن تفسير مقنع لما يتعايشونه ، حتى أن كثر منهم أصبحوا يستحضرون الفيديو الشهير لسائق توكتوك ، بشأن الواقع ومايتم تصديره بالإعلام ضاربا مثلا بالصومال وباريس ، في إسقاط على تصريحات ممثلي الأحزاب عقب الإجتماعات التي يعقدونها للإعداد للإنتخابات وترسيخ التحالفات ، وهذا النفى القاطع بوجود دور للمال السياسى الفاسد رغم أن ذلك بات حقيقه واقعه يدركها الجميع ، ويتباهى بها أصحاب الملايين أنفسهم ، الأمر الذى معه إنتاب كل المصريين الإحباط ، خاصة وأنهم لم يجدوا ردعا لمن أكد ذلك على ملىء من الناس في القلب منهم تلك السيده التي دشنت فيديو شهير أكدت فيه مطالبتها بمبلغ 25 مليون جنيه لترشيحها ، وتلك التصريحات الرائعه بشأن العمليه الإنتخابيه رغم إدراك أنها لاتعكس واقع حقيقى .
لله ثم للتاريخ أتصور أن الأحزاب السياسيه ، ومتخذى القرار ، أمامهم فرصه ذهبيه لإعادة البعث السياسى وإستنفار الهمم بجد ، وإستخراج كوامن العظمه في المصريين من خلال منحهم جانبا من تحمل المسئوليه الوطنيه ولو بممارسة حقهم في إنتخاب ممثليهم تحت قبة البرلمان ، وتحمل تبعات إختياراتهم لنوابهم ، من خلال ترسيخ المصداقيه ، وترجمة الكلام الجميل ، والعظيم الذى يقولون به في تصريحاتهم ، وعقب إجتماعاتهم ، ويجعلوه واقعا في حياتنا يلمسه المواطن البسيط ، والفقير ، القاطن في عمق الوطن حيث الريف والصعيد ، والذى يقضى يومه في كفاح من أجل لقمة العيش ، ولم يطال جسده يوما نسمات التكييف ، أو تكييف السيارات الفارهة ، ولاأعتقد أن فيما أقول خطيئه ، أو حتى به شطط إنما رؤيه يعمقها محبة هذا الوطن الغالى ، رصدا لواقع أتعايشه مع أهلى من البسطاء والفقراء والمهمشين الذين لى أن أفخر أننى لاأجد نفسى إلا جزءا من كيانهم ، وهم يدركون ذلك جيدا لذا أكرمونى بمحبتهم وإخلاصهم ، حيث أعيش في رحابهم بقاع الريف المصرى حتى اليوم .
يتعين أن يدرك الجميع الآثار السلبيه الخطيره التي تنتاب الناس حين يدركون أنهم هملا بلاقيمه ، وأن عليهم أوصياء يختارون لهم حتى لحظات دخولهم الحمام ، وأوقات الحديث ، وماذا يقولون ، ويسأل كل منهم دون إجابه ماالذى يضير لو ترك لهم حق إختيار ممثليهم بالبرلمان ، وماالذى يضير لو دخل البرلمان نواب يطرحون همومهم بصدق ، ويتبنون قضايا الوطن بإخلاص ، خاصة وأنه لايمكن لأحد كائنا من كان التشكيك في وطنية أحد ، لأنه من الطبيعى أن من يثبت إنعدام الوطنيه لديه لايحق له أن يتنفس حتى هواء هذا الوطن ، وهنا يجب التأكيد على أن من لديه رؤيه تختلف عن رؤية أحد أعضاء الحكومه ، أو تلك الأحزاب المتحالفه ، ليس معنى ذلك أنه خائن وليس وطنى ، إنما يجب الإنتباه لما يطرحه مخالفا والعمل به إذا كان له حجيه ، ورفضه إذا إفتقد للمنطق السليم ، وهذا يفعله مخلصين بجد بعد أن تم تشييع أحزاب المعارضه منذ زمن بعيد إلى مثواها الأخير .
لعله من الأقدار الطيبه أن الأجواء السياسيه ، وماشهده ويشهده الوطن من إستقطابات محمومه ، وتجاوزات سخيفه ، فرضت دخول فئات كثيره معترك العمل السياسى ، كانوا بعيدين عنه بالكليه بحكم طبيعة عملهم ، وهم لاشك مشهود لهم بالإحترام والإخلاص ، وإضافه كبيره للحياه السياسيه ، وللوطن أيضا بل وتوجه محمود ، لكن يتعين أن ينتبهوا لخطورة الإستحواذ ، وكارثية التهميش ، وعشق الأنا الذى يدمر الذات ، خاصة عند إقناع أنفسهم أنهم الفاهمين الوحيدين في السياسه ومن دونهم جهلاء رغم أنهم حديثين عهد بها بعد غياب قرنائهم ، ومن بعدهم هم عقود من الزمان بحكم طبيعة مهامهم الوظيفيه ، وخطيئة اليقين أن الشعب لايرقى من فيه للجلوس بجوارهم على ترابيزه يديرون معهم حوار ، لذا عليهم السمع والطاعه بلا نقاش ، أو حتى البحث عن توضيح لأى أمر ، وكان من الطبيعى أن يلتزم الجميع بهذا النهج رغما عنهم حتى ولو طالهم كمد ، وطرحوا عصارة أفكارهم ومالديهم من رؤية على أولادهم ، وزوجاتهم ، نوعا من التنفيس عن النفس التي فرض عليها خطيئة الصمت .
خلاصة القول جميعا شركاء في مسئولية هذا الوطن الغالى ، الشعب والحكومه والأحزاب ، والساسه ، وأهل الخبره ، والقاده ، وكل من يجد أن لديه القدرة على تحمل المسئوليه ، وأهمية إدراك أن إضعاف أي مكون منهم لصالح مكون آخر أو حتى إضعافه هو خطيئه ، لأن في ذلك حرمان لعطاء يصب في صالح الوطن ، ومن الخطيئه أن يدرك أحدا كائنا من كان أنه قادر منفردا على تحمل المسئوليه فيما يتعلق بتخصصه المهنى ، لأن مصر دوله عظيمه تحتاج إلى جهد الجميع ، وعطاء القادرين ، تلك رؤيه لله ثم للتاريخ حتى لايقال أننى بددت ميراثا وطنيا وإمتنعت عن طرح عصارة تجربتى في الحياه ليستفيد بها أبناء الوطن ، أتركها ميراثا حيث أكون في خريف العمر أستعد للقاء رب كريم وليس لى طموح في أي شيىء ، حتى الترشح للبرلمان ، خاصة وأن رب العالمين أنعم على شخصى وبعض أبناء جيلى بتولى مواقع وظيفيه رفيعه ، وصاحب قلم ، وتشرفى بتمثيل الأمه تحت قبة البرلمان يوم أن كانت الإراده الشعبيه هي الباب الوحيد لنيل هذا الشرف وليس الملايين عبر خطيئة المال السياسى الفاسد ، فهل ينتبه لذلك الوطنيين من قادتنا الكرام ، تلك رؤيتى لله ثم للتاريخ متضامنا مع من يسأل نفسه من ينقذ الوطن من التردى الإنتخابى والسياسى .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .