مدينة النقابة تتحول إلى مدينة أشباح.. أين حقوق المحامين؟

مدينة بلا حياة.. محامو حدائق أكتوبر بين شقق بلا مرافق وصمت النقابة ... "فضيحة سكنية تهدد المحامين.. شقق دفعت مرتين بلا خدمات ...
منذ أكثر من 16 عامًا بدأ الحلم. في عام 2009 أعلنت النقابة العامة للمحامين عن طرح مشروع سكني بمدينة حدائق أكتوبر، أُطلق عليه اسم مدينة النقيب محمود بسيوني.
حجز المئات من المحامين وحداتهم، دفعوا مقدمات وأقساطًا متتالية، وانتظروا لحظة استلام الشقق التي وعدتهم بها نقابتهم، باعتبارها الكيان الذي يفترض أن يحمي حقوقهم ويصون كرامتهم.
استلام بلا حياة
في عام 2019، وبعد عشر سنوات من الانتظار، تسلّم المحامون شققهم. لكن الفرحة لم تكتمل، إذ فوجئوا بأن التسليم تم دون أي مرافق أساسية: لا مياه، لا كهرباء، لا غاز.
شقق أشبه بـ"هياكل خرسانية"، لا تصلح للمعيشة.
وبالرغم من أن الملاك سددوا كامل قيمة الوحدات، بل ودفعت بعض الدفعات مرتين نتيجة زيادات وتسويات مالية، بقي الوضع كما هو: مبانٍ صامتة لا يسكنها أحد.
النقيب يرفض.. والمحامون يصرخون
منذ 2019 وحتى اليوم، عقد سكان المدينة عشرات اللقاءات مع النقيب العام الحالي عبد الحميد علام، طالبوه خلالها بإدخال المرافق على نفقة النقابة باعتبارها الجهة المطورة للمشروع والمسؤولة أمام الدولة.
لكن النقيب – وفقًا لرواية السكان – أصرّ على تحميل التكلفة كاملة للملاك، ورفض أن تتحمل النقابة أية التزامات إضافية، رغم أن هذا يعد إخلالًا صريحًا بالعقود المبرمة.
"دفعنا ثمن الشقق مرتين وما زلنا بلا سكن"، هكذا عبّر أحد المتضررين، مضيفًا: "النقابة التي ندافع عنها في المحاكم، هي نفسها من أهدر حقوقنا".
معاناة إنسانية ومهنية
الأزمة لم تعد مجرد أوراق وعقود، بل تحوّلت إلى معاناة إنسانية.
بعض المحامين اضطروا لاستئجار شقق بديلة رغم ضيق الحال.
آخرون تركوا وحداتهم خاوية، تتحول بمرور الوقت إلى مبانٍ مهجورة.
جيل كامل من شباب المحامين يشعر بأن النقابة التي كان يُفترض أن تحتضنه، صارت عبئًا عليه.
مسؤوليات قانونية
قانونيًا، النقابة بصفتها "البائع والمطور" ملزمة بتسليم الوحدات كاملة المرافق.
خبراء القانون يرون أن امتناع النقابة عن ذلك يُعد:
إخلالًا بالالتزامات التعاقدية طبقًا للقانون المدني.
شبهة إهدار أموال المحامين إذا ثبت التعمد في تعطيل إدخال المرافق رغم سداد كامل المستحقات.
استحقاق مساءلة نقابية وقضائية تصل إلى حد العزل أو الملاحقة الجنائية.
إلى أين يذهب المحامون؟
اليوم، وبعد ست سنوات من الاستلام الصوري، ما زالت المدينة تعيش في ظلام.
المحامون وسكان المدينة اتخذوا خطوات تصعيدية:
تقديم شكاوى رسمية إلى وزارة الإسكان وجهاز مدينة 6 أكتوبر.
رفع الأمر إلى الرقابة الإدارية للتحقيق في شبهة الفساد والتعطيل.
تقديم بلاغ للنائب العام ضد النقيب العام.
التحضير لخطوات قضائية أمام مجلس الدولة والمحاكم المدنية.
القضية ليست سكنًا فقط
القضية أكبر من مجرد شقق بلا كهرباء. إنها قضية ثقة بين المحامين وممثلهم الأول.
كيف تطالب النقابة بحقوق المحامي أمام المجتمع والدولة، بينما هي نفسها تتجاهل أبسط حقوقه في السكن الكريم؟
كيف يُطلب من المحامي الدفاع عن العدالة وهو يرى مؤسسته تغلق أبوابها أمام شكواه؟
نداء للنسر
إنها صرخة المحامين إلى الدولة بكل مؤسساتها:
إلى الرئيس، وإلى مجلس الوزراء، وإلى الأجهزة الرقابية، أن يتدخلوا لإنهاء هذه المأساة التي طالت لأكثر من عقد ونصف.
"مدينة النقيب" تحوّلت إلى مدينة أشباح، وسكانها ما بين حلم مؤجل وأمل ضائع.
والسؤال: هل يُترك المحامون بلا مأوى، وبلا نقابة تحميهم؟