الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : الإيجار القديم.. قداسة الباطل وسرقة بالإكراه!

سرقة مقننة باسم القانون!
ما يحدث في ملف الإيجار القديم لا يمكن وصفه إلا بجريمة مقننة، وسرقة بالإكراه، تمتد لعقود طويلة باسم "القانون الاستثنائي"، ذلك القانون الذي سُلِب فيه المالك حقه، وتحوّل المستأجر إلى شريك إجباري في الملكية، بل أحياناً إلى مالك فعلي دون عقد بيع أو أوراق أو حتى حياء.
شقة بـ7 جنيهات.. وسيارة بمليون!
هل يعقل أن يسكن شخص في شقة أو محل في أرقى المناطق، منذ 40 أو 50 عاماً، ويدفع شهرياً ما لا يساوي وجبة ساندويتش في مطعم شعبي، بينما المالك – صاحب الأصل – يُمنَع من الاستفادة بممتلكاته، لا بيعًا ولا إيجارًا؟ هل هذا عدل؟!
من السكن إلى الاستثمار المجاني!
الادهى من ذلك ، أن بعض هؤلاء المستأجرين يملكون شققًا أخرى، وإيجارات تُدر عليهم آلاف الجنيهات، ومع ذلك يتمسكون بالسكن شبه المجاني، ويصرخون حين يسمعون عن قانون يطالب بإنهاء هذه المهزلة، ويتحدثون كأنهم أصحاب الأرض والسماء، بل ويهددون ويتباكون على "حقوقهم" التي ليست بحقوق أصلًا.
الساومة والابتزاز: مليون جنيه لترك الشقة!
والكارثة الكبرى أن تطوّر العبث وصل إلى حد المساومة الفجة، حيث أصبح بعض المستأجرين ـ بلا خجل ولا خجل ـ يشترطون على المالك دفع مبالغ تتراوح بين ٢٠٠ ألف إلى مليون جنيه نظير إخلاء الشقة التي لم يدفعوا مقابلًا عادلاً لها لعقود، بل إن بعضهم يُقايض المالك على شقتين أو أكثر من أملاكه الخاصة، وكأننا أمام مافيا استيلاء ،لا علاقة لها لا بالقانون ولا بالعرف، وإنما بعقلية الإكراه والابتزاز المقنن.
إعلاميون يقدّسون الفساد!
نعم، مجرد الحديث عن تعديل قانون الإيجار القديم يصيب بعضهم بالهستيريا، لأنهم يعلمون أنهم عاشوا على حساب غيرهم طيلة سنوات، واليوم يخافون أن يأتي يوم الحساب، لكن الأغرب من كل ذلك، أن بعض الإعلاميين ـ ونسميهم هنا بالاسم لو لزم الأمر ـ ممن يفترض أنهم أصحاب منابر للرأي الحر، تحوّلوا إلى أبواق للدفاع عن الباطل، يقدّسون قانونًا فاسدًا، ويشيطنون كل صوت يطالب بعودة الحقوق لأصحابها.
نواب الأمة.. حماة القانون أم حماة المصالح؟!
ويا سادة، لا تندهشوا إن رأيتم بعض النواب – ممن انتُخبوا للدفاع عن العدالة – يتصدرون مشهد الدفاع عن هذا القانون الباطل، بعضهم، وهم معروفون بالأسماء والصور، يظهرون على الشاشات لينافقوا المستأجرين على حساب الحق، بدعوى "الاستقرار المجتمعي". عن أي استقرار تتحدثون؟! استقرار الظلم ؟ استقرار الاستيلاء على أملاك الغير؟!
دولة العدل لا تعرف قوانين استثنائية
هل نسي هؤلاء أن القانون العادل لا يُقاس بعدد المستفيدين، بل بقدرته على إنصاف المظلوم؟ هل نسي هؤلاء أن الدولة لا تُبنى بالمجاملات، بل بالعدالة؟
كفى عبثًا.. آن أوان رفع الظلم
لقد آن الأوان لإنهاء هذه المسرحية البائسة، وكفانا سنوات من العبث والتمييع، وكأن الحديث عن هذا القانون من المحرمات. الإيجار القديم قانون استثنائي انتهى وقته، وهو مخالف للدستور، ويكرس لمجتمع منحرف في مفاهيم الملكية والعدالة.
المالك ليس طامعًا.. بل ضحية صبور
وليعلم الجميع، المالك ليس تاجر أزمة، ولا طامع في جني الملايين، بل هو إنسان حُرم من أبسط حقوقه، حُرم من التصرف في بيته، حُرم من ميراثه، حُرم من عائد استثماره، في الوقت الذي كان فيه آخرون يعيشون مجانًا، بل ويؤجرون الشقق للغير من الباطن، ويستفيدون دون وجه حق.
فليسكنهم المدافعون عنهم!
نحن لسنا ضد أحد، ولسنا دعاة فوضى، لكننا ضد استمرار هذا الظلم المقنن، وضد إعلاميين ونواب يدافعون عن قوانين انتهى زمانها، ويسوّقون الأوهام، ويقفون حجر عثرة أمام كل محاولة إصلاح.
من أراد أن يدافع عن قانون الإيجار القديم، فليدفع من جيبه للمستأجر، وليتنازل له عن بيته، أما الملاك فقد صبروا بما فيه الكفاية، وقد آن وقت رفع الظلم، واسترداد الحقوق، وإعادة كرامة المالك، ودفن قوانين الفساد والتوريث القسري تحت أقدام العدالة.