إيهاب منصور: الموازنة حبر على ورق.. والصحة والتعليم في تدهور مستمر

أعلن المهندس إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، ووكيل لجنة القوى العاملة، رفضه لمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025/2026، مؤكدًا أنها لا تعكس أولويات المواطن ولا تترجم معاناته اليومية، بل تعتمد فقط على جيبه كمصدر رئيسي للتمويل.
وقال منصور خلال تعقيبه أمام المجلس إن الموازنة تتضمن أرقامًا كبيرة على الورق، لكنها لا تُنفذ على أرض الواقع، لافتًا إلى أن الحكومة لا تلتزم إلا بتحصيل الضرائب، التي تمثل وحدها 85.1% من جملة الإيرادات، مما يعكس غياب رؤية شاملة لتنمية الموارد الحقيقية أو تخفيف الأعباء عن المواطنين.
وأضاف أن المواطن لم يعد يشعر بأي تحسن رغم الأرقام المتزايدة في الموازنة، فالمعاناة اليومية مستمرة، ونسبة الفقر تجاوزت 32% نتيجة اختلال الأولويات وسوء الإدارة. وأكد أن الحكومة تترك المواطن يواجه وحده تداعيات الغلاء والتقشف، في حين يفترض أن يشعر المسؤولون به ويقفوا إلى جانبه، فالشعب قدم ما عليه من ضرائب واحتمال للظروف الصعبة، لكنه في المقابل يطالب بحقوقه المشروعة في سرير داخل مستشفى، أو مقعد في مدرسة، أو مظلة قانونية تحميه من قرارات تعسفية كفصل من شركة أو إغلاق لمصنع، أو حتى صرف راتب متجمد منذ سنوات.
وانتقد منصور بشدة فشل الحكومة في تنفيذ وعودها، مشيرًا إلى أن قانون التصالح المتعثر منذ أكثر من 6 سنوات لم يُفعّل، رغم أنه قادر على توفير ما يصل إلى 200 مليار جنيه. كما أشار إلى تعويضات نزع الملكية التي تأخر صرفها لثلاث أو أربع سنوات، في مخالفة صريحة لنصوص الدستور.
وأوضح النائب أن الاهتمام بقطاعي التعليم والصحة آخذ في التراجع، حيث انخفضت نسبة الإنفاق على الصحة من 7.4% عام 2021/2022 إلى 5.4% في الموازنة الجديدة، رغم الحديث عن تطبيق التأمين الصحي الشامل الذي ما زال بلا برنامج واضح. كما انخفضت نسبة الإنفاق على التعليم من 10.6% إلى 6.9%، وهو ما يؤكد أن النسب الدستورية غير متحققة، لأن الحكومة تحتسبها على أساس الناتج المحلي الإجمالي للعام السابق، وليس الحالي.
وتطرق منصور إلى مسألة الصناديق والحسابات الخاصة، مؤكدًا أنها تمثل واحدة من أكثر الملفات غموضًا، إذ أن رئيس لجنة الخطة والموازنة نفسه أقر بأن اللجنة لا تعرف تفاصيل هذه الصناديق، متسائلًا: إذا كان البرلمان لا يعرف، فمن يعرف إذًا؟!
أما عن خدمة الدين، فكشف النائب أن الأوضاع أصبحت مقلقة بشدة، حيث ارتفعت نسبة الفوائد والقروض إلى 64.8% من إجمالي المصروفات، بعد أن كانت 46.7% فقط في 2021/2022، كما ارتفعت نسبة سداد الفوائد وحدها إلى 73.7% من إجمالي الإيرادات، في حين بلغت نسبة سداد القروض 66.8%، وهو ما يجعل إجمالي ما يتم دفعه في هذا الباب يعادل 140.5% من الإيرادات، مقارنة بنسبة 82.4% قبل ثلاث سنوات فقط.
وأعرب منصور عن استغرابه من استمرار الحكومة في تجاهل تعويضات فروق الأسعار للمقاولين، التي لم تُصرف منذ موازنة 2023/2024، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها هذا القطاع، مشددًا على أن غياب الرقابة أخطر بكثير من غياب العلاج، لكن الحكومة لا تولي للرقابة أي اهتمام حقيقي.
واختتم النائب حديثه بالتأكيد على أن الشعب المصري لا يريد أكثر من حقوقه، فهو صبور ومحب لبلده، لكن هذا لا يعني أن تظل الدولة تعتمد عليه وحده دون أن تقدم له المقابل، فالمعادلة باتت مختلة والمطلوب هو موازنة واقعية تعكس أولويات المواطن، لا موازنة تحصي الأرقام دون أن يشعر بها الناس في حياتهم اليومية.