الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : نقابة الصحفيين خط أحمر

أعجبتني بشدة عبارة كتبها الزميل العزيز، الكاتب الصحفي الكبير عزت سلامة، الذي أعتز بصحبته وزمالته لأكثر من ثلاثين عامًا في بلاط صاحبة الجلالة، حين قال بمنتهى الثبات: "نقابة الصحفيين خط أحمر".
جملة من ذهب، خرجت من قلب صحفي يعرف جيدًا معنى الانتماء للمهنة، ويعي تمامًا قيمة هذا الكيان العريق، الذي كان دائمًا درعًا لأقلام الشرفاء، ومنبرًا لحرية الرأي والكلمة، لا مرتعًا للصراعات الشخصية ولا ساحة للارتزاق.
ما يحدث الآن داخل نقابة الصحفيين لا يبشّر بخير، فهناك من يتربص، وهناك من يفخخ، وهناك من ينفخ فى النار ليندفع الجميع إلى الهاوية، بدأت الحكاية منذ لحظة تشكيل المجلس وتأخر توزيع اللجان، ثم زادت اشتعالًا مع البيان الذي صدر بشأن علاء عبد الفتاح، دون أن يتضمن أي إشارة لبقية زملائنا من الصحفيين المحبوسين – وهم كُثر – وكأننا ننتصر لفرد ونتجاهل الجماعة!
وقد أقول، كما قال كثيرونومنهم الزميل " عزت سلامة " ، إن النقيب لم يرتكب جُرمًا إن طالب بالإفراج عن شخص طالما كان الأمر من منطلق إنساني، ولكن النقابة لا يجب أن تنتصر لفرد دون آخر، ولا تتبنى قضايا انتقائية تُفهم على نحوٍ مُغرض، خصوصًا في هذا التوقيت بالغ الحساسية.
لكن الغريب، والأخطر لم يكن فيما قيل، بل في ما تلا ذلك من دعوات شاذة وخبيثة تطالب بوضع النقابة تحت الحراسة وكأنها خرجت عن القانون!
وهنا نقف ونسأل: من أنتم؟ ومن أي نفق خرجتم؟ من أنتم لتطالبوا بحل بيت الصحفيين؟ هل نسيتم أن نقابة الصحفيين كانت وما زالت منارة وطنية، قاومت الاحتلال والديكتاتورية والفساد، وظلت عصية على التدجين والخضوع؟
وعلى هؤلاء الذين يحملون حناجر مسمومة، أن يحترموا إرادة الجمعية العمومية واختياراتها، فهي صاحبة السيادة والقرار، شاء من شاء وأبى من أبى، لا وصاية على النقابة سوى من أصحاب الحق، وهم الصحفيون الذين دفعوا الثمن غاليًا دفاعًا عن المهنة والشرف.
ما يحدث ليس خلافًا مهنيًا شريفًا، بل محاولة تفخيخ واضحة المعالم، ومؤامرة هدفها إسقاط آخر قلاع الصحافة المصرية، ويا للأسف، هناك من الزملاء من انزلقوا في حملات تخوين وتشويه وسباب وكأننا في حارة لا في نقابة الصحفيين!
أنا لست في معسكر أحد، لست مدافعًا عن نقيب أو عضو، وإن كنت أقدرهم جميعاً لششخهم ،ولارادة الجمعية العمومية التى أختارتهم فى إنتخابات حرة نزيهة ، لكنني مدافع بكل ما أملك من حبر وكلمات عن كرامة هذه النقابة التي صنعتنا جميعًا، نختلف؟ نعم، نتجادل؟ طبيعي ننتقد؟ واجب، لكن أن نُسلّم رقبة النقابة للحراسة؟ فهذه خيانة لا تُغتفر.
إن نقابة الصحفيين ليست مقرًا إداريًا، ولا مجرد مجلس يُنتخب كل بضع سنوات، بل هي تاريخ ومجد ودم شهداء ومواقف لا تُشترى،وأقسم بالله العلى القدير إننا لن نسمح نحن أبناء الكلمة ، أن تتحول إلى ساحة تصفية حسابات أو مسرح لصراعات تُدار من خلف الستار.
رسالتي إلى كل زميل شريف:
عودوا إلى رشدكم، لا تقتلوا المعبد بأيديكم، كفانا ما نحن فيه، ولنتذكر جميعًا أن من يُطالب بوضع النقابة تحت الحراسة، ليس من أبناء المهنة، بل من المتربصين بها.
نقابة الصحفيين خط أحمر، نقابة الصحفيين ليست مجرد مبنى يقع في وسط البلد، وليست حروفًا على لافتة برّاقة أعلى سلالم العزة، بل هي الذاكرة الحيّة لمعارك الكلمة، وصاحبة الحصانة الأولى لكل من اختار القلم مهنة والصدق عقيدة والحق سبيلًا، هي بيت كل الصحفيين، من يكتبون في الصباح الباكر، ومن يلهثون وراء الحقيقة حتى لو طُويت أبوابها،نقابة الصحفيين هي عقل مصر الواعي، وضميرها المكتوب، وسقفها العالي الذي لجأ إليه الجميع في أشد اللحظات ظلامًا، ومن أراد النيل منها أو تشويه صورتها أو تقسيم صفوفها، فهو لا يعرف قيمة الصحافة، ولا يعرف أن الصحفي إذا جاع لا يبيع قلمه، وإذا هدّدوه يرفع صوته ومن يقترب من النقابة ، سيجد ألف قلم وألف صوت وألف موقف ينتصر لها.
بصوت مرتفع نقابتنا بخير، وستظل بخير، ما دامت الكلمة لا تُشترى، والحق لا يُؤجل، والحقيقة لا تُجمّل. فلتكن الرسالة واضحة للجميع،نقابة الصحفيين خط أحمر، ولن نسكت ستحميها الجمعية العمومية من المرتزقة والخونة الذين يطالبون بوضعها تحت الحراسة