اكتشاف علمي.. دواء يعيد برمجة ”نخاع العظم” لمكافحة سرطان المثانة

في تطور علمي جديد، كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Cancer Cell عن اكتشاف مذهل حول علاج سرطان المثانة باستخدام لقاح السل المعروف باسم BCG، فقد تبين أن هذا العلاج لا يقتصر تأثيره على المثانة فحسب، بل يمتد ليُعيد برمجة نخاع العظم، ما يُعزز قدرة الجهاز المناعي على مكافحة السرطان بشكل أكثر فعالية
إعادة برمجة الجهاز المناعي من المصدر
لطالما اعتُبر لقاح BCG علاجًا موضعيًا يُحقن مباشرة في المثانة لمكافحة سرطان المثانة في مراحله المبكرة. إلا أن فريقًا من الباحثين من مركز وايل كورنيل للطب ومركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان اكتشف أن BCG ينتقل إلى نخاع العظم، حيث يُعيد برمجة الخلايا الجذعية المكونة للدم. هذه البرمجة تُنتج خلايا مناعية جديدة، خاصة من نوع الخلايا النخاعية، تكون أكثر قدرة على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها .
تقنية PIE-seq: نافذة على التغيرات الخلوية
استخدم الباحثون تقنية متقدمة تُعرف باسم PIE-seq لتحليل الخلايا الجذعية والدموية المبكرة من عينات دم بسيطة، دون الحاجة إلى أخذ عينات من نخاع العظم. أظهرت النتائج أن علاج BCG يُحدث تغييرات جينية في هذه الخلايا، مما يُعزز من قدرتها على إنتاج خلايا مناعية فعالة في مكافحة الأورام .
تعزيز فعالية العلاجات المناعية
في تجارب أُجريت على الفئران، وجد الباحثون أن الجمع بين علاج BCG ومثبطات نقاط التفتيش المناعية أدى إلى تقليص حجم الأورام وزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل أكبر من استخدام أي من العلاجين بمفرده. تعمل مثبطات نقاط التفتيش على إزالة "الفرامل" من الخلايا التائية، مما يسمح لها بمهاجمة الخلايا السرطانية بفعالية أكبر. وعندما يتم تحفيز هذه الخلايا التائية بواسطة الخلايا النخاعية المُعاد برمجتها من خلال BCG، يحدث تآزر يُعزز من الاستجابة المناعية ضد السرطان .
آفاق مستقبلية واعدة
هذا الاكتشاف يُسلط الضوء على إمكانيات جديدة في مجال العلاج المناعي للسرطان، حيث يُمكن استغلال قدرة BCG على إعادة برمجة الجهاز المناعي لتعزيز فعالية العلاجات الحالية. كما يُمكن أن يُفتح الباب أمام استخدام BCG في علاج أنواع أخرى من السرطان، من خلال تحفيز الجهاز المناعي بشكل منهجي .
في الختام، يُمثل هذا البحث خطوة مهمة نحو فهم أعمق لكيفية تفاعل العلاجات المناعية مع الجسم، مما يُمهد الطريق لتطوير استراتيجيات علاجية أكثر فعالية وشمولية في مكافحة السرطان.