أتيليه القاهرة عن الرواية الأحدث لمحمد بركة: ”مهنة سرية” تغرد خارج السرب

استضاف "أتيليه القاهرة للفنانين والأدباء" بمنطقة وسط البلد، مساء أمس الثلاثاء، ندوة نقدية لمناقشة أحدث روايات الكاتب محمد بركة المتمثل فى رواية "مهنة سرية" بحضور الأديب والناقد محمد محمد مستجاب والكاتب الروائى والناقد السيد شحتة، فى قاء أدارته القاصة والكاتبة الصحفية رانيا هلال.
وقال الكاتب والناقد محمد محمد مستجاب إن جمال الرواية يكمن فى إبرازها لمأساة إنسان العصر الحديث، هذا الذى لديه شعور رهيب بالوحدة رغم كثرة المتع الحسية، من خلال شخصية وافقت أن تكون سلعة، أن تكون منبوذة كذكر نحل تائه ويصبح آلة مستأجرة لإفراز العسل الطبيعي، أن تكون ذئبا ينام بعين واحدة وهو يقدم خدماته الخاصة ويصادق الوحدة، فهي شريكته في البزنس.
وتابع أن رواية "مهنة سرية" تكشف أسرار النفس البشرية، من خلال لقاء أسطوري بين امرأة بلا قلب، ورجل بلا قلب، وعالم بلا قلب يعشق المتع الحسية ويخشى البوح بها، عالم ربما يكون صادما، لكن الكتابة الواعية المدهشة هي فقط ما يصنع منه مفردات جديرة بالقراءة وممتلئة بالإبداع مثل تلك الرواية المتفردة " مهنة سرية".
من جانبه أكد الكاتب والناقد السيد شحتة أن رواية "مهنة سرية" الصادرة عن دار "أقلام عربية" بالقاهرة تتناول موضوعًا غير مسبوق فى الأدب العربى، من خلال بطل الرواية "علاء" الذى ساقته الظروف إلى امتهان مهنة غريبة عن عادتنا وهو يعاني أزمات وجودية ويتطلع إلى خلاص روحي لا يأتي، كما أنه يتمزق بين أكثر من ثقافة وأكثر من لغة وأكثر من خلفية مكانية، ورغم طبيعة مهنته، إلا أنه يسعى لكتابة الشعر ويمتلك علاقة خاصة بالتراث الأدبي العربي، فضلا عن إجادته للإنجليزية.
وأوضح أن محمد بركة صاحب مشروع روائي مميز وأنه اختط لنفسه مساحة خاصة جدًا في فضاء الرواية العربية لافتًا إلى تحطيمه الكثير من التابوهات في رواياته الثلاث الأخيرة "حانة الست" و"عرش على الماء" و"مهنة سرية"، حيث يشتبك في الكثير من أعماله مع قضايا كبرى ويقدم أعمالًا سردية تعيد للأدب العربي قدرته على إعادة تفكيك الواقع، كما يبحث لنفسه على الدوام عن مواضع تميز ويقتحم فى كل مرة عوالم جديدة بعيًدا عن التكرار الذى شاب أعمالًا كثيرة انحصرت فى قضايا بعينها أو استسهلت
استدعاء التاريخ.
وأشار شحتة إلى أن "مهنة سرية" رواية مفعمة بالدهشة من الصفحة الأولى وحتى الأخيرة حتى أنها لا تفارق مخيلة القارئ بعد الانتهاء منها حيث يتردد في داخله عدد كبير من الأسئلة من بينها هل ما قرأته صحيحًا؟ وهل علاء البطل ضحية أم مجني عليه؟ وكيف يمكن أن يسقط شاعر محتمل ويبيع جسده وروحه؟
وقال إن بركة نجح في "مهنة سرية" في الانتقال من تشكيل لوحة سردية إلى بناء حالة روائية تسيطر على المرء بعد السطر الأخير من النص ولا تتركه بسهولة وهو ما يشير إلى الجهد الكبير الذي بذله الكاتب، لافتًا إلى أن كتابة الرواية بروح القصة القصيرة جاءت لتضفي على العمل قدرا كبيرًا من الإثارة والتشويق وتحافظ على حالة الدهشة.
وأشاد السيد شحتة باللغة الشاعرية التي استخدمها محمد بركة في العمل والتي جاءت رغم جمالها بسيطة ومعبرة عن روح العصر وهو ما ساهم في منح النص قدرًا أكبر من الواقعية، على أنه في ظل التخمة الروائية التي نشهدها يجب أن يكون هناك وقفات نقدية مطولة و قراءات معمقة للأعمال السردية التي تنتصر للفن والجمال مثل رواية "مهنة سرية" والتي تطرق فيها محمد بركة لموضوع لم يسبق تناوله ف