بوابة الدولة
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 02:03 صـ 3 رجب 1447 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

محمد عبد الرحمن يكتب: ”أرزة” دراجة لبنان الضائعة وطائفيته المقيمة

محمد عبد الرحمن
محمد عبد الرحمن

قبل 10 سنوات قدم الممثل البوليودى عامر خان، فيلمه المثير للجدل "pK" وهو العمل الذي تعمق في التركيبة الطائفية للمجتمع الهندي، وجسد شروخًا مجتمعية لخطاب التفرقة والكراهية السائد بسبب التمايز الطائفي هناك، مبينًا حقيقة بعض رجال الدين وكيف يَسُوقون عقول الناس، وكيف انقسم البشر بين عشرات الآلهة والمعتقدات، ليصل في النهاية إلى أن الدين الصحيح ربما كان في المبادئ والقيم ومن هذا الخط الدرامي الذي يبين حالة التفسخ المجتمعي في الهند بسبب تعدد المعتقدات الدينية، ومن هذا المنطلق تعاملت المخرجة اللبنانية ميرا شعيب في فيلمها "أرزة" الذي عرض مؤخرا بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، متخذة من نفس السياق الدرامي للفيلم الهندي، لتجسد الظروف الاقتصادية اللبنانية الصعبة والطاحنة، في وسط مجتمع ممزق بسبب التشبث بطائفيته.

تنطلق الأحداث من خلال معاناة "أرزة" - دياموند أبو عبود - التي تعمل على إعداد الشطائر المنزلية، في حين يقوم نجلها بإيصالها إلى طالبيها سيرًا على الأقدام، فيما تلح على شقيقتها الكبرى (ليلى) التي لا تغادر المنزل، لبيع مجوهراتها، من أجل شراء دراجة نارية، لتوصيل الطلبات بشكل أسرع وتحسين خدمة التوصيل، بما سينعكس على زيادة الدخل للأسرة، لكن الشقيقة التي تعاني من مشكلات عدة ترفض الإسهام؛ مما يدفع (أرزة) إلى سرقة سوار ليلى ورهنه من أجل دفع مقدم ثمن الشراء، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتسرق السكوتر من ابنها (كنان) عند استعداده للعودة إلى المنزل، في صورة تتشابه إلى حد كبير مع حال المودعين اللبنانيين الذي يطلبون باسترداد أموالهم من المصارف اللبنانية والتي اتهمت الحكومة بتبديدها.

منذ العتبة البصرية الأولى للفيلم/ البوستر، تشتبك ميرا شعيب مع الواقع اللبناني، إذ نجد "أرزة" – بطلة العمل - على الأرض بمفردها في حالة يُرثى لها، وإلى جوارها مجموعة من الصناديق الكرتونية الصغيرة، وكأن "أرزة" هنا رمز لحال لبنان بأكمله، والدراجة هي الهوية المهدرة بين الطوائف، لتجسد لنا حال وطن مزقته الطائفية والأزمات الاقتصادية الطاحنة على مدار عقود، وربما اختارت المخرجة أن تكون بطلة الحكاية امرأة، لكي تُزيد من الصعوبات التي يمكن أن تتعرض لها في مجتمع التشبث بالطوائف فيه يمزقه، فضلا عن اختيارها اسم "أرزة" نفسها لما يحمله من مدلول رمزي يتشابك مع الهوية اللبنانية، فشجرة الأرز هي رمز الوطن وهى شجرة معمرة ومقاومة، كحال وطن عاني مأساة العدوان والحرب الأهلية لكنه ظل صامدًا.

تدور الأحداث بأكملها حول رحلة "أرزة" غير محددة الوجهة بحثًا عن السكوتر، وفي مسار تلك الرحلة يأخذنا الشريط السينمائي إلى صورة بانورامية للمعاناة التراجيدية في الداخل اللبناني، وتضع الجمهور في مواجهة مباشرة مع قسوة الحياة في بيئة تمزقت بالعنف والطائفية والفقر والاضطرابات السياسية، وتأخذنا السردية السينمائية إلى عوالم متداخلة للتباين الطائفي في لبنان، وتبرز من خلالها نظرة كل طائفة للأخرى وحالة التشكيك وعدم الاطمئنان داخل المجتمع الواحد، وجسد الفيلم تلك التقسيم الطائفي بمزيج بين العنف والسخرية، فخلال رحلة الثنائي الأم وابنها وتنقلهما من منطقة مسيحية إلى أخرى سنية إلى ثالثة شيعية، تتعرض فيها الأم للكثير الذي يجعلها تتنكر تارة بارتداء ملابس مختلفة، وتارة تغير من لهجتها، وصولا لتغير اسمها واسم ابنها من أجل التماهي مع كل طائفة، في صورة لا تخفي حجم خطاب الكراهية والعنف في الخطاب الطائفي، لكنها ورغم كل ذلك لا يكون الحال أفضل من الأخرى، وكأنها تجسيد إلى لبنان التي تبدلت عليها الحكومات ذات الطبيعية الدينية بين سنية وشيعية ومارونية وغيرها لكنها لم تحقق آمال الشعب الذي مزقته الطائفية ودهسته الأزمات الاقتصادية والسياسية، وصورة تعبر عن تحايل النخبة السياسية في مواجهة الشعب اللبناني.

في "أرزة" تضع ميرا شعيب الجميع أمام محاكمة، في محاولتها للبحث عن طريق خلاص للشعب اللبناني من أزمته، فالجميع في نظر ميرا متهم ومجني عليه في ذات الوقت، فرغم أن الأم تعمل على تأمين حياة أسرتها، لكنها تظهر في صورة أنانية متسلطة تتجاهل رغبات ابنها وأوجاع شقيقتها من أجل حلم المطعم، في صورة تتشابه إلى حد كبير عن النخبة اللبنانية التي تجاهلت تطلعات الشعب اللبناني وتقاسمت وتصارعت على السلطة دون النظر إلى الوطن الذي تفسخ تحت وطأة هذا الصرع، فدخل إلى منحنى مخيف من الفقر والطائفية، بينما الابن مراهق متهور يفكر في السفر ويتجاهل مساعدة أمه في رحلتها ويحملها كل الأخطاء، لكنه على الرغم من ذلك يتمسك ببلد تلفظه، وتصعب الحياة عليه، في تجسيد أكثر تعبيرا عن حال أغلب الشباب العربى الذى يرفض العيش فى واقع يبدو كأنه لا يتغير، ويتأرجح بين حبه لأمه/ وطنه، ورغبته فى عيش حياته الخاصة.

في النهاية قدمت ميرا شعيب معالجة لا تتوقف عن الاشتباك مع الواقع اللبناني في ظل أزمات اقتصادية وانقسامات طائفية، من خلال صورة سينمائية جمالية كاشفة لعين الحقيقة بإسقاطاتها الفنية، تتمرد فيها على الطائفية ودخان بنادق تجار الحروب وانتصاراً للإنسان من همجية العنف وصراعات الأديان، مُتناسبة في عناصرها الفنية وتكاملها، من دون ضخبٍ أو افتعال، ولا إفراط.

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى22 ديسمبر 2025

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 47.4189 47.5189
يورو 55.6650 55.7871
جنيه إسترلينى 63.6978 63.8511
فرنك سويسرى 59.7666 59.9002
100 ين يابانى 30.1244 30.1899
ريال سعودى 12.6433 12.6707
دينار كويتى 154.1776 154.5530
درهم اماراتى 12.9098 12.9391
اليوان الصينى 6.7386 6.7529

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 6750 جنيه 6725 جنيه $142.87
سعر ذهب 22 6185 جنيه 6165 جنيه $130.96
سعر ذهب 21 5905 جنيه 5885 جنيه $125.01
سعر ذهب 18 5060 جنيه 5045 جنيه $107.15
سعر ذهب 14 3935 جنيه 3925 جنيه $83.34
سعر ذهب 12 3375 جنيه 3365 جنيه $71.43
سعر الأونصة 209905 جنيه 209195 جنيه $4443.71
الجنيه الذهب 47240 جنيه 47080 جنيه $1000.08
الأونصة بالدولار 4443.71 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى