بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

واشنطن بوست: افتتاح المتحف المصري الكبير يعزز الضغوط لاستعادة تمثال نفرتيتي

 المتحف المصري الكبير
مريم صالح -

في قلب العاصمة الألمانية، حيث يزور مئات الآلاف من الأشخاص سنويًا متحف "نيوز" لمشاهدة تمثال نفرتيتي، يقف التاريخ والفن معًا في معركة سياسية وثقافية تُثار على مدار عقود، حيث يظل تمثال الملكة الفرعونية، الذي يُعتبر أحد أشهر وأهم التحف الفنية في العالم، محل جدل كبير بين مصر وألمانيا حول حق ملكيته والمكان الذي يجب أن يُعرض فيه.

ففي عام 2007، عندما زارت مونيكا حنا، وكانت آنذاك طالبة دراسات أثرية مصرية، برلين لأول مرة، كان تمثال نفرتيتي أول ما جذب انتباهها. فقبل أن تُسجل وصولها إلى الفندق، اندفعت إلى المتحف لتستمتع بمشاهدة التمثال الذي يبلغ عمره نحو 3,400 عام. وقالت: "كنت في غاية التأثر. كيف يمكن أن تكون هنا؟ إنها في المكان الخطأ". تلك اللحظة العاطفية كانت بداية لرحلة طويلة من النضال لاستعادة هذا التمثال، الذي يُعد واحدًا من أكثر الآثار المصرية شهرة في العالم -وذلك بحسب مقال لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وتقود مونيكا حنا التي تُعد الآن من أبرز علماء الآثار المصريين، حملة لاستعادة التمثال إلى مصر. وقد دخلت هذه الحملة في السنوات الأخيرة مرحلة جديدة، بعد افتتاح "المتحف المصري الكبير" في الجيزة، الذي يُعتبر رمزًا لقوة مصر في حماية تراثها وعرضه بالشكل الذي يليق به. فقد قال الدكتور زاهي حواس، أحد القادة البارزين في هذه الحملة: "مصر الآن قادرة على عرض وحماية تراثها بشكل يضاهي المتاحف العالمية" مؤكدًا أن التحديات القديمة حول قدرة مصر على حماية آثارها قد سقطت مع افتتاح هذا المتحف العملاق.
يذكر أنه تم اكتشاف تمثال نفرتيتي عام 1912 على يد العالم الألماني لودفيغ بورشاردت في موقع تل العمارنة جنوبي مصر. ورغم أن القوانين المصرية في تلك الفترة كانت تنص على تقاسم الاكتشافات بين علماء الآثار المصريين والألمان، إلا أن بورشاردت احتفظ بالتمثال وأخفى قيمته الحقيقية. هذا الفعل أثار تساؤلات حول كيفية وصول التمثال إلى ألمانيا، ليصبح بعدها رمزًا للجمال والأنوثة في مصر القديمة.
ورغم احتجاجات مصر المتزايدة لاستعادة التمثال، ترفض السلطات الألمانية إعادته فحسب فريديريكه سايفريد مديرة متحف مصر في برلين"النقل هو القضية الأساسية" والتمثال، وفقًا لها "حساس للغاية ولا يمكن نقله لأسباب تتعلق بالسلامة" وهي الحجة التي يعززها المتحف الألماني باعتبار أن تمثال نفرتيتي يمثل "قلب" متحف برلين، ويعد جزءًا أساسيًا من هويته الثقافية.
ورغم حملة استعادة التمثال التي يقودها علماء الآثار والمثقفون المصريون، فإن هناك آراء معارضة من بعض الزوار في برلين. يرى البعض أن التمثال يجب أن يبقى في ألمانيا ليظل رمزًا ثقافيًا عالميًا، بينما يرى آخرون أن إعادته إلى مصر قد تفتح "صندوق باندورا" لاستعادة المزيد من الآثار المماثلة من المتاحف الأوروبية.
ورغم المعارضة الألمانية والتحديات السياسية، يبقى حلم استعادة تمثال نفرتيتي حيًا في قلوب العديد من المصريين وعلماء الآثار.
وتستمر الجهود الحثيثة من قبل مختلف الأطراف لاستعادة هذا الكنز الفرعوني إلى وطنه. ويبقى السؤال: هل ستنجح حملة استعادة تمثال نفرتيتي في تحقيق هدفها، أم سيظل هذا الأثر التاريخي في برلين لعقود أخرى قادمة.