انتحار ضابط شرطة إسرائيلى حرقا بعد إصابته باضطراب ما بعد الصدمة
توفى ضابط الشرطة الإسرائيلى السابق فيتالى ميشيف (45 عاما)، اليوم الأربعاء، متأثرا بجراحه البالغة بعد أسبوعين من إقدامه على إشعال النار فى نفسه أمام منزل مديرة إدارة إعادة التأهيل، وقد أثارت الحادثة صدمة وغضبًا فى الأوساط الإسرائيلية، وسط اتهامات رسمية وشعبية بسوء معاملة المصابين نفسياً وإهمال إعادة تأهيلهم.
انتحار ضابط شرطة إسرائيلى حرقا بعد إصابته باضطراب ما بعد الصدمة
فميشيف، الذى أصيب قبل أكثر من عقد من السنين فى أثناء خدمته فى الشرطة عندما تعرض لهجوم بحجر على رأسه من شخص مختل عقليا، شُخِّص لديه لاحقا اضطراب ما بعد الصدمة، قبل أن تتدهور حالته النفسية بشكل مأساوى، ووفقا لشهادات أصدقائه، كان ميشيف يشعر بأنه منبوذ ومهمل من قبل المؤسسة التى يفترض أن ترعاه. وقال صديقه أفيف ليفي: "أنا مصدوم. فيتال لم يكن يريد أن يؤذى أحدا، لكنه شعر أن الأبواب أُغلقت فى وجهه. المنظمات التى كان من المفترض أن تساعده تخلت عنه".
بعد الحادثة، نقل ميشيف إلى مستشفى "هداسا عين كارم" بحالة حرجة، تحت التخدير وجهاز التنفس الاصطناعى، إثر حروق شديدة غطت أجزاء واسعة من جسده، لكنه لم يتمكن من النجاة، وعبرت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "حزنها الشديد" للحادث، لكنها دافعت عن نفسها قائلة إن "اختياره لهذا الفعل الصادم والعنيف لم يكن حلا حتى فى حالات الأزمات القصوى".
إلا أن مراقبين يرون أن حادثة ميشيف تكشف فشلا مستمرا فى منظومة إعادة تأهيل المصابين نفسياً من أفراد الجيش والشرطة فى إسرائيل، رغم الوعود بالإصلاح التى أُغدقت بعد حادثة مشابهة عام 2021، حين أقدم الجندى السابق إيتسيك سعيديان على إشعال النار فى نفسه احتجاجا على سوء معاملة قدامى المحاربين، حيث كان يعالج من صدمة غزة.
وبرغم أن وزارة الدفاع أطلقت حينها برنامج إصلاح بعنوان "روح واحدة" لتوسيع نطاق علاج المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، كشف تقرير لمراقب الدولة العام الماضى عن إخفاق الوزارة فى تنفيذ معظم بنود البرنامج واستغلال الميزانية المخصصة له، وذكرت صحيفة هآرتس فى وقت سابق أن 42 جنديا إسرائيليا قد انتحروا بسبب اضطراب ما بعد الصدمة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلى يرفض الكشف عن الأعداد الجديدة، لكن مصادر عسكرية أكدت وقوع سبع حالات انتحار منذ مطلع العام الحالى بسبب استمرار الحرب والضغوط النفسية المصاحبة لها، وذكرت المصادر أن بعض الجنود الذين انتحروا دفنوا دون مراسم عسكرية أو إعلان رسمي، فيما تتزايد التقارير عن تجنيد مصابين بأمراض نفسية وباضطرابات ما بعد الصدمة فى صفوف الاحتياط لتعويض النقص فى القوى البشرية.
وبحسب التقديرات، فإن أكثر من 9 آلاف جندى يتلقون حاليا علاجا نفسيا منذ بدء الحرب، بينما تشير بيانات وزارة الدفاع إلى أن نحو 43% من الجرحى العسكريين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، مع توقع علاج نحو 100 ألف جندى بحلول عام 2030، وأبلغ مصدر عسكرى هآرتس بأن الجيش "يقاتل بما يتوفر"، فى إشارة إلى اضطراره لتجنيد جنود "ليسوا فى حالة نفسية طبيعية" نتيجة العزوف عن القتال وتفاقم الصدمات النفسية بين صفوف القوات العائدة من غزة.
