في ذكرى رحيله الـ25.. فؤاد باشا سراج الدين.. سيرة وطن ومحطات فارقة في تاريخ مصر

تحل خلال أيام الذكرى الخامسة والعشرون لوفاة الزعيم الوطني فؤاد باشا سراج الدين، أحد أعمدة الحركة الوطنية المصرية، ومؤسس صحيفة الوفد عام 1984، التي كان لي شرف العمل بها. رحل في أغسطس عام 2000، بعد مسيرة سياسية ووطنية حافلة، ترك خلالها بصمات خالدة في تاريخ مصر الحديث، من النضال ضد الاحتلال، إلى تأسيس مؤسسات وطنية، ودعم حقوق العمال، وتمكين الفلاحين، وتكريس قيم العدالة الاجتماعية.
ولد فؤاد باشا سراج الدين في الثاني من نوفمبر عام 1910 بقرية كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول عام 1931. بدأ حياته المهنية وكيلاً للنائب العام، ثم محاميًا حتى عام 1935، قبل أن يلتحق بالهيئة الوفدية التي ستشكل مسيرته لاحقًا.
دخل التاريخ كأصغر نائب في البرلمان، وأصغر من تولى منصبًا وزاريًا، حين عُين وزيرًا للزراعة عام 1942 عن عمر يناهز 31 عامًا. تدرج في المناصب الوزارية، من الزراعة، إلى الشؤون الاجتماعية، فالداخلية، ثم المواصلات، فالمالية، وكان من أبرز من تولوا وزارة الداخلية خلال الحقبة الليبرالية.
واجه فؤاد باشا سراج الدين محنًا كثيرة بسبب مواقفه السياسية، فاعتُقل عدة مرات، بدءًا من عام 1952 وحتى عهد الرئيس السادات في سبتمبر 1981، لكنه ظل صلبًا في مواقفه، مدافعًا عن مبادئه، ومؤمنًا بالحرية والديمقراطية.
ومن أبرز إنجازاته الوطنية رفضه الإنذار البريطاني في 25 يناير 1952 حين كان وزيرًا للداخلية، وهو الموقف الذي مهد لمجزرة الإسماعيلية البطولية، وأصبح لاحقًا يوم الشرطة المصرية. كما أسهم في تمويل الفدائيين في منطقة القناة، وكان له دور أساسي في إلغاء معاهدة 1936.
في المجال الاقتصادي والاجتماعي، أصدر قوانين العمال والنقابات، وقانون الكسب غير المشروع، وفرض ضرائب تصاعدية على كبار ملاك الأراضي، وساهم في تأميم البنك الأهلي الإنجليزي وتحويله إلى بنك مركزي وطني. وكان أول من اقترح مجانية التعليم، ونقل الخدمات الزراعية إلى قلب الريف دعمًا للفلاح المصري.
تولى رئاسة حزب الوفد بعد عودته للحياة السياسية عام 1978، وظل في موقعه حتى رحيله في 9 أغسطس 2000، تاركًا خلفه إرثًا من النضال والتاريخ المشرف.
رحل فؤاد باشا سراج الدين بجسده، لكن تاريخه الوطني الحافل يظل حاضرًا في الذاكرة المصرية، كأحد رموز النضال والكرامة الوطنية. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.