”وداعًا لرهبة الامتحان الواحد”.. ”البكالوريا المصرية” نظام بديل يفتح أبواب المستقبل أمام الطلاب

وزير التعليم يعلن ميلاد نظام بديل للثانوية العامة: أكثر مرونة وأقل ضغطًا
في لحظة فارقة بتاريخ التعليم المصري، وقف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور محمد عبد اللطيف، أمام أعضاء مجلس النواب ليعلن رسميًا عن ميلاد نظام جديد يُعيد تشكيل ملامح المرحلة الثانوية، ويكسر "تابوه" الامتحان المصيري الوحيد الذي طالما أرّق الطلاب وأسرهم لعقود.
نظام "البكالوريا المصرية" جاء ليُعيد الثقة في المنظومة التعليمية، ويمنح الطلاب فرصًا حقيقية لاكتشاف الذات، وتحقيق الحلم، والوصول إلى مستقبل يتناغم مع متغيرات سوق العمل الحديث، عبر فلسفة جديدة ترتكز على المرونة، وتكافؤ الفرص، وتنمية المهارات.
البكالوريا المصرية: حلم يتحقق بعد 45 عامًا من الانتظار
خلال مشاركته في الجلسة العامة لمجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، أكد وزير التعليم أن تعديلات قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، والتي وافقت عليها لجنة التعليم والبحث العلمي، تُعد خطوة إصلاح عميقة تتماشى مع طموحات الجمهورية الجديدة، وعلى رأس هذه التعديلات، يأتي استحداث نظام "البكالوريا المصرية" كبديل اختياري للثانوية العامة، بما يحمله من تغيير جوهري في طريقة تقييم الطلاب.
النظام الجديد سيتاح أمام طلاب الصف الأول الثانوي بداية من العام الدراسي 2025 - 2026، ويتكون من مرحلتين: تمهيدية في الصف الأول، ورئيسية في الصفين الثاني والثالث، وبذلك يتحول التعليم الثانوي من "رهبة الامتحان الواحد" إلى فرصة متكررة للتعلم والتطور والتحسين.
مسارات جديدة.. خيارات متعددة تناسب طموحات كل طالب
ما يميز نظام البكالوريا المصرية هو تنوع مساراته التعليمية. في الصف الثاني والثالث الثانوي، يستطيع الطالب أن يختار من بين أربعة مسارات رئيسية، الطب وعلوم الحياة، والهندسة وعلوم الحاسب، والأعمال، والآداب والفنون، وبذلك يتمكّن الطالب من التخصص في المجال الذي يناسب ميوله وقدراته، وسط منظومة تعليمية أكثر مرونة، وأقل ضغطًا نفسيًا.
مواد أقل.. وامتحانات متعددة لتحسين الدرجات
أكد الوزير أن فلسفة البكالوريا ترتكز على تقليل عدد المواد الدراسية إلى ست فقط، بالإضافة إلى مادة التربية الدينية، مما يُخفف العبء على الطلاب ويمنحهم فرصة للتركيز العميق، ليس هذا فقط، بل يُتاح للطلاب أكثر من فرصة لتحسين نتائجهم، 4 محاولات في الصف الثاني الثانوي، ومحاولتان في الصف الثالث الثانوي، ويُسمح للطالب باختيار أعلى درجات حصل عليها، ما يُقلل من التوتر، ويكسر حاجز "الخوف من الفشل".
مناهج تواكب العصر.. وتطبيق البرمجة كجزء من التعليم الأساسي
يشمل نظام البكالوريا مواد تجمع بين الهوية المصرية والعلوم الحديثة. في الصف الأول الثانوي، يدرس الطالب، التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق، اللغة الأجنبية الأولى، ومواد خارج المجموع: اللغة الأجنبية الثانية، البرمجة وعلوم الحاسب، هذه المناهج الجديدة تُسهم في إعداد جيل متسلح بالمعرفة والمهارات الرقمية التي باتت حجر الزاوية في سوق العمل الحديث.
وداعًا للثانوية العامة التقليدية.. بداية لعدالة تعليمية حقيقية
قال الوزير بوضوح إن نظام الثانوية العامة الحالي - الذي يعتمد على امتحان واحد لتحديد مصير الطالب - لم يعد ملائمًا، ووصفه بـ"القاسي"، موضحًا أن الدراسة المقارنة مع أكثر من 20 نظامًا تعليميًا عالميًا أثبتت أنه لا يوجد أي نظام ناجح يعتمد على الفرصة الواحدة فقط.
وأوضح أن الوزارة بالتعاون مع المركز القومي للبحوث التربوية، و120 خبيرًا من كليات التربية، درست النماذج الدولية الرائدة، ليخرج هذا النظام الجديد للنور بناءً على معايير عالمية، وخبرات علمية دقيقة.
تأكيدات نيابية ودستورية: إصلاح التعليم وفق أعلى المعايير
من جانبه، شدد وزير التعليم على أن التعديلات المقترحة تلتزم بنصوص الدستور المصري فيما يخص التعليم قبل الجامعي، وتضمن العدالة وتكافؤ الفرص، دون المساس بمبادئ الشفافية والمساواة. وأضاف أن التوافق بين الحكومة ومجلس النواب على هذه التعديلات هو رسالة اطمئنان لكل أسرة مصرية تبحث عن تعليم أفضل لأبنائها.
قانون جديد.. لمستقبل جديد
وافقت لجنة التعليم بمجلس النواب على التعديلات بشكل نهائي، بعد دمج وتعديل المواد: 4، 6، 18، 24، 36، 37، واستحداث مواد جديدة بأرقام: 28، 37 مكرر (1) إلى (3)، لتنطلق منظومة تشريعية جديدة تدعم الإصلاح الجذري لمنظومة التعليم المصري.
الوزير يختتم كلمته برسالة طمأنينة: التعليم سيكون بوابة الحلم لا عبئه
في ختام كلمته أمام البرلمان، وجه الدكتور محمد عبد اللطيف رسالة إلى الطلاب وأسرهم، قائلاً: "نسعى لبناء تعليم عصري يليق بمصر وشبابها، تعليم يُنمي العقل، ويُحفز الإبداع، ويصنع الفارق. البكالوريا المصرية ليست مجرد نظام بديل، بل فلسفة جديدة ستجعل من الثانوية العامة خطوة لبداية الحلم، لا نهايته".
نظام "البكالوريا المصرية" هو بداية حقيقية لتعليم أكثر عدالة وواقعية، يُعلي من قيمة الطالب، ويمنحه فرصة للحياة لا للنجاح فقط. ومع تعديلات قانون التعليم، تبدأ مصر في طي صفحة الماضي، وفتح أبواب المستقبل لجيل جديد من الطلاب المؤهلين للمنافسة عالميًا بثقة وكفاءة.


