مصر و روسيا.. 80 عاما من العلاقات الراسخة ونموذجا للتكامل السياسي والاقتصادي

تطورت العلاقات المصرية الروسية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وشهدت زخما كبيرا علي كافة الأصعدة والمستويات سواء سياسياً واقتصادياً وحتي عسكرياً، وظهر ذلك جليا منذ ثورة 30 يونيو 2013، فالعلاقات المصرية-الروسية شهدت نقلة جديدة في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اذ أعلنت موسكو مراراً أن مصر هي أكبر حليف استراتيجي لموسكو بالمنطقة .
وتتميز العلاقات بين البلدين بالتعاون الاستراتيجي في مختلف المجالات، ويعكس هذا التعاون المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بين البلدين، ويأتي في إطار السياسة الخارجية المصرية التي تهدف إلى تنويع الخيارات وتعزيز الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، ويأتي ذلك في ظل التطورات الإقليمية والدولية والتحديات المشتركة التي تجابه البلدين.
ومع الظروف الدولية التي يغلب عليها عدم الاستقرار والاضطرابات ازدادت قوة ومتانة العلاقات بين القاهرة و موسكو ارتباطًا وثيقا، إذ كان لتلك الظروف السياسية دوراً كبيراً في التقارب بين البلدين الحليفين.
وتنعكس قوة العلاقات بين البلدين من خلال الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، وآخرها زيارة السيد الرئيس السيسي إلي موسكو للمشاركة في احتفالات عيد النصر في التاسع من مايو، وذلك تلبيةً لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
العلاقات الاقتصادية
عززت كلا من مصر وروسيا تعاونهما الاقتصادي من خلال مذكرات تفاهم في مجال الاستثمار والتعاون الدولي، خاصة في إطار عضوية كلاهما في مجموعة بريكس كما تعد المنطقة الصناعية المصرية الروسية من الفرص الاستثمارية الواعدة.
وفي عام 2015 وقّعت الحكومة المصرية والروسية اتفاقية تعاون تقضي بإنشاء موسكو أول محطة نووية تضم أربعة مفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة الضبعة، ويتضمن العرض الروسي، أفضل الأسعار التمويلية الخاصة بأفضل تمويل وفترة سماح أو فائدة.
ويعتبر مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية إنجازًا كبيرًا يعكس الجهود المصرية في مجال الطاقة النووية فمصر تمثل الشريك التجاري الأول لروسيا في أفريقيا، بنسبة تعادل 83% من حجم التجارة بين روسيا والدول الإفريقية غير العربية.
ووصلت عدد الشركات الروسية في مصر الي 467 وهي تعمل بمجالات مختلفة مثل البترول والغاز، كما أن المنطقة الصناعية الروسية في مصر يتوقع أن تضخ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وتوفر 35 ألف فرصة عمل.
كما يمثل المشروع الصناعي المصري الروسي في شرق بورسعيد خطوة نحو انطلاقة استثمارية واعدة، تجعل من مصر منصة محورية
للمنتجات الروسية في الأسواق العالمية.
العلاقات السياسية
تتسم العلاقات المصرية الروسية بأنها نموذجًا للتكامل السياسي والاقتصادي يخدم مصالح البلدين ويعزز الاستقرار الإقليمي والدولي في ظل الصراعات والاضطرابات التي تؤثر سلبا علي الأمن والاستقرار الإقليميين ، والعلاقات المصرية الروسية متجذرة منذ عقود طويلة، فمصر كانت من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وطوال السنوات الماضية اكتسبت العلاقات بين البلدين زخمًا استثنائيًا رغم التحديات الإقليمية والدولية.
وحقق التعاون بين مصر وروسيا نتائج ملموسة عادت بالنفع على الطرفين، حيث شهدت الفترة الأخيرة توقيع صفقات كبيرة في المجالات العسكرية والتنموية، مما يعكس نموًا في الاستثمارات بين الدولتين ، فروسيا ترى في مصر شريكًا استراتيجيًا هامًا بفضل دورها الإقليمي الفاعل مع دول الجوار، خاصة في مناطق التوتر مثل سوريا وليبيا، مما يعزز التعاون المشترك ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين.
وتتشارك مصر وروسيا في العديد من المواقف حول القضايا الإقليمية، مثل مكافحة الإرهاب والاستقرار في الشرق الأوسط ، كما أن هناك تعاونًا أمنيًا وعسكريًا بين البلدين.
والجدير بالذكر أن سياسة التعددية في العلاقات الدولية وفتح مسارات التعاون والشراكات مع العديد من دول العالم يثبت صحة الرؤية الاستراتيجية للدبلوماسية الرئاسية المصرية.
العلاقات الثقافية
ازدهرت العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا من خلال التبادل في مجالات الفنون والعلوم والتعليم ، إذ أن العديد من الطلاب المصريين يتلقون تعليمهم في روسيا، وتوجد برامج تبادل طلابي تعزز التفاهم والتعاون بين البلدين ،و بشكل عام تتميز العلاقات المصرية الروسية بقوتها وتنوعها، وتستند إلى تاريخ طويل من التعاون المشترك والاحترام المتبادل، مما يعزز الروابط بين الشعبين ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مختلف المجالات.