بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمالى يكتب.. ديون مصر بين التهويل والتأصيل

فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمحلل المالى
-

هل غرقت مصر في الديون أم مازالت الديون في الحدود الآمنة! ؟؟
من أكثر المواضيع التي يكثر فيها اللغط وبشكل خاص عند الحديث عن إقتصاد مصر هي مسألة الديون وخاصة الدين الخارجي، والسبب في ذلك هو الإعلام المعادي لمصر، الذي ينتهج سياسة التهويل والمبالغات في هذا الموضوع على وجه التحديد لإن هذا الموضوع وبفعل فاعل أصبح هو الشغل الشاغل والوسواس والهاجس والخطر الذى يَمَس المواطن بشكل مباشر !!!، والغرض من ذلك هو إحداث حالة من الغضب الشعبي داخل مصر ليتمكن الطرف " الذى يصف نفسه بأنه مُعارِض " من تحقيق أهدافه التخريبية.
وللحديث بعيدًا عن المبالغات والتهويلات، سنتحدث من منظور إقتصادي بحت، نـؤَصِل ونُـفصِل ونوضح من خلاله وفى نقاط سريعة: لماذا الديون على مصر لا تحتاج إلى كل هذا التهوي ؟؟؟
من يسمع أراء بعض الأشخاص عن الديون المصرية يظن إن مصر هي الدولة الوحيدة التي تستدين في العالم، وإنه لا توجد دولة في العالم تأخذ القروض سوى مصر ! وهذا الامر غير دقيق ، فجميع الدول بما فيها الدول المتقدمة إقتصاديًا لديها ديون أكبر من مصر!

فالديون لا تقاس بـحجمها، بل تقاس بـنسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

الناتج المحلي الإجمالي المصري عام 2021 بلغ حوالي 402 مليار دولار.
كما أن الدين الخارجي على مصر بلغ 137 مليار دولار.
مما يعني ان نسبة الدين الخارجي الى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 33.2%، مما يعني ان معدل الإستدانة المصرية في الحدود الآمنة طبقًا للبنك الدولي.
حيث يصنف البنك الدولي الدولة التي تصل ديونها إلى نسبة +60% من الناتج المحلي تكون وصلت إلى مرحلة الخطر
ومن المرجح أن تقل هذه النسبة اكثر واكثر مع تزايد الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القادمة، والذي من المتوقع أن يصل في عام 2027 إلى 638 مليار دولار.
خطر الديون يحدده توقيت سدادها، هل هي ديون طويلة الآجل أم قصيرة الآجل.
يعد إجمالي الدين الخارجى المصري 137 مليار دولار، منها 123.3 مليار دولار ديون طويلة الأجل، أي ان تسديدها يكون على المدى البعيد.
و13.7 مليار ديون قصيرة الآجل، أي انه يتوجب سدادها خلال العام الحالي.
هدف الدولة من الإستدانة ؟
هل تستدين الدولة بغرض إنشاء مشاريع تحقق عوائد مادية، ام تستدين من أجل تستديد الرواتب وإستيراد السلع؟
الواقع أن مصر تسعى جاهدة الى تحقيق الإكتفاء الذاتي في السلع الإستراتيجية وتوطين الصناعة بمختلف أشكالها واتخاذ العديد من الإجراءات لتقليل الإستيراد.
مما يعني أن مصر تستفيد من أموال القروض في تمويل مشاريع تحقق ارباحًا في المستقبل تستطيع الدولة من خلالها تسديد الديون.

هل هناك شكوى واحدة بحق مصر من أي مؤسسة تمويلية دائنة لمصر؟
لايوجد.
بل إن جميع مؤسسات التصنيف الإئتمانى تصدر تقارير تشيد بقوة الاقتصاد المصرى وقدرة مصر على الوفاء بجميع إلتزاماتها المالية وتحقيق قفذات تنموية تعجل بتحقيق أهداف خطة 2030 قبل التواريخ المحددة بها، وليس هناك من دليل أقوى على ذلك من قدرة الاقتصاد المصرى وعلى مدار ثلاث سنوات متتالية على التصدي للآثار السلبية لجائحة كورونا والأزمة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرابية.

هل البنوك والمؤسسات المالية والصناديق الإستثمارية التي أقرضت مصر"تلقى بأموالها فى المجهول" ؟؟
مصادر التمويل والإقراض الدولية والإقليمية هي مؤسسات إقتصادية يقوم على إدارتها نخبة من خبراء وعلماء ورواد إقتصاد وتمويل واستثمار وهم معنييون بتحقيق الفائدة للمؤسسات التي يعملون بها من أجل مصلحة استمرارهم في وظائفهم ومصلحة المساهمين والمالكين لتلك المؤسسات، ولذلك (دون تفصيل) قبل الموافقة على منح أو إعطاء قرض تجرى دراسات إقتصادية واستثمارية دقيقة من جانب المؤسسة التي تعطى قرض لدولة ما، وبالطبع قبل طلب القرض تقوم الدولة المستدينة بنفس الدور.
قديماً قالوا " إذا كان المتحدث أهبل :: لازم يكون المُستمع عاقل"
وحديثاً يقولون: "إذا كان المتحدث ...؟؟.. :: لازم يكون المُستمع واعي"

كاتب المقال فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمحلل المالى