بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الامبراطور المرعب .. وسبب بناء سور الصين العظيم

سور الصين العظيم
كتب د. حربي الخولي -

تشين شي هوانج كان ملكا لولاية تشين من 246ق.م إلى 221ق.م وإمبراطورا لأسرة تشين من 221 قبل الميلاد إلى 210 ق.م وحد ولايات الدول الصينية الست الكبرى المتصارعة المتنافرة من خلال حروب تشين للتوحيد، وادخل عليها إصلاحات هائلة أكتسحت الفساد والأنحلال والتفكك الذي دام أكثر من 500 عام.

بعد جلوسه على عرش الصين قام تشي بسرعة شديدة بادخال تعديلات جوهرية لما يجب أن تكون علي باقي الولايات من وحدة واستقرار انضباط، وقام بتقسيم دولته إلى 36 ولاية جعل لكل منها حاكماً مدنياً وجعل لها جيشاً. وعين لكل جيش قائد. ثم أنه جعل هذه المناصب بالتعيين وليست وراثية.

وعلى الرغم من ذكائه في اختيار القادة وحكام الولايات ربط البلاط ربطاً محكماً، وتوحيد الصين والموازين والمقاييس وأحجام العربات وأشكال الحروف. فإنه أرتكب أحد أكبر حماقات التاريخ، فقد احرق كل الكتب التي في عصره ولم يستبق إلا بعض الكتب عن الزراعة والصناعة.

أما سياسته الخارجية فكانت هي الأخرى عنيفة، فقد كان على علاقة متينة بجيرانه، كما أن جيوشه لم تتوقف عن غزو البلاد الأخرى الواقعة في الشمال وضمها إلى الصين ثم أنه ربط الأسوار الواقعة على حدود الصين بعضها ببعض، فكان سور الصين العظيم، الذي ما يزال قائماً حتى اليوم وكان السبب الحقيقي في تشييده إصابة الامبراطور بفوبيا الموت فكان حريص على بناء جدران ومتاريس حول قصره ثم فكر في بناء سور اعظم حول بلاده حتى لا يدخل العدو فيقتله فقد كان يخشى الموت بشدة بسبب تعرضه لمحاولات اغتيال كثيرة جدا فبسبب هذه الحروب الكبيرة فقد فرض ضرائب كبيرة على الناس، فكرهه الناس، وكان من الصعب إسقاطه، لذلك حاول الشعب اغتياله. ولم يفلخ أحد في ذلك عانى هوانج من رعب شديد من الموت وقد أراد أن يعيش ويحكم للأبد، فاتخذ قرارات منها عدم وجود أي سلاح مع اي احد في حضرته وبناء سراديب كثيرة جدا تحت قصره وكان لا يبيت ليلتين في مكان واحد ويعدم فورا من يفشي مكان نومه او يكتشفه وقد سعى للحصول على مشورة مختلف الأشخاص منهم فلاسفة وكيميائيون ومشعوذون، ولكن تبيّن في نهاية الأمر أنّ لذلك نتيجة عكسيّة، فبدل أن يطيل “إكسير الحياة” عمر الحاكم أدى إلى تقصيره استمر هوانج في بحثه حتى أعطاه أحد المشعوذون حبوب زئبق كحلٍّ مؤقت ريثما تصبح خلطة الإكسير جاهزة لكنّ تناول الملك للزئبق يوميّاً أدى إلى إصابته بالتسمم ودفعه نحو حافة الجنون شيئاً فشيئاً. أصبح هوانج في نهاية الأمر منعزلاً عن العالم كما أنه أخفى نفسه عن الجميع ما عدا بضعة من رجاله المقربين، وقد أمضى أيامه يتحدث إلى ”الكائنات النقيّة"،حسب قوله قام هوانغ في تلك الفترة بإصدار العديد من الأوامر الغريبة، مثل الأمر بدفن العديد من العلماء والباحثين وهم على قيد الحياة، واصدر امرا بقتل الحيتان في البحار لان احد المشعوذين ذكر له ان احدها سيخرج ويقتله كما قام بنفي ابنه الذي كان الوريث المباشر له أدى الزئبق في نهاية الأمر للقضاء على حياة هوانغ وقد توفيّ في سنٍّ مبكرة نسبياً إذ لم يكن قد تجاوز 49،عاما.

توفي الحاكم في أثناء قيامه بجولة بين المقاطعات، وقد اكتُشفت جثته في مقصورته الملكية –والتي كانت منزلاً مصغراً على عجلات –من قبل كبير حرسه والذي نقل الخبر بسريّة إلى المستشار الإمبراطوري الموثوق لي سي كان ذلك في العاشر من سبتمبر عام 210 ق.م. تكتّم الثنائي على خبر موت الإمبراطور بل واستمروا بالتظاهر بأنه حيّ يرزق إذ كان يتم إرسال الطعام والتقارير الرسميّة إلى المقصورة كلّ يوم، ولأجل أن يخفوا رائحة الجثة والتي بدأت بالتفسخ بمرور الوقت قاموا بوضع عربتي أسماك أمام وخلف المقصورة بالطبع لم يكونا قادرين على التظاهر للأبد لكن لي سي لم يرغب أيضاً بأن يصل الابن الأكبر للإمبراطور إلى كرسي الحكم بسبب علاقته السيئة معه وخوفاً من أن يقوم بعزله، وهكذا قام بتزوير وثيقة تأمر ولي العهد فوسو بأن ينتحر بالإضافة لجنراله المفضل مينغ تيان ورتبّ لأن يستلم الحكم شخصٌ مضمون أكثر هو الابن الاصغر اير شي وقد تمّ ذلك لكن سرعان ما أن استلم اير شي مقاليد الحكم لم يكن قادرًا على إدارة البلاد مثل والده واندلعت الثورات بسرعة.كما كان عهده مليء بالاضطرابات المدنية وانهار كل شيء بناه الإمبراطور هوانغ في غضون فترة قصيرة وقد قامت إحدى محاولات التمرد الفوري وقامت انتفاضة 209 ق.م بقيادة تشن شنغ ووو غوانغ.

ويذكر ان الامبراطور تشي هوانغ بني لنفسه مقبره عظيمه حوت ثمانية آلاف تمثال من الصلصال لجنود وخيول وعربات حربية وقيل انه فعل ذلك لاعتقاده بإمكانية قيامه بعد الموت ومعاودة حكمه للبلاد.