بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

عبد الحميد كمال عضو مجلس النواب السابق يكتب.. السويس وبورتوفيق .. تاج اكتوبر

عبد الحميد كمال عضو مجلس النواب السابق
-

اعترف قادة اسرائيل بالهزيمة مبكراً عندما تم انزال العلم الاسرائيلي من فوق النقطة القوية الحصينة الاولي والاقوي فى خط بارليف من الناحية الجنوبية فى منطقة بورتوفيق .

حيث هذا الموقع الفريد كان يمثل تهديداً مباشراً لمدينة السويس ومنطقة بورتوفيق ومناطق الزيتيات التى بها معامل البترول كما أنها النطقة الحصينة التى لها تأثير مباشر على منطقة " الجزيرة الخضراء " وسط خليج السويس والقاعدة البحرية فى الادبية ومن هنا جاء اهتمام اسرائيل بتلك النقطة الحصينة على موقع لسان بورتوفيق.

ولأهمية الموقع تأكد مبكراً الجيش المصري وفى القلب منه الجيش الثالث الميداني " المجموعة 127 صاعقة بالفرقة 19 " وكانت التحدي واضحاً فى خطورة حصن بورتوفيق فقد تم دراسة الموقع مبكراً بالمراقبة بالنظر المستمر خلال الفترة من مارس وابريل عام 1969 من أجل الحصول على المعلومات لمعرفة نوع الاسلحة وعدد الجنود وآلياتهم العسكرية وما حول الموقع من تحصينات تشمل الاسلاك الشاملة والالغام والمتاريس ، فضلا عن نوعية التحصينات من شبكات الدبش الصخري الجرانيتي والرمال المتصاعدة فى قمة اللسان

وقد تم تحليل المعلومات ووضع خطة للهجوم على لسان بورتوفيق وقد بدأت بالاشتبكات اثناء حروب الاستنزاف للعدو ورغم التحديات والصعوبات الكثيرة حيث المياه البحرية وعمليات المد والجزر التى كانت تصل الى ما يزيد من 30 سم بالاضافة لسرعة التيارات المائية البحرية فى المنطقة علاوة على التهديدات بمواسير مادة النابالم الكيمائية الحارقة التى اعدتها اسرائيل لقتل كل من يحاول عبور القناة.

وقد قام ابطال الجيش الثالث الميداني فى الايام الاولي من الحرب من قوات الصاعقة والاجهزة المعاونة لها بالهجوم على الموقع وتحقيق خسائر حيث تم نقل 40 جندياً وأسر جنديين اخرين.

وقام العدو بالاشتباك بالطيران الاسرائيلي فى رد فعل على الهجوم وكان ذلك متوقعاً من قواتنا المسلحة ومرة أخري بدأت التحضيرات مجدداً للقضاء على النقطة الحصينة الاسرائيلية " لسان بورتوفيق " بالسويس .

وقامت قوات الجيش الثالث الميدني بدراسة معلومات العدو داخل وخارج النقطة الحصينة وتوقعات النجدة والمساندة الخارجية لها.

حيث كان يحتل لسان بورتوفيق الحصين مجموعة سرية مظلات مدعمة بفصيلة دبابات وعدد 24 مدفعاً رشاشات و12 مدفع مع تمركز قوات الاحتياطي.

ومنذ أول يوم للهجوم الشامل لحرب اكتوبر فى اليوم السادس كان الهدف واضحاً للكتيبة 43 صاعقة والمجموعة 127 تحت قيادة الجيش الثالث ومعاونة الفرقة 19 حيث بدأت المعارك شرسة استخدم فيها 9 قوارب مطاطية وعدد من البواسل من الجنود والضباط.

وقد ادرك قائد الحصن الاسرائيلي الملازم أول " شلوموا اردينست " خطورة الموقف ، وبعد أن تم محاصرة النقطة القوية الحصينة وتوقف الدعم الاسرائيلي بسبب اشتعال الجبهة بالكامل من اول السويس وحتي بورسعيد والى العمق فى كل سيناء وأصبح الجنود الاسرائيلين داخل النقطة الحصينة فى بورتوفيق فى سجن اجباري بعد أن قتل منهم 5 جنود واصابة 20 جندياً اسرائيلي وأخرين حيث المعارك الطاحنة والهجوم الكثيف على الموقع .

ومع قلة الذخائر للجنود الاسرائيلية وحصارهم طالب شلوموا اردينست قائد الموقع الاسرائيلي النجدة والامداد الا انه لم يجد استجابة بسبب أن قيادة المنطقة الجنوبية الاسرائلية ذاتها كانت فى حالة هلع بسبب هجوم المصريين المفاجئ والغير متوقع .

واستمر شلوموا الاسرائيلي فى المقاومة .. رافضاً الاستسلام رغم تحزيرات المصريين بضرورة تسليم الحصن وانه محاصر وسوف يواجه الموت وهو ومن معه .

أثناء ذلك كان " شلوموا " الاسرائيلي قائد النقطة الحصينة ببورتوفيق ينادي ويطالب النجدة عبر الاجهزة اللاسلكية الاسرائيلية وفجأة جاء الرد من القيادة الجنوبية ومن قائده الاسرائيلي " شئول جنين " بل ومن " شارون " نفسه الذي كان يقود العمليات للمنطقة الجنوبية ناحية السويس ( اذ لم نستطيع خلال 24 ساعة ارسال تعزيزات عليكم الاستسلام ) كان داخل الحصن 42 جنيدياً اسرائيلياً و 5 قتلي و 20 مصاباً وجريحا باصابات بالغة.

وقد اجري قائد الموقع الاسرائيلي شلوموا عبر عددة مكالمات التقتطها القوات المصرية ( انني لن استسلم رغم اني محاصر والجيش المصري يطالبون التسليم ) وجاء الرد حزيناً من القيادة الاسرائيلية ( سلم نفسك وأطلب الصليب الاحمر ) .

وأمام الحصار المحكم لابطال الجيش الثالث الميداني من الصاعقة والمقاتلين ابطال الفرقة 19 وامام تعفن حالات الجثث الاسرائيلية داخل الموقع والحالة المتردية للمصابين وعدم وجود اي امداد او نجدة للموقع بسبب شارسة النيران المصرية وبات موقف القوات الاسرائيلية فى الحصن فى وضع لا تحسد عليه لعدم قدرتها على الهروب او بسبب عدم تمكنهم من أي امداد او نجدة بالمساعد العسكرية .

ولان نيران المعارك مشتعلة بطول المواقع على ارض سيناء الذي تكبد فيها العدو خسائر فادحة وامام لجنة الصليب الاحمر الدولية ووجود المخابرات العسكرية المصرية لم يجد الضابط الاسرائيلي سوي أن يقبل بانزال العلم الاسرائيلي طوعياً ويقوم بتأدية التحية العسكرية للمقاتل المقدم زغلول فتحي وهو يتسلم العلم الاسرائيلي ويرتفع العلم المصري على النقطة الاول فى الترتيب على خط بارليف من ناحية السويس والاقوي من ناحية جنوب القناة وقد تم اسر 42 جنديا اسرائيلين وتسليم 5 جثث بالاضافة الى المصابين ويسجل التاريخ يوماً مشهوداً للعسكرية المصرية ورجالها الابطال من الجيش الثالث الميداني.

ولعل الملفت للنظر هو أهتمام كل وكالات الانباء العالمية بنشر صور تسلم الموقع ولعلها الصورة الاشهر باعتبارها الانفراد بين صور الحرب فى اكتوبر حيث دخلت معركة تحرير لسان بورتوفيق بالسويس من ايدي الاسرائيليين التاريخ من أوسع ابوابه بسبب اول موقع اسرائيلي فى حرب اكتوبر يستسلم وينزل العلم الاسرائيلي ويرتفع اول علم مصري وهو ما يعني علامات النصر الاولي فى حرب اكتوبر.

وتبقي تحية للشهداء والابطال الذي ساهمو وشاركوا فى هذه المعركة الهامة التى مر عليها 48 عاماً ويبقي أخيراً أن نتذكر أن الراحل الشاعر عبد الرحمن الابنودي قد كتب قصيدة عن " بورتوفيق " قبل تحرير النقطة القوية مبشراً بالنصر ... جاء فيها

بورتوفيق
اضربوها في صدري يا ديابة النهارده وكل يوم
شيعوا الدانا عليا
مصر جاية
زي جيش الموج فى ليلة عاصفة
تغسل الرمل بدماكم
وتطاردكم .. للعدم
مصر جاية
مصر جاية
كل خطوة حماسة وصوت قدم
اتهدم
اصبح رماد
تتهدم نصف البلد
بكره تطلع السويس شجرة كافور
ضلها مرمي على سينا وشط القنال
الكنال أغلي البحور
وبورتوفيق فى ضي العين

ومن هنا جاء تاج نصر اكتوبر

كاتب المقال عبد الحميد كمال عضو مجلس النواب السابق