بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفي محمد ابو المجد يكتب.. مصر بين خط بارليف وسد النهضة

الكاتب الصحفي محمد ابو المجد
-

بين الأزمتين مسافة زمنية تتجاوز الأعوام الأربعين.. خط بارليف كان يمثل عائقًا جبارًا يحول دون استرداد مصر لأرضها السليبة.. وظنت
إسرائيل، لسنوات، أنها اغتصبت حق مصر للأبد، وانتزعت سيناء، ولن يستطيع المصريون إعادتها على الإطلاق، حتى فوجئت إسرائيل، والعالم كله، بأنَّ خير أجناد الأرض ينتفضون ويحطمون القيود، ويدمرون أقوى مانع صناعي في العالم، ويعبرون قناة السويس، بكل جسارة وفدائية، ويقهرون الجيش الذي لا يُقهر، في 6 ساعات، ويمحون عار هزيمة 1967.. بعد أن نفذت القيادة المصرية أزكى خطة خداع عرفتها الدنيا.
ما سجله التاريخ عن مصر والمصريين، منذ انتصارهم في معركة مجدو، ثم موقعة قادش، فعين جالوت، فحطين، ثم المنصورة.
وفي العصر الحديث جاءت معركة أكتوبر المجيدة لتثبت للعالم أجمع أن مصر والمصريين لا ينهزمون.. قد يصيبهم الفشل مرة، وقد يتراجعون أمام التحديات خطوة، لكنهم لا يلبثون حتى يستعيدون رباطة جأشهم، ويستمسكون بالإرادة التي لا تقهمر، والعزيمة التي لا تلين، يهزمون أعتى الجيوش وأقوى الأنظمة.
من يقرأُ التاريخَ يدرك بسهولة بالغة أن أية مؤامرة تُحاك ضد مصر والمصريين مألها إلى زوال.. ومن ثمَّ فإن معركة "سد الخراب"، المُسمى زورًا "سد النهضة"، سينتهي، بلا جدال، لصالح مصر، ولن يتمكن الأحباش، ومن وراءهم، من المساس بمصدر حياة المصريين.
وكما انتصرنا في معركة أكتوبر، ودمرنا خط بارليف، سيواجه السد الإثيوبي نفس المصير.
الفارق الزمني بين الأزمتين، صنع فارقًا في أسلوب التعامل.. هذه المرة تحتاج الأزمة إلى التفكير الهادئ، والتروي، والتصرف بحكمة وأناةٍ.. من هنا لجأ الرئيس عبد التفاح السيسي، الذي جمع بين قوة ونزاهة عبد الناصر، ودهاء السادات، إلى الدبلوماسية والتفاوض، وكسب الرأي العام العالمي، وإدخال القوى العالمية، والمنظمات الدولية كأطراف في المشكلة، ولم تفلح الضغوط الرهيبة، داخليًّا وخارجيًّا، في جعله ينساق إلى الحل الأسهل، وهو استخدام القوة العسكرية، وهذا أيسر الحلول، كان من الممكن أن ينهي الأزمة في ساعات، ومصر تمتلك المقدرة على ذلك، لكن الآثار الجانبية لن تنمحي بسهولة، ويمكن للأعداء، ما أكثرهم، استغلال ذلك ي الترويج ضد مصر، وإظهارها بمظهر المعتدي، وإثارة كراهية وأحقاد الأفارقة ضدنا.
ومن غير المشكوك فيه أن السد الإثيوبي يعاني من عيوب جسيمة، وهو مهدد بالانهيار في أية لحظة، لدرجة أن رئيس الوزراء آبي أحمد علي، بذل كل ما في وسعه لاستفزاز مصر؛ أملًا في أن ينهدم السد على أيدينا، لا بصورة طبيعية، ليظهر في ثوب الضحية، بدلًا من أن يعاقبه شعبه على الكارثة التي يسوق بلاده إليها.
سد الخراب سينهار، مثلما انهار بارليف الحصين، ولكن هذه المرة سيكون الانهيار تلقائيًّا، وساعتها سيندم الإثيوبيون أشد الندوم؛ لأنهم لم يحسنوا استيعاب دروس التاريخ: "ما رماني رامٍ، وراح سليمًا .. من قديمٍ.. عناية الله جندي".

كاتب المقال الكاتب الصحفى محمد ابو المجد مدير تحرير جريدة الاحرار.. والامين العام لاتحاد الإعلاميين الأفروآسيوي