بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

عبد الرحيم علي فى مقال نشره موقع ”فالير اكتويل” الفرنسى الشهير:  السد الأثيوبي يهدد بإشعال إفريقيا

كتب عوض العدوى -

عبد الرحيم على: إثيوبيا تجاوزت الخط الأحمر بقرار الملء الثاني للسد ..
وعلي أوروبا وأمريكا التدخل قبل فوات الأوان


عبد الرحيم علي: أديس أبابا تسعي لاستخدام المياه كأداة اقتصادية واستراتيجية لتركيع وإفقار المنطقة المجاورة لها

نشر موقع "فالير اكتويل" الفرنسى الشهير، مقالاً كتبه خصيصاً للموقع الدكتور عبد الرحيم على رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس "CEMO" ورئيس مجلس إدارة وتحرير "البوابة نيوز".

وقال الدكتور عبد الرحيم على، فى مقاله: إن إثيوبيا تجاوزت الخط الأحمر عندما قررت بدء المرحلة الثانية لملء خزان سد النهضة المقرر تنفيذه في يوليو المقبل بما يؤدي لكوارث بالمنطقة.
وأكد على أنه "يجب على العالم المتحضر في أوروبا وأمريكا أن يتدخل سريعا بهدف ايقاف عملية الملء الثانى للسد والإشراف على مفاوضات جادة تجبر اثيوبيا على الرضوخ لصوت العقل قبل فوات الأوان".
وأضاف أنه "منذ فترة طويلة سيطرت التوترات حول التحكم في المياه على ملف الجغرافيا السياسية، ففي كل مرة يتوصل فيها المسئولون إلى إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم يظهر التصرف بأنانية بما لا يؤدي مطلقا إلى نتائج إيجابية بين الطرفين .. مصيفا ان اثيوبيا تدفع باتجاه حرب قد تدمر افريقيا بالكامل وتهدد السلم العالمي بأكمله.
والى نص المقال:

هذا السد الأثيوبي الذي يهدد بإشعال إفريقيا

يتبقى حوالي شهران على التحذير الذي وجههته مصر والسودان لأثيوبيا من أجل أن تتراجع لعملية الملء الثاني لسد النهضة والمقرر لها يونيو المقبل ويحوم في الأفق، أكثر من أي وقت، مضى شبح الحرب بين الدولتين مصر وأثيوبيا.. ويشرح لنا هنا الصحفي ورجل السياسة ورئيس مركز "الثنيك تانك" مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس (السيمو) الدكتور عبد الرحيم علي المخاطر التي قد تنتج من هذا النزاع المحتمل كما يوضح أيضا ضرورة تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لإنهاء تلك الأزمة.
ففي الوقت الذي تصر فيه أثيوبيا على المضي قدما في خطتها لبدء المرحلة الثانية لملء السد، حذرت مصر من اتخاذ اديس ابابا لخطوات احادية فيما يتعلق بتلك الأزمة طالبة من المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لإنهاء تلك الازمة التي قد تتسبب في اندلاع حرب كبرى في المنطقة تضر بالسلم العالمي بشكل عام.
ومنذ فترة طويلة ، سيطرت التوترات حول التحكم في المياه على ملف الجغرافيا السياسية. ففي كل مرة يتوصل فيها المسئولون إلى إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم إلا أن التصرف بأنانية لا يؤدي مطلقا إلى نتائج إيجابية بين الطرفين. للأسف ، يلوح في الأفق حرب ذات أبعاد لا حصر لها تشمل مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى.. ولا ننسى أنه في إطار لعبة التحالفات بين الدول، هناك 8 دول أفريقية أخرى لا ترى تلك التوترات بل تكاد تنكرها تماما.
لسنوات عديدة، لم تستمع إثيوبيا إلى جيرانها ، بما في ذلك أكبر دولة في المنطقة ، مصر - التي تعتمد على النيل منذ العصور القديمة .. وأصرت أثيوبيا على موقفها من خلال مواصلة مشروع السد دون مراعاة الاحتياجات الحيوية ومصالح شركائها القلقين من العواقب الوخيمة تخفيض حصتهم من مياه النيل. لقد تجاوزت أديس أبابا الخط الأحمر الذي يؤدي إلى كوارث عندما قررت بدء المرحلة الثانية لملء خزان سد النهضة المقرر تنفيذه في يوليو المقبل. حقيقة حذرت مصر مرارًا وتكرارًا من تلك الإجراءات الأحادية ، داعية المجتمع الدولي ، وخاصة الولايات المتحدة ، إلى محاولة تجنب الحرب.
وقد بدأت الازمة في التكشف منذ إبريل 2011 حينما أتخذت أديس أبابا قرارا أحاديا يقضي باستخدام مياه النيل الأزرق في تغذية سد مائي عملاق تحت ذريعة توليد الكهرباء في أفريقيا، بينما هي تسعى لتغيير قواعد اللعبة فيما يتعلق بقضية المياة وتدشينها باعتبارها سلعة قابلة للبيع.
وحذرت القاهرة منذ عدة سنوات أن هذا المشروع الذي لم يدرس جيدا ولم تدرس أبعاده سيقلل من مياه النيل بنسبة 25% وهو ما سيكون له تأثيره على الزراعة والأمن الغذائي المصري.
خاصة أن النيل يعتبر " شريان الحياة بالنسبة للمصريين" فهو المصدر الوحيد للمياه.
فقد أقام المصرى القديم منذ سبعة آلاف عام حضارتة على ضفاف النيل وحفر الترع والقناطر والسدود، بل وتم توصيل مياه النيل الى داخل المعابد، وتوسعت مصر في الزراعة والتعدين والتجارة، اعتمادا على حصتها من المياة البالغة ٥٥.٥ مليار متر مكعب فى العام والتي لم تتغير منذ اتفاقية ١٩٥٩ ، على الرغم من بلوغ التعداد السكاني في مصر ١٠٥ مليون نسمة ( كان تعداد مصر ٣٠ مليون نسمة وقت توقيع الاتفاقية) أى حوالى ٥٠٠ متر مكعب فى السنة للفرد الواحد، بما يعادل نصف الحد الأدنى للفقر المائى الذى حدده البنك الدولى.
فإذا اجرينا مقارنة بسيطة نجد أن أثيوبيا يسقط على ارضها الف مليار متر مكعب من الامطار سنويا ويتوفر بها اكتر من اثنى عشر نهرا بالاضافة الى النيل الازرق والسوباط وعطبرة، وتستغل اكثر من ٦ سدود فى توليد الكهرباء وفي الزراعة.
وهو ما يجعل اثيوبيا هي الدولة المارقة في تلك الازمة وليس مصر.. هذه الأزمة التي تضر بمصالح حيوية لمصر وشعبها. وخلال دراسة لدارتموث كولدج، فإن 35% من سكان حوض النيل سيعانون من جفاف مائي من الآن وحتى 2040 ويمثل هذا السد تهديدا وجوديا لتلك الدول.
المفاوضات والتعنت الاثيوبي:

حقيقة تحاول الأمم المتحدة والولايات المتحدة منذ أسابيع تهدئة الوضع بين جميع الأطراف ودفع الجانبين للتوصل إلى اتفاق. وقامت واشنطن بتعيين جيفري فيلتمان مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي..
وتنصب المفاوضات الحالية الخاصة بالسد بين مصر والسودان وأثيوبيا حول عمليتي الملء والتشغيل، طبقا لاعلان المبادئ الموقع بين الاطراف الثلاثة عام ٢٠١٥، بينما تحاول اثيوبيا جر المفاوضات نحو اتفاقات سابقة لم تكن هي طرفا فيها كاتفاقيتي عام 1929 وعام 1959 اللتان تنظمان التعاون بين دول حوض النيل فيما يتعلق باستخدام مياة النهر.
وتتجاهل عمدا اتفاقية 1902 الحدودية التى تلزمها بعدم إقامة اية منشآت على النيل الازرق، أو اقليم شنقول الذي كان متازع عليه وتنازلت عنه السودان بموجب تلك الاتفاقية شريطة الا يقام على تلك المنطقة بالكامل اية منشآت او سدود تضر بالسودان، الذي كان يتبع الحكومة المصرية آنذاك.
الأمر الذي يوضح مدى التناقض وعدم الاتساق في الموقف الاثيوبى ، الذى يتحدث عن رفض اتفاقيات لا علاقة له بها، وينكر ويتنصل من اتفاقية ملزمة له .
ان اثيوبيا وهي تسعى الى رفع القدرة التخزينية للسد من ١٤ مليار متر مكعب الى ٧٤ مليار متر مكعب دون وجود جدوى حقيقة لذلك فى توليد الكهرباء وبما يعكس الشكوك فى عدم حسن النوايا لاستخدام السد فى اغراض اخرى بخلاف توليد الكهرباء. على عكس ما تتشدق به حول الاستخدام المنصف والعادل للمياة.
ان الاستخدام المنصف الذي ينص عليه اتفاق المبادئ في البند رقم ٤ يعني تحقيق الفائدة لإثيوبيا من خلال توليد الكهرباء ، وليس اقتطاع حصة من المياه، لأن هذا يتعارض تماما مع البند رقم ٣ من ذات الإعلان الذي ينص على عدم الحاق الضرر بدول المصب ( مصر والسودان) .
كما أن موضوع تقاسم المياه الذى تتحدث عنه اثيوبيا، لا علاقة له بمفاوضات السد ، ولم تطرحه إثيوبيا إلا فى العام الماضي ٢٠٢٠ عندما انتقل التفاوض لرعاية الاتحاد الأفريقى، وهو موضوع خارج نطاق اعلان المبادئ الموقع بين كافة الاطراف في عام ٢٠١٥، بل ويؤدى إلى نقضه وفسخه بالكامل، لأنه ينسف البند رقم 3 القاضي بعدم الحاق الضرر بدول المصب.
ان كل ما يصدر عن إثيوبيا من كذب وتضليل ولى لعنق الحقيقة ، مصدره هو التصور الاثيوبى بملكية الانهار التى تنبع من الهضبة الإثيوبية ، وسعيهم لاستخدام ذلك كأداة اقتصادية واستراتيجية لتركيع وافقار كل المنطقة المحيطة بهم بمنع المياه عنها .
ثم توظيف كل ذلك فى أحداث خلل فى التوازنات الاستراتيجية القائمة فى القرن الأفريقى وحوض النيل وإحراز التفوق لصالح إثيوبيا، تمهيدا لبناء امبراطوريتهم بالتوسع فى أراضى السودان وغيره من الدول المحيطة بهم، وإعادة احتلال إريتريا للنفاذ إلى البحر والتحول إلى دولة محورية لا تكتفى بالتحكم فى الانهار وانما ايضا فى ملتقى البحار ومدخل البحر الاحمر .
ولذلك ترفض إثيوبيا بشدة أى اتفاق ملزم حول السد، لكى تكون مطلقة السراح فى تنفيذ مخططاتها التى لا تستطيع الإفصاح عنها حاليا، وان كانت تفعل ذلك جزئيا بما يتناسب مع المرحلة التى قطعتها فى التنفيذ.
شبح الحرب
ولكن اثيوبيا تعرف أن اي خرق لاتفاق اعلان المبادئ الموقع بين كافة الاطراف في عام ٢٠١٥ سوف يعرضها لمشكلات كبيرة ، حيث يحق لمصر حينها اتخاذ ما تراه من إجراءات تكفل لها عدم المساس بحصتها من مياه النيل بما في ذلك استخدام القوة او اعلان الحرب.
ورغم كل ذلك، أريد أن أؤكد حقيقة مهمة أنه في حال اندلاع حرب بين الأفارقة، فإن الغرب ، وخاصة جنوب أوروبا ، وأيضًا الولايات المتحدة ، التي تشعر بالقلق من ظهور الجهاد والقرصنة مجددا في القرن الأفريقي ، لهم مصلحة حقيقية في تكوين تحالف قوي مع مصر؛ التي تعتبر الحليف الرئيسي لفرنسا والولايات المتحدة في المنطقة.
يجب على الغرب أن يدفع إثيوبيا إلى التعقل في تصرفاتها؛ ففي تلك المنطقة من العالم ، والتي تبدأ من جيبوتي ، والتي تحتوي على قواعد للقوات الغربية، مرورا بمضيق باب المندب ، والذي تمر من خلاله ناقلات الحاويات ، بين إفريقيا والخليج.. وتمتد تلك المنطقة أيضا لتصل إلى قناة السويس مرورا بالبحر الأحمر وجميع الدول. في الحقيقة، تواجه دول حوض النيل مخاطر أمنية وإرهابية، لم يسمع بها من قبل، تهدد المصالح الاستراتيجية والاقتصادية.
عندما نرى إلى أي مدى تسبب أسبوع واحد من سد قناة السويس ، في مارس 2021 ، في ذعر الاقتصاد العالمي ، أو كيف تسببت حالة عدم الاستقرار في ليبيا، التي كان يسيطر عليها القذافي، في انتشار الفصائل الجهادية في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والساحل.. هنا يمكننا أن نتخيل أهمية الجيوسياسية.
لا شك أن الانفجار الاجتماعي والأمني ​​الناتج من المجاعات ، والضغط المائي، وتدمير السدود يؤدي منطقيا إلى عملية نزوح جماعي.. ليتجه الملايين من الأشخاص التعساء نحو الشمال ، أو تقوم تركيا وأردوغان باستغلال هؤلاء المهربين والإرهابيين الفارين من ليبيا.
في الحقيقة لا يمكن استبعاد تلك السيناريوهات الأكثر سوادا. وأود أن أوضح أن السلام لا يزال حتى الآن في تلك المنطقة مكتسبا هشا وضعيف.
لذلك يجب على العالم المتحضر هنا في اوروبا وامريكا ان يتدخل سريعا بهدف ايقاف عملية الملء الثانى للسد والاشراف على مفاوضات جادة تجبر اثيوبيا على الرضوخ لصوت العقل قبل فوات الأوان.

وان كانت تفعل ذلك جزئيا بما يتناسب مع المرحلة التى قطعتها فى التنفيذ.
شبح الحرب
ولكن اثيوبيا تعرف أن اي خرق لاتفاق اعلان المبادئ الموقع بين كافة الاطراف في عام ٢٠١٥ سوف يعرضها لمشكلات كبيرة ، حيث يحق لمصر حينها اتخاذ ما تراه من إجراءات تكفل لها عدم المساس بحصتها من مياه النيل بما في ذلك استخدام القوة او اعلان الحرب.
ورغم كل ذلك، أريد أن أؤكد حقيقة مهمة أنه في حال اندلاع حرب بين الأفارقة، فإن الغرب ، وخاصة جنوب أوروبا ، وأيضًا الولايات المتحدة ، التي تشعر بالقلق من ظهور الجهاد والقرصنة مجددا في القرن الأفريقي ، لهم مصلحة حقيقية في تكوين تحالف قوي مع مصر؛ التي تعتبر الحليف الرئيسي لفرنسا والولايات المتحدة في المنطقة.
يجب على الغرب أن يدفع إثيوبيا إلى التعقل في تصرفاتها؛ ففي تلك المنطقة من العالم ، والتي تبدأ من جيبوتي ، والتي تحتوي على قواعد للقوات الغربية، مرورا بمضيق باب المندب ، والذي تمر من خلاله ناقلات الحاويات ، بين إفريقيا والخليج.. وتمتد تلك المنطقة أيضا لتصل إلى قناة السويس مرورا بالبحر الأحمر وجميع الدول. في الحقيقة، تواجه دول حوض النيل مخاطر أمنية وإرهابية، لم يسمع بها من قبل، تهدد المصالح الاستراتيجية والاقتصادية.
عندما نرى إلى أي مدى تسبب أسبوع واحد من سد قناة السويس ، في مارس 2021 ، في ذعر الاقتصاد العالمي ، أو كيف تسببت حالة عدم الاستقرار في ليبيا، التي كان يسيطر عليها القذافي، في انتشار الفصائل الجهادية في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والساحل.. هنا يمكننا أن نتخيل أهمية الجيوسياسية.
لا شك أن الانفجار الاجتماعي والأمني ​​الناتج من المجاعات ، والضغط المائي، وتدمير السدود يؤدي منطقيا إلى عملية نزوح جماعي.. ليتجه الملايين من الأشخاص التعساء نحو الشمال ، أو تقوم تركيا وأردوغان باستغلال هؤلاء المهربين والإرهابيين الفارين من ليبيا.
في الحقيقة لا يمكن استبعاد تلك السيناريوهات الأكثر سوادا. وأود أن أوضح أن السلام لا يزال حتى الآن في تلك المنطقة مكتسبا هشا وضعيف.
لذلك يجب على العالم المتحضر هنا في اوروبا وامريكا ان يتدخل سريعا بهدف ايقاف عملية الملء الثانى للسد والاشراف على مفاوضات جادة تجبر اثيوبيا على الرضوخ لصوت العقل قبل فوات الأوان.