بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

محمدالكعبي يكتب عن الطلاق والمعالجات العملية

-

بقلم محمد الكعبي
أخذ الطلاق ينتشر بشكل متسارع، وأصبح يهدد المجتمع على جميع المستويات، وأصبحت العلاقة الزوجية مضطربة لفقدانها مقومات الديمومة، لما شابها من نتوءات داخلية وخارجية بسبب الشيطان و الاعلام الفاسد والافكار الهجينة والبعد عن الدين الحنيف والفقر والحروب والحركات الدينية المتشدد والتيارات الفكرية المشوهة والنظريات المنحرفة والتعصب الجاهلي فكانت كلها متفقة على هدم الاسرة ، مما يستدعي التحرك الفوري وعلى جميع المستويات من الحد من ظاهرة الطلاق وسد أغلب الثغرات حفاظا على هذا الرباط المقدس.
اليوم في عصر التكنولوجيا ودخول الافلام والمسلسلات الغير هادفة والتي شغلت الناس، واخذت مساحة واسعة من حياة الافراد حتى انشغل كل شخص بعالمه الافتراضي متناسياً زوجه واولاده.
بناء الاسرة والمحافظة عليها اخذ من فكر الانسانية الكثير وقد أولت رسالة السماء اهتماماً واسعاً به فسنت القوانين والتشريعات من أجل المحافظة عليها، والطلاق من تلك الحلول التي وضعها الشارع المقدس وان كان مبغوضاً ليحفظ الانسان كرامته وحياته، واجازته الشريعة ليكون حلا مناسباً عندما تتعسر الحياة الزوجية ويصعب الاستمرار بها، ومما يؤسف له أن أصبح للطلاق حفل خاص تدعو فيه المطلقة الاصدقاء والاقارب للاحتفال به، حيث اصبح التفرق والتشتت وضياع الاولاد مداعاة للسعادة.
ينبغي المساهمة في مكافحة هذا الوباء المعدي والذي أخذ ينخر الأسرة والمجتمع لما فيه من مخلفات على مستوى الفرد والمجتمع والتي تدلي بضلالها على الساحة الاجتماعية بكل تفاصيلها وعلى جميع المستويات، فأحببت الاشارة إلى بعض المقدمات التي يمكن ان تكون عاملاً مساعداً لاستقرار الأسرة وتحد من نسبة الطلاق ، لاسيما انها تساعد الازواج على تخطي اغلب المشاكل ومنها:
* حضور الوازع الديني و معرفة الاحكام الشرعية الابتلائية التي تخص الاسرة مهم في حياة الانسان لتحصينه من ارتكاب الحرام والظلم، لابد اختيار الشريك المناسب من حيث الكفاءة مع مراعاة الانسجام والثقافة، وتوفر الاحترام المتبادل بين الازواج عامل مهم يجب عدم تجاهله، ويجب تخفيف المهور وتخفيف أعباء الزواج والمساهمة في تسهيل الحصول على بيت مناسب أو فرصة عمل أو منحة مالية للمتزوجين الجدد تعينهم على بداية حياتهم الجديدة، وان كانت مسؤولية الحكومة لكن لا يمنع من المساهمة في حل هذه المشكلة الكبيرة .
* الثقة المتبادلة بين الازواج ضرورية جداً، والابتعاد عن الشكوك والهواجس والغيرة المفرطة لأنها من المقدمات الخطرة، والمحافظة على خصوصياتهما وعدم اخراجها، لأن أفشاء الاسرار يسمح بتدخل الاخرين، كما قيل(اذا خرجت الاسرار دخلت المشاكل) .
* الطاعة للزوج وفق المقاييس الشرعية، وعلى الرجل الابتعاد عن الاجحاف والتسلط والانانية، وعليه القيام بواجباته الشرعية والأخلاقية اتجاه أسرته، وعدم إيذاء احدهما الآخر بأي شكل من الأشكال ، وقد تصل في بعض الموارد إلى الحرمة، والحذر من التنكيل والتحقير فيما بينهما وعدم مقايسة احدمها بالآخرين كان يقول احدهما للآخر، فلانة أجمل وفلان اغنى وهكذا.
* ينبغي استخدام أجهزة النقال ومواقع التواصل الاجتماعي بطريقة عقلانية ايجابية تنسجم مع ديننا واعرافنا وان لا تكون أكبر همنا وتشغلنا عن أسرتنا وواجباتنا، بل وصل بالبعض انه تزوج الانترنت وطلق أسرته.
* لابد من توفر البعد المعنوي والعاطفي بين الزوجين، ويعتبر الاشباع الجنسي مع مراعاة كل منهما ظرف الاخر من الناحية النفسية والصحية عامل استقرار مهم بين الزوجين، لابد من الابتعاد عن الاهمال بكل اشكاله ويجب الاعتناء بالنظافة والترتيب على المستوى الشخصي والبيتي لكليهما لأنها مدعاة للأنس والراحة، أن الهدية والكلمات اللطيفة والمهذبة لها وقع في القلب ولها آثار ايجابية عظيمة.
* ينبغي معرفة قيمة وطبيعة الزواج و الاسرة، والتكيف مع الحياة الجديدة، إن الانسان بعد الزواج ليس كما قبله، الاصدقاء والعزوبية مرحلة، والزواج مرحلة جديدة ينبغي فهمها لكي لا تكون سبب في المشاكل، ان معرفة الزوجين بما لهما وما عليهما من واجبات وحقوق لكي لا تتداخل الوظائف فتضيع الاسرة في صراع اثبات الوجود .
* ينبغي الصبر والتحمل عند مرور الاسرة بحالة العوز المالي خصوصاً الزوجة التي تطلب بعض الحاجات مع عجز الزوج عن تحقيقها، مشاركة والمساهمة في ادارة البيت والتعاون بين الزوجين في شؤون المنزل من العوامل المساعدة في زرع المحبة والمودة كما للزوج الاجر العظيم كما ورد في الروايات الشريفة.
* من الضروري اخضاع المتقدم للزواج إلى دورات تثقيفية مكثفة تؤهلهم للزواج وتكون تحت اشراف مشترك من رجال دين، واجتماع، واطباء، وقانونيين، وأمن، واعلام، ويلزم الشخص المتقدم للزواج من جلب وثيقة تخرج لكي يسمح له بالزواج .
* الحوار الهادئ وترك العناد والصوت المرتفع بين الازواج مدعاة للاستقرار، وينبغي توفر الصراحة والصدق والامانة بينهما مع حفظ الخصوصيات، والتسامح وغفران الذنوب مهم في استمرار الحياة الزوجية، مع الابتعاد عن المخدرات والمسكرات لأنها مدعاة إلى ضياع المال و الاسرة وتشتتها وتفرقها.
* الزواج التوافقي المنسجم الذي يتم باختيار الطرفين يكتب له الديمومة غالباً، أما الزواج الاجباري بسبب ظرف معين أو من قبل الاهل يكون عرضة للتفكك، عدم السماح بالتدخل السلبي من قبل الأهل والاقرباء والاصدقاء بخصوصيات الزوجين لما له من تداعيات خطيرة من حيث تشعب المشكلة وتوسعها وتعدد الآراء مما يؤدي إلى صعوبة حلها.
* لابد من سن قانون يسمح بالمطلقة الرجعية بالبقاء في بيت المطلق لفترة العدة، عسى أن تكون سبب في رجوع المياه إلى مجاريها.
أعلم عزيزي القارئ أن شريك الحياة ليس معصوماً فكما عنده سلبيات كذا عنده ايجابيات وانت كذلك، علينا النظر إلى الخير ونطوره وننميه ونتغافل عن السيئات ونتجاوزها، وأعلم أن النقص حالة بشرية طبيعية، ولابد من التحمّل والصبر لكي تستمر الحياة، ويجب ان يسمو الانسان بأخلاقه ويتعالى عن الصغائر ويعفو ويغفر ولا يشدد على الصغيرة والكبيرة، لأن التشديد يؤدي إلى النفرة والتباغض.
ما ذكرناه محاولة بسيطة لحل ومعالجة مشكلة اجتماعية أخذت حيزاً من تفكيرنا، وتناولنا بعض المعالجات المختصرة و التي نعتقد إن مراعاتها تساهم بشكل فاعل في ديمومة الحياة الاسرية واستقرارها، و بسبب ابتعادنا عن التعاليم الاسلامية وتمسكنا بمفاهيم بديلة ونظريات هجينة تحولت العلاقة بين ابناء المجتمع إلى علاقة ضعيفة جافة حتى أصبحت الاسرة مهددة بالضياع وهذا خلاف مراد الله سبحانه، أن غاية الاسلام أن ينتج اسرة متماسكة متحابة يعمها المودة والرحمة لتنشئة جيل يحمل على عاتقه مسؤولية قيادة الركب الانساني والحمد لله رب العالمين.