بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

هبة سامى: تكتب الكذب ملوش رجلين

-

كلما مضيتَ في الكذب قدماً اعتدت عليه وباتت نفسك تقبله، وصرتَ تتقنه، قد يرى البعض أن الكذب ربما يكون حلا سريعا ومخرجا سحريا للهروب من موقف أو من بعض الإجابات ،أو إخفاء واقع مرير لطالما حاول دفنه كى يحظى بقبول اجتماعى ، لكنهم  لا يدركون فى النهاية أنه مهما وصلت براعتهم فى إخفاء  الحقائق فإن ‘الكذب "مالهوش رجلين" وكما يقولون،الصدق نجاة والكذب هلاك 

مأساة الكذّاب كما يراها الكاتب الشهير برنارد شو ليست في أنّ أحداً لا يُصدّقه وإنما في أنه لا يُصدّق أحداً فيرى الناس بعين طبعه وليس أسوأ في نظري من الكذب والكذابين ، وبداية شرارة عادة الكذب تبدأ من الصغر فإن نشأ الطفل في بيئة يُمارس فيها أفراد أسرته الكذب فإنه بالتالي قد يتطبّع بهذه العادة المقيتة ويصبح كذابا بالاكتساب، وحتى بعد أن يكبر الصغير ويعرف أن حبل الكذب قصير يستمر في الكذب بكل ألوانه وأهدافه لأنه يصعب التخلّص من هذه العادة، بينما يعتبر العرب الكذب نقيصة الرجال فقال شاعرهم : ودعِ الكذوب فلا يكن لك صاحِباً ..  إن الكذوب لبئس خِلاً يَصْحَبُ 

وهناك أمثال شعبية قيلت كثيرا عن الكذب منها " الكدب مالوش رجلين" و"ماينوب الكداب الا سواد وشه" و"شمعة الكداب ماتنورش" و"الكداب تتحرق داره" و"كداب كدب الابل"،  " أنا لا أكذب ولكنى أتجمل" ، "حبل الكذب قصير" 

لقد إستمعت الى  أغنية "كداب يا خيشة كداب أوى".. الأول قلت هل هناك كداب نص نص، وكداب أوى؟، وهل فيه كداب ساعات وصادق ساعات والاَّ الكداب كداب على طول؟! 

خلاصة القول، إن الواقع يثبت لنا أن بعض الأكاذيب الصغيرة تفتح الباب لكوارث كبيرة، من ذلك ما حدث مؤخراً من أن شاباً دون العشرين تعرف إلى سيدة تجاوزت الأربعين، وتردد عليها في منزلها سراً، ولما لاحظه بعض الجيران، أخبرته السيدة أنها «حامل» لعله يسرع بالزواج منها، ولأنه بلا خبرة، لم يدرك أنها تجاوزت سن الحمل ولم يطرأ عليها أي تغيير جسماني يشي بأنها حامل، وللتخلص من تلك الورطة قام بخنقها في السرير؛ وأثبت الطب الشرعي أنها لم تكن حاملاً، وفقدت حياتها وتحققت الفضيحة التي تخوفت منها، وفقد هو حريته بسبب تلك الكذبة «البيضاء» ترى ماذا لو كانت كذبة «سوداء»؟ 
 نذكر تلك القصة القصيرة ،حيث التقي أثنان اشتهرا بسرد الروايات المبالغ فيها فوق برج القاهرة فقال الأول: هل تري المرأة الجميلة الواقفة بجانب هرم خوفو، فرد الثاني، أيهما تقصد التي تغمض عينيها أم التي تفتحهما. 

ونسرد قصة أخرى ، كان الصدق والكذب جاران , وكان لكل منهما دكان ، كان الصدق يبيع ويشتري بأمانة , وكان يحب الناس ولا يتأخر عن معاونة من يحتاج المعونة ،فأحبه الناس ووضعوا ثقتهم فيه , لصدقه وأمانته , لذلك إزدهرت تجارته ،أما الكذب فكان غشاش مخادع منافق يكره الناس ولايحب الخير إلا لنفسه ،وكان يدعي حب الناس وهو يكرههم، ولكن الناس تستطيع ان تفرق بين الصدق والكذب , لذلك كرهوا غشه لهم , وآثروا التعامل مع الصدق , وانصرفوا عنه ، بدأ الصدق يزداد غنى والكذب يزداد فقرا , فكل من يكتشف كذبه , يتركه ويشتري من الصدق , 

أعلموا إن الاعتياد على الصدق يجعلك تشعر بالقوة والشجاعة والاطمئنان، عند تعاملك مع الآخرين، الصدق يحميك من التعرض للمتاعب التى يمكن أن يسببها لك الكذب، سواء الوقوع فى مكيدة البعض، الأمر الذى قد يدمر حياتك فيما بعد،  الصدق يجعلك تشعر بالبهجة والسعادة، لأنه يحررك من الشعور بالخوف لمعرفة الآخرين ما تخفيه من أمور، مما يؤثر بشكل إيجابى على حياتك الشخصية والنفسية، الصدق هو انعكاس لأفكارك ومشاعرك، إذا كنت تريد أن يعرف من حولك من أنت حقاً، يجب أن تكون صادقاً في تعبيرك عن ذاتك، مما يجعلك تكسب احترام وتقدير الآخرين لك.