بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى صالح شلبى ..يكتب إياكم وكسر الخواطر

-

 عندما يطرق آذننا مصطلح “عبادة” فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الصلاة والصيام وبر الوالدين وصلة الأرحام وغيرها من العبادات التي تتبادر إلى الذهن عادة، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير فضلها إلى أن هناك عبادات أصبحت خفية –ربما لزهد الناس بها وغفلتهم عنها- وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيراً من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة جبر الخواطر ، وتطييب النفوس،، والتي تدخل الفرح في نفوس المهمومين 

لذلك علينا الابتعاد عن كسر الخاطرالذى ربما نراة شيء بسيط ، لكنة  قد يحول حياة شخص كامل ويدمرها، إياك وكسر الخواطر .. فإنها ليست عظاماً تجبر بل أرواحٌ تقهر، فهى من أخطر ما يكون نفسيًا على الإنسان، ، ومن ثم فأن أي «كسر للخاطر» يجلب طاقة سلبية ويمنح صاحبها تكدير للنفس طوال اليوم، لإنة بالفعل  يكسر القلب مباشرة، ويطغي على من تعرض لذلك حالة نفسية صعبة ويأس يصعب الخروج منه، كما يصعُب إصلاح الزجاج المحطم، يصعب أيضًا جبر الخاطر المكسور،فإياكم إحراج إنسان، أو تصغيرة أمام الناس، أو إهانتة، أعلموا إن كل الكسور تلتئم إلا كسر الخواطر" 

والله عز وجل يقول مخاطبًا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: « فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ». 

ونعود الى عبادة جبر الخواطر ، وتطييب النفوس،، والتي تدخل الفرح في نفوس المهمومين  فهى من الاخلاق الكريمة ، وصفة من صفات المؤمنين، وهو عبادة جليلة ، وسهلة وميسورة ، أمر بها الدين ، وتخلق بها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، 

للأسف جبر الخواطر أكثر عبادة مهجورة بيننا الان ، نردد طوال الْيَوْمَ « جبر الخواطر على الله »و " ربنا يجبر بخاطرك "، دعوة نسمعها كثيرا ، و بشكل خاص من كبار السن ، و لكن قد لا يعلم  ،معناها كثيرون ، و لا يدركون سرها و عظمتها .فما المقصود بعبادة جبر الخواطر ؟ ،يقول الإمام سفيان الثوري: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم، ومما يعطي هذا المصطلح جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسني وهو “الجبار” وهذا الاسم بمعناه الرائع يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس فهو سبحانة الذِي يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخيبة والفشل بالتوفيق والامل ، والخوف والحزن بالامن والاطمئنان فهو جبار منصف بكثرة جبرة حوائج الخلائق .

وجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوسًا كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، فإن مراعاة أحوال الناس ونفوسهم وجبر خواطرهم، نوعٌ مِن حسن الخلق، وحسن الخلق مِن أجلِّ العبادات وأعظمها أجرًا عند الله -تعالى 

هيا بنا نتعبد إلى الله بهذه العبادة، فقبول الاعتذار مِن تطييب الخواطر، وإهداء الهدية مِن تطييب الخواطر، وتعزية أهل الميت مِن تطيب الخواطر، ومواساة المظلوم والمكلوم، والمريض والفقير والمسكين مِن تطييب الخواطر، وقد شرع الله الدية لأهل المقتول حفظـًا للنفوس وتطييبًا للخواطر أيضًا. 

فاجبروا الخواطرَ، وشاركوا المشاعرَ، واعلموا أنَّها عبادةً لا ينساها الله القوى القاهر وقديماً قالوا ،من سار بين الناس جابراً للخَواطرِ أدركَه اللهُ في جوف المخاطر، وجبر الخاطر لا يحتاج سوى إلى كلمة طيبة، أو دعاء، أو موعظة، وربما يحتاج الآخر لمساعدة وابتسامة.