بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

هبة سامى تكتب لبوابة الدولة الاخبارية ..مابعد كورونا العالم شيئا آخر

-

كوكب الأرض الذي يسكنه البشر جميعا ، العالم الذي لم نر غيره ، هو
عالم يملؤه الكثير من الضجيج ، حروب ، صراعات ، ثورات ، مؤامرات و مجاعات ،
و أصوات صراخ الفرح و الحزن و الشوق ، و أصوات نجاحات يخفيها هذا الكم
السابق من الشرور و الظلام ، هذا العالم الذي كانت
تتحكم فيه قوى عظمى إقتصاديا و عسكريا ، تساوت فيه الرؤوس حين أصاب ڤيروس
لا يرى بالعين المجردة الجميع دون استثناء ، لم يميز بين طبقات المجتمع و
لا المسؤولين والأفراد و الأطباء ، ولم يفرق حتى بين الديانات السماوية ولا
المعتقدات الأرضية ، أصاب من آمن و من ألحد
على حد سواء ، الجميع قريب من المرض و الموت ، فلا ثروات تحمي و لا مناصب
تجدي نفعا في إنقاذ أصحابها من الخطر ، بل هو قدر الله وحده و شيء من الحرص
و الأخذ بالأسباب ربما كفيل بالسلامة من الخطر ، و هنا تحديدا ظهرت  في
العالم وجوها كثيرة و إزدواجية لا مثيل لها و
لم نرها من قبل ...
دول تخلت عن شعوبها من أجل بقاء إقتصادها و أخرى إختارت موت كل شيء
سوى روح الإنسان التي قدسها الله و جعل إحيائها كمن أحيا الناس جميعا ، و
انكشفت فئات مجتمعنا الذي نعيش فيه فلم يحاول مد يد العون سوى قلة معدودة ،
بينما اختار رجال أعمال و مشاهير و غيرهم الإختباء
و الإختفاء محققين لمتابعيهم الحد الأعلى من الخذلان ، دولة كالصين ظهر
تعاون أفرادها لتجاوز الأزمة بنجاح بل و دعم دول أخرى بمساعدات طبية مادية و
بشرية و كأنها تعتذر للعالم عما تسببت به ، و مفارقات اخرى مضحكة كدولة
التشيك التي استولت على طائرة المساعدات الطبية
التي ارسلتها الصين لإيطاليا حين هبطت الطائرة على أرضها تنفيذا لمبدأ ما
يحتاجه البيت يحرم على الجامع ، و دول كمصر و روسيا  و أمثلة قليلة كانت
داعمة لغيرها في الأزمة ، و على جانب آخر من العالم الإتحاد الأوروبي الذي
تمنت دول الإنضمام إليه ، والذي راهن الكثير
على تماسكه و تعاونه بات ضعيفا وشيكا على الإنقسام ، تتخلى دوله عن بعضها و
كأن كل دولة تعيش وحدها على هذا الكوكب و انكشف أمر مبادئه حين أصبح
البؤرة الأكثر انتشارا لفيروس كورونا المستجد ، و رغم دعوات التكاتف و
التعاون بين الأفراد و المجتمعات و حتى الدول و لكن
صوت الأنانية قد علا كل شيء و أكاذيب الوهم بدت ظاهرة على دول عديدة رفضت
دعم أخرى ، بات الجميع يختار نفسه و ستنكشف مزيدا من الحقائق و الأحاديث
المزعومة كلما زاد الأمر سوءا ....
هذا الصمت و الظلام الذي أصاب العالم بين عشية و ضحاها أيقظ الكثير
من الضمائر بينما إستمرت أخرى في الموت ، هذا السكون الذي تعيشه الشوارع هو
بسبب احد الكائنات الحية التي كانت تعيش و تتكاثر داخل أجساد بعض الطيور و
الحيوانات لا تؤذي أحد قبل أن يصطادها الإنسان
بغرض أكلها ، لطالما كان الإنسان أكثر الكائنات تخريبا رغم العقل الذي
ميزه الله به ، ابتلاء الخوف هذا الذي نعيشه علم العالم درسا قاسيا لن
ينساه ، و بدل شيئا عظيما في أرواحهم  حين تساوى الجميع في الألم و الموت و
وضحت رؤية الفناء و الخلود ، سنرى بعد انتهاء الأزمة
عالما آخر من حولنا و لكن ، هل سيضع العالم في إعتباره أن حماية الجميع من
التلوث هو السلامة لباقي البشر ، هل سيعتبر العالم من كل هذا الفراغ الذي
يعيشه الآن ، هل ستقدر قوى هذا الكوكب قيمة الأمن الذي كانت تعيشه قبل ان
تصارع جميعها عدوا واحدا في آن واحد و بطرق
متعددة ، هل ستتوقف المؤامرات و الأطماع و يسعى العالم بصدق للسلام ، أم
سيولد في هذا العالم الجديد سلالات من كوارث قديمة تتسبب فيها أرواح أخرى
يسكنها الشر و الظلام ...